أول دين أدخل التوحيد إلي العالم هو الإسلام وهو سر قوة هذا الدين الذي يأمر بالعدل والإحسان ويؤمن بالعلم. ولقد اتسعت دولة الإسلام خلال القرن الثاني من الهجرة وبدأ الانقسام في القرن الثالث والرابع حتي حدثت الحروب الصليبية في القرن الخامس والسادس والسابع. أما القرن الثامن فشهد اقتتال المغول والترك علي ميراث العرب حتي القرن التاسع عند ضياع الأندلس عام 1492م، وسوف نقتصر في الحديث علي مصر التي استبدلت كل ما سبق من حضارات سابقة بالحضارة العربية. كانت مصر مطمعا للفاتحين منذ عهد الاسكندر عام 332ق.م ثم تولية سنوتر الحكم عام 304ق.م وبقيت البطالمة في الحكم نحو 274 عاما آخرهم كليوباترا التي هزمها أوكتافيوس عام 30ق.م وبعدها صارت مصر ولاية رومانية حتي عام فتح العرب لها في 640م. كانت الإسكندرية مركزا تجاريا وثقافيا ولكن مرت عليها حقبة سوداء في عهد القيصر تيودور الذي أمر بهدم جميع معابد وتماثيل مصر القديمة وتوالت الأعمال الوحشية حتي زمن الخليفة الثاني عندما أرسل عمرو بن العاص إلي مصر الذي لم يتعرض لعادات أهلها وديانتهم ولجأ الروم إلي الإسكندرية ودام حصارهم أربعة عشر شهرا فقد خلالها العرب ثلاثة وعشرين ألفا، وأقام فيها عمرو بن العاص بينما أنشأ الفسطاط علي شاطئ النيل وجعلها عاصمة لمصر وتوجه إلي بلاد النوبة. خضعت مصر خلال الفترة ما بين فتح العرب وبين فتح الترك لها عام 1517م أي عبر تسعمائة سنة إلي تسع دول هي علي التوالي خلفاء المشرق (639م- 870م) ثم الدولة الطولونية (870م- 905م) ثم بنو العباس (905م- 934م) وبعدها الدولة الإخشيدية (934م- 972م) ثم الفاطميون (972م- 1172م) وبعدها المماليك الأولي والثانية حتي قضي عليهم سليم الأول كي تصبح مصر ولاية تركية. استقت مصر حضارة العرب من نفس الينبوع الذي غمر كل الأراضي العربية وزاد علي ذلك تأثيرات من البيزنطيين. واتصف عهد الفاطميين ببلوغ حضارة العرب في مصر قمة الرقي خلال الفترة (مم- 1171م) طبقا لروايات المقريزي، وصف البيوت والقصور المطلية والمغطاة بالقيشاني والزخارف ولها أرضية من الفسيفساء المغطاة بالأبسط والأثاث المصنوع من الخشب المرصع بالصدف، كذلك القصور والمساجد وأشهرها قصر خمارويه وما فيه من أروقة وزخارف طيور وأسماك. ويحكي المقريزي عن الخليفة المستنصر وعن كمية النفائس التي كانت في عهده من البلور والذهب وبعض تماثيل الحيوانات من الذهب وخيمة من المحمل وكانت تلك الثروة من الحاصلات الزراعية ومن التجارة فيما بين الهند وجزيرة العرب، حيث تمر عبر الإسكندرية، ولقد نقص ذلك بعد اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح عام 1497م. ظلت القاهرة ذات طابع عربي مليء بالتزاحم، حيث ضمت القاهرة الفسطاط وتتميز بالمساجد الكبيرة منها جامع عمرو بن العاص الذي استعار الأعمدة من المباني اليونانية والرومانية، كذلك جامع بن طولون ثم الجامع الأزهر الذي بدأ بشهرة واسعة بين كل المساجد الإسلامية لكونه جامعة للعلوم الدينية وما زال أثره عميقا في كل العالم، به 380 عمودا من الرخام والجرانيت. هناك أيضا جامع قالوون الذي ألحق به مشفي، ثم جامع السلطان حسن 1356م من أجمل مباني القاهرة وهو أكبر من كنيسة نوتردام الباريسية وترتفع قبته 55 مترا ومئذنته 86 مترا والمسجد بطول 140م وعرض 75م ويشتمل علي قبر بانيه، من رموز الحضارة العربية الإسلامية أيضا جامع برقوق وجامع قايتباي وجامع المؤيد كلها في زمن المماليك، كذلك أبواب المدينة باب النصر وباب الفتوح.