بدأ الافتتاح بكلمة قصيرة من الانبا سلوانس تلاه الدكتور أنطون يعقوب ميخائيل عميد معهد الدراسات القبطية بالقاهرة ، وقال في كلمته إذا كان الملك مينا هو موحد القطرين الشمالي والجنوبي في العصر الفرعوني، فإن مينا القبطي هو موحد عنصري الأمة الإسلامي والقبطي علي محبته وتقديره في العصر الحديث، أما عن مارمينا نفسه فأشار د.أنطون إلي أنه أصلا من مدينة "نيقيوس" بالمنوفية وكان والده يدعي "أودكسيوس" وأمه تدعي "أوفيمية" وكانت امرأة عاقرا لكنها كانت تكثر من الصوم والصلاة من أجل أن يعطيها الله نسلا ،وذات يوم وهي تصلي أمام أيقونة للسيدة العذراء من أجل هذا الأمر سمعت صوتا خارجا من الصورة يقول لها "آمين " وبالفعل استجاب الله لصلاتها وأعطاها ولدا أسمته "مينا" . ونما الطفل مينا وتأدب بالآداب المسيحية وانتظم في حضور الكنيسة، وبعد وفاة والديه وكان يبلغ من العمر 15 سنة، صدر مرسوم ملكي بالتطوع في الجيش، فاستجاب مينا لهذا المرسوم، وعندما صدر منشور الملك دقلديانوس بعبادة الأوثان، قام مينا بتوزيع ثروته علي الفقراء وذهب للصحراء للتعبد هناك، ولكنه شعر بنداء داخلي يدعوه للنزول إلي المدينة ومواجهة الوالي، ولقد حاول الوالي كثيرا إقناعه بالتخلي عن إيمانه المسيحي، وإزاء رفضه وإصراره علي تمسكه بإيمانه المسيحي ،أمر الوالي بتعذيبه عذابا شديدا حتي يرجع عن إيمانه ،وبالفعل تعرض لتسعة أنواع من العذابات تحملها جميعا بصبر وإيمان وشكر ،وأخيرا أمر بقطع رأسه وكان ذلك في 15 هاتور سنة 25 للشهداء الموافق 24 نوفمبر 309 للميلاد. وفي المؤتمر العلمي المصاحب للاحتفالية قام الأستاذ الدكتور مينا بديع عبد الملك أستاذ الرياضيات التطبيقية بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية والجامعة الأمريكية، وعضو مجلس إدارة جمعية مارمينا العجايبي بالإسكندرية بإلقاء الضوء علي أهم الأحداث التاريخية التي وقعت في منطقة "بومينا" في صحراء مريوط ،فلقد كان الاكتشاف الأول للمنطقة علي يد عالم الآثار الألماني الشهير "كارل ماريا كاوفمان " (1872- 1951 ) ومساعده إويالد فولز كان ذلك في 7 يوليو 1905 ،حيث قاما بعمل الرسومات الكروكية للمنطقة والتقاط بعض الصور الفوتوغرافية . ولقد أصدر كاوفمان نتائج اكتشافاته في كتابين ، الكتاب الأول صدر باللغة الفرنسية عام 1908 ،والكتاب الثاني صدر باللغة الألمانية عام 1910. ومع اعتلاء البابا كيرلس السادس الكرسي المرقسي في 10 مايو 1959 شهدت المنطقة الأثرية طفرة كبري حيث قام قداسته بأول زيارة للمنطقة في يوم 26 /6/1959 وأقام قداسا إلهيا هناك ، وفي يوم الجمعة 27 /11/1959 قام بصلاة القداس الإلهي علي أنقاض الكنيسة الآثرية التي أقامها الأمبراطور أركاديوس ودشنها البابا ثاؤفيلس البطريرك 23 ،ثم قام بوضع حجر الأساس للدير الحديث. وجاءت الورقة الثانية في المؤتمر والمقدمة من العالم الألماني الشهير بيتر جروسمان (1933 - .... ) ولقد بدأ أعمال التنقيب بالمنطقة تحت إشراف المعهد الألماني للآثار في عام 1961، واستمرت أعمال التنقيب لمدة شهر واحد إلي ثلاثة شهور من كل عام حتي عام 2002، وأهم الاكتشافات التي توصل اليها جروسمان هي بقية مباني البازيلكيا الكبري التي وجدها كاوفمان عام 1905، وفي عام 1998 اكتشف خزانا لصرف مياه المعمودية، كما اكتشف تجمعا سكنيا يرجع الي العصور الوسطي كما اكتشف بيتا للضيافة خاصا بزوار المدينة الرخامية وكان ذلك عام 1991 ، ومعصرة نبيذ عام 1983 ، وفي يوم 27 اغسطس 2000 عرض جروسمان أمام الجمعية الدولية للدراسات القبطية ASC بميونخ في اجتماعها الثامن ما تتعرض له المنطقة من أخطار المياة الجوفية، وفي أكتوبر 2001 دعا مدير مركز التراث العالمي باليونسكو إلي توحيد الجهود من أجل إنقاذ هذا التراث الأثري المهم، كذلك اتخذت إجراءات من جانب المجلس الأعلي للآثار لحل هذه المشكلة. وعلي هامش الاحتفالية قام الأستاذ سمير غريب بافتتاح معرض الأيقونات الحديثة ومعرض الأيقونات المرممة . شهد اليوم الثاني من المؤتمر ثلاث أوراق ، الورقة الأولي والمقدمة من الأستاذة سميحة عبدالشهيد مدير عام النشر العلمي بالمتحف القبطي سابقا وكانت حول "الأيقونات والقطع الأثرية" التي تم نقلها من كنيسة مارمينا- فم الخليج- إلي المتحف القبطي بالقاهرة ، وجاءت الورقة المقدمة من المهندس رمزي نجيب خبير الترميم وكانت حول "أهم الترميمات التي حدثت في كنيسة مارمينا فم الخليج " والتي استغرقت نحو 10 سنوات بسبب عدد من المشاكل التي واجهتهم مثل: ارتفاع منسوب المياه الجوفية- هبوط الأرضية الحجرية للحصن- بعض الشروخ في الأنبل الرخامي- تآكل العوارض الخشبية لحامل الأيقونات- بعض الشروخ في سقف الكنيسة- تساقط بعض الأجزاء من الزجاج الملون.. ولقد تم التعامل مع كل هذه المشاكل بأحدث الأساليب العلمية في الترميم . الورقة الثالثة مقدمة من الأستاذ أسحق سعد وهو من خدام الكنيسة وكانت حول تاريخ الكنيسة علي مر العصور، فلقد تأسس الدير في نهاية القرن الخامس وبداية القرن السادس الميلادي. وفي القرن الحادي عشر وفي عهد الخليفة المستنصر بالله الفاطمي (1036-1094) تنازل الأقباط عن جزء من الكنيسة للأرمن ، وذلك بسبب استعانة الخليفة المستنصر ببدر الدين الجمالي "وهو أرمني الأصل" لمساعدته في الحكم ،ولقد حدثت وشاية من بعض الاقباط ضد البابا كيرلس الثاني ( 1078-1092 ) بطريرك ذلك الزمان ،وقدموها للوالي بدر الدين الجمالي الذي أمر بتشكيل لجنة للتحقيق في الوشاية ثبتت فيه براءة الأب البطريرك ، لذا تنازل الأقباط طواعية عن جزء من الكنيسة للأرمن إكراما لذلك الرجل . وفي أواخر القرن الحادي عشر جاءت الحروب الصليبية علي مصر ،وحدث تخريب كبير للكنيسة بسبب تلك الحروب فيما يعرف بحريق الفسطاط ، ولكن في عهد صلاح الدين الأيوبي تم تجديد الكنيسة مرة أخري ،بل زاد علي ذلك بأن منح الاقباط دير السلطان في القدس ،وتتوالي الأحداث علي الدير والمنطقة ،ففي القرن السابع عشر جاء الراهب الدومنيكاني الألماني الأصل "فانسليب" إلي مصر وتقابل مع البابا متاؤس الرابع البطريرك رقم (102 ) في يوم 27 مايو 1672 ،ولقد زار الراهب الألماني الكنيسة وذكر أن بها ثلاثة كنائس ،واحدة منها تخص الأقباط، والأخري تخص الأرمن، والثالثة تخص السريان ، وذكر أن المكان كان مظلما ومهملا جدا، ولكن في القرن السابع عشر وفي عهد البابا يؤانس السادس عشر (1676-1717) حدثت عملية تجديد شامل للكنيسة علي نفقة المعلم لطف الله ابو يوسف ،وكان من كبار أراخنة القبط في ذلك الوقت ، وجاء القرن الثامن عشر ،وظهر المعلم ابراهيم الجوهري والذي كانت له أفضال عظيمة جدا علي الدير والكنيسة ،فلقد أوقف 24 حجة علي الفقراء بمنطقة فم الخليج ، في القرن التاسع عشر زار الكنيسة العالم الإنجليزي الشهير الفرد بتلر ( 1850-1936) ونشر كتابه عن الكنائس القبطية القديمة ،وكتب فيه فصلا كاملا عن الكنيسة والدير. الورقة الثالثة والأخيرة في ذلك اليوم مقدمة من الدكتور مرقس فارس الاستاذ بكلية التربية الفنية جامعة حلوان وكانت بعنوان " الرمزية وارتباطها بمارمينا "ومن أشهر الرموز المرتبطة بمارمينا رمز "الجمل" وكلمة "جمل" مشتقة من الكلمة اللاتينية واليونانية "كاملوس" وهي بدورها مشتقة من الكلمة الفينيقية والعبرية "جامال"، ويوجد في معدة الجمل تجويف مقسم الي غرف وحويصلات تمتليء عند شربه بالماء فتعطيه القدرة علي البقاء دون ماء ما بين 20 الي 30 يوما، أما طعامه فيتكون من أغصان الشجر والعشب ، لهذا فإن من أهم الرموز التي يرمز اليها الجمل هو الصبر والاحتمال ، فهو يمكنه أن يسافر عدة أيام دون طعام أو شراب . وقد تضمن اليوم الأخير من المؤتمر ورقتين.. الأولي مقدمة من الأستاذ جورج نسيم قصراوي الباحث في الفولكلور القبطي وكانت بعنوان "مارمينا في التراث الشعبي القبطي " فمينا أسم مصري قديم ، ولقد أنتشر هذا الاسم كثيرا في الربع الأخير من القرن العشرين بعد نياحة البابا كيرلس السادس ،كما أنتشر أيضًا اسم عجايبي كثيرا ، وظاهرة الأسماء القبطية المتأثرة بالفرعونية ليست جديدة ، ففي تاريخ الكنيسة نجد أسماء مثل: " أبللو - أبيب - أمونيوس - إيسذودوروس- الانبا هور -بلامون .. الخ ". والشهيد العظيم مارمينا هو أول قديس في العالم يلقب بالعجايبي ، وقد تكرر اللقب مع كثير من القديسين بعد ذلك مثل القديس غريغوريوس صانع العجائب ، القديس نيقولاوس أسقف مورا والمعروف في الفولكلور الأوربي ب"سانتا كلوز" وللشهيد مارمينا أكثر من مولد في مصر ،نذكر منها 15 بؤونة تذكار تكريس كنيسته في مريوط ، و15 هاتور تذكار استشهاده ، وكلمة مولد تتناسب مع الفكر المسيحي الذي يعتبر الوفاة والشهادة ميلادا سماويا جديد ، ولقد استخدم القديس إيرنيموس (جيروم) كلمة ميلاد عند وصفه لعيد استشهاد القديس بوليكاربوس أسقف أزمير وتذكار استشهاده في 29 أمشير ، ويعتقد أن احتفالات الشهيد مارمينا كانت تستمر شهرا كاملا ، وكانت توزع فيه قوارير الماء المقدس والمنتشرة حاليا في معظم المتاحف العالمية ، وللشهيد مارمينا مدائح شعبية كثيرة يذكر د.القصراوي منها المديحة التي تقول :- افتح فاي بالأفراح/ وأرتل بالتسبيح/ السلام لمارمينا/ شهيد يسوع المسيح الورقة الثانية والأخيرة مقدمة من الدكتور سامي صبري شاكر أستاذ العمارة بكلية الهندسة جامعة القاهرة ووكيل معهد الدراسات القبطية ود. مراد باخوم ود. هاني حنا خبير الترميم الدولي.. وكانت بعنوان"مدينة بومينا الأثرية ،ماضيها وحاضرها ومستقبلها. " فلقد بنيت كنيسة مارمينا بمريوط في عهد البابا اثناسيوس الرسولي البطريرك ال20 وكان ذلك في عام 364م تقريبا ،ثم جاء البابا ثاوفيلس البطريرك ال23 فقا بتوسيع الكنيسة وبناء كنيسة كبري ،وكان ذلك عام 385 تقريبا ،وفي عهد الملك زينون تم بناء مدينة رخامية كبري حول الكنيسة ،وتعد الفترة ما بين القرن الخامس والسابع الميلادي بمثابة العصر الذهبي للكنيسة والمدينة الرخامية ، وفي عصر الخليفة المعتصم أراد مدينة عاصمته الجديدة فأمر بنزع الأعمدة الرخامية من الكنيسة ، ولقد تعرضت المدينة للهدم ولتدمير وغارات البدو حتي تحطمت تماما ، وفي القرن العشرين وفي عصر البابا كيرلس السادس( 1959-1971 ) تم بناء دير مارمينا الحالي في 27 نوفمبر 1959 ،وفي عام 1979 قررت لجنة اليونسكو وضع منطقة (بومينا) ضمن قائمة التراث العالمي، ونتيجة زحف المياه الجوفية علي المنطقة قرر اليونسكو اعتبار منطقة بومينا تراث عالمي في خطر (وأدرجت في القائمة الحمراء) ، ولقد قررت هيئة الآثار رفع المياه الجوفية من المنطقة وشكلت لجنة لدراسة الأمر ،ولقد قدمت اللجنة توصياتها برفع المياه الجوفية من المنطقة. وفي نهاية المؤتمر تلي المهندس سامي متري رئيس جمعية محبي التراث القبطي التي شاركت في الإعداد للمؤتمر التوصيات التالية :- 1- ضرورة إصدار طابع بريد يوضع عليه صورة لقارورة القديس مارمينا، أو أيقونة الشهيد وكذلك عملة تذكارية لذات المناسبة. 2- إقامة معرض خاص للمقتنيات الأثرية الناتجة من حفائر المنطقة. 3- دعم توجه المتحف القبطي لعمل دورات ومدرسة للآثار القبطية في الفن والتاريخ القبطي للأطفال والشباب. 4- دعم الخطوات الجادة التي اتخذها المتحف القبطي لإنشاء مبني جديد لافتتاح قاعات جديدة وعمل توسيعات للقاعات الحالية وذلك لاستيعاب كل الأثار المحفوظة في المخازن. 5- ضرورة الاهتمام بوضع الكتب والدراسات القبطية في المكتبات العامة. 6- ضرورة حث وزارة التربية والتعليم علي الاهتمام بتدريس الحقبة القبطية في المدارس ،مع العمل علي إنشاء كرسي خاص للدراسات القبطية Coptology في الجامعات المصرية أسوة بالجامعة الأمريكية. 7- ضرورة الاهتمام بعمل مشروع للصوت والضوء في منطقة أبومينا بمريوط. 8- الاهتمام بتسجيل وتوثيق كل الآثار القبطية ودعم اتجاه المجلس الأعلي في هذا الإطار الذي تبناه د.زاهي حواس الأمين العام لإنشاء إدارة لهذا الغرض. 9- وضع خريطة كنيسة مارمينا فم الخليج الأثرية علي خريطة السياحة المصرية.