أصدر أحمد أبوالغيط وزير الخارجية تعليماته لتشكيل خلية عمل لمتابعة الوضع وتقييم الموقف أولا بأول بالنسبة لجنوب السودان وذلك لحين إجراء استفتاء حق تقرير المصير لأبناء الجنوب في يناير المقبل.. وعلمت «روزاليوسف» أن اللجنة التي تضم في تشكيلها القطاعات والإدارات المعنية بوزارة الخارجية بالإضافة إلي الصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا عقدت باكورة اجتماعاتها يوم أمس الثلاثاء، حيث جري تقييم شامل للموقف بكامل أبعاده والوقوف علي واقع التواجد المصري في الجنوب، ويأتي هذا التحرك المؤسسي داخل وزارة الخارجية بعد أيام قليلة من مباحثات شديدة الأهمية شهدتها القاهرة التي تمثلت في الاجتماعات الأربعة التي عقدها أبوالغيط مع كل من تابو مبيكي رئيس اللجنة التنفيذية رفيعة المستوي للاتحاد الأفريقي المعنية بالسودان، وإبراهيم جمباري المبعوث الخاص المشترك لسكرتير عام الأممالمتحدة ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي في دارفور، وهايلي منكاريوس الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة الأممالمتحدة في جنوب السودان، والجنرال سكوت جريشن المبعوث الأمريكي للسودان. والتي شهدت ترحيبًا بالتطورات الإيجابية التي شهدها السودان مؤخرا والمتمثلة في الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين شريكي السلام علي شخصية الأمين العام لمفوضية الاستفتاء علي اعتبار أن ذلك سيمكن المفوضية من البدء في مزاولة مهامها.. وكانت التأكيدات المصرية تدعو لأهمية توصل الطرفين إلي اتفاق حول المسائل الإجرائية للاستفتاء والإسراع بوتيرة عملية ترسيم الحدود بين الطرفين. وحسب ما صرح المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير حسام زكي فإن الوزير أبوالغيط استعرض الرؤية المصرية للتعامل مع الاستحقاقات المهمة التي سيشهدها السودان في غضون الأشهر القليلة المقبلة، التي تعد الأهم في تاريخه الحديث، موضحا أن التحرك الدولي ينبغي أن يتأسس علي مرحلتين الأولي من الآن وحتي موعد الاستفتاء والثانية تتعلق بقضايا وترتيبات مرحلة ما بعد الاستفتاء.. وأكد أن مصر ستعمل علي تحقيق أربعة أهداف في مرحلة الإعداد لإجراء استفتاء حر ونزيه يعبر عن الإرادة الحقيقية لأبناء الجنوب، وهي: دعم أي اتفاقات يتم التوصل إليها بين الشريكين بما يضمن حفظ الأمن والسلم في مختلف أرجاء السودان وعدم العودة إلي الحرب، حث شريكي السلام علي الاتفاق علي منهج واضح يهيئ الأجواء لإجراء الاستفتاء ويحدد معطيات ما بعد الاسفتاء- تشجيع الجهود الإقليمية والدولية المعنية للحفاظ علي العلاقات الجيدة والتجانس بين الشمال والجنوب- والعمل علي ترسيخ مفهوم الشراكة وتعزيز الاستفادة من عناصر التجانس والمصالح المشتركة والارتباط في الموارد الطبيعية بين الطرفين أيا كانت نتائج الاستفتاء. أضاف أن وزير الخارجية شدد علي أهمية التزام الطرفين بتنفيذ اتفاق السلام الشامل الذي يمثل بروتوكول مشاكوس لعام 2002 جزءًا مهمًا منه، موضحا أن الاتفاق نص علي ضرورة التزام جميع الأطراف بالعمل علي جعل خيار الوحدة جاذبا، والتزام شريكي السلام بالامتناع عن أي شكل من أشكال الإلغاء أو الإبطال من جانب واحد، فيما يتعلق بتنفيذ الاتفاق، وإنشاء آلية لحل أية خلافات قد تظهر خلال تنفيذ الاتفاق. أشار المتحدث إلي أن محادثات وزير الخارجية مع «تابو مبيكي» تناولت البدائل التي طرحها الأخير بشأن نتائج الاستفتاء وهي الفيدرالية- الكونفيدرالية- الانفصال- الوحدة، وأن وزير الخارجية استمع إلي وجهة نظر مبيكي في ردود الفعل إزاء هذه الأطروحات وأكد علي دعم مصر لجهوده في الحفاظ علي السلام والاستقرار في مختلف أرجاء السودان.. كما تناول وزير الخارجية مع «هايلي منكاريوس» و «إبراهيم جمباري» ولاية ودور بعثة الأممالمتحدة في جنوب السودان في الإشراف علي الاستفتاء، والبعثة الهجين الأممية الأفريقية في دارفور ودورها في دعم جهود التسوية السياسية وإعادة إعمار إقليم دارفور. أضاف أن وزير الخارجية أكد أهمية تناول المجتمع الدولي لأزمة دارفور في إطار خطة لمعالجة الوضع من جميع جوانبه السياسية والأمنية والتنموية والإنسانية، مشيرًا في هذا السياق إلي أهمية دعم الاستراتيجية التي أعلنت عنها الحكومة السودانية مؤخرًا، وبحيث يتم العمل علي معالجة جذور الأزمة من خلال وضع خطة إنعاش الإقليم اقتصاديًا وتنمويًا، ومنوها في ذات السياق إلي أن مصر في إطار جهودها لتحقيق هذه الغاية النبيلة استضافت مؤتمر إعادة إعمار دارفور في شهر مارس 2010 .. كما دعت إلي تركيز الجهود لتحسين الوضع الإنساني هناك، علاوة علي دعمها لإشراك المجتمع المدني في التسوية السياسية. وفي الإطار نفسه.. وفيما يخص التواجد المصري بالجنوب السوداني وواقع هذا التواجد بمختلف أنماطه، أوضح مصدر دبلوماسي ل«روزاليوسف» أنها تتمثل في أنه يتواجد علي الأرض في جنوب السودان 1526 فردا من أفراد القوات المسلحة المصرية ضمن قوات حفظ السلام موزعين علي كتيبة مشاة، سرية إزالة ألغام، فصيل نقل، سرية مهندسين، مستشفي ميداني، قيادة قطاع، مكون شرطي.. وفيما يتعلق بالدعم المصري للبنية التحتية لجنوب السودان تقوم مصر بإنشاء أربع محطات للكهرباء في مدن جنوب السودان بتكلفة إجمالية قدرها 145 مليون جنيه في مدن واو، يامبيو، رومبيك، بور.. وبالفعل تم بدء تشغيل شبكة الإنارة لمدينة «واو». وفي مجال الصحة.. قامت مصر بإنشاء مركز طبي في جوبا يضم أربع عيادات خارجية بالإضافة إلي تحمل مصر الأدوية والمعدات والمستلزمات الطبية التي ترسل له، وأرسلت عشر طائرات «130C» تحمل جميع مستلزمات العيادة الطبية. بالإضافة إلي عيادتين طبيتين بمدينتي «بور» بولاية «جونجلي» ومدينة «جوجريال» بولاية وارب. وفي مجال التعليم.. قامت مصر بتخصيص 50 مليون جنيه وذلك لإنشاء مدرستين الأولي في مدينة «واو» بولاية غرب الاستوائية والثانية في مدينة «وورور» بولاية جونجلي، كما قامت هيئة الأبنية التعليمية المصرية بإنشاء مجمع تعليمي في «جوبا» للتعليم الأساسي والثانوي العام والثانوي الصناعي وتم تسليمه بالفعل لوزارة التعليم بحكومة جنوب السودان، أما فيما يتصل بالتعليم العالي فبخلاف المنح الدراسية التي تقدمها مصر لأبناء جنوب السودان للدراسة في الجامعات المصرية، بدأت الخطوات التنفيذية لمشروع افتتاح جامعة الإسكندرية بمدينة «تونج» بولاية «وارب» بجنوب السودان.. وفيما يتعلق بالري.. قامت وزارة الري المصرية بالتوقيع علي مذكرة تفاهم للتعاون الفني مع حكومة جنوب السودان لتنفيذ برامج تبلغ قيمتها 26 مليون دولار لمدة خمس سنوات ومن ضمن البرامج التي اتفق عليها مشروع لتطهير مجري النهر ومشروع إجراء دراسات الجدوي اللازمة لبناء سد مائي عند مدينة «واو» وصيانة أربع محطات للمياه وحفر 30 بئرًا للمياه. وفي مجال الموارد البشرية.. قامت الخارجية المصرية ممثلة في الصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا بتنظيم دورات تدريبية لخمسين دبلوماسيا سودانيا من الجنوب منذ مطلع العام الجاري، كما قدم الصندوق معونات تقدر بمائتين وخمسين ألف جنيه مصري وذلك لشراء مستلزمات ورش لتجهيز أربع ورش للحدادة والخراطة والنجارة والميكانيكة في «جوبا» وذلك بالإضافة إلي إرسال مدربين فنيين لتدريب العمالة السودانية علي المعدات.