أكد الشاعر شعبان يوسف أن الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي مفتون برواية الجبانات، وقال خلال الندوة التي نظمتها ورشة الزيتون لمناقشة الرواية الصادرة حديثا عن دار "كيان للنشر والتوزيع" للصحفي رشيد غمري، لقد فاجأنا رشيد بروايته تلك، وكنا قد عرفناه كشاعر من ديوانه "بجوار جثة يونسكو"، ولكنه يقدم لنا عمله الروائي الأول مع تيمة أساسية فيه حول جدل الإنسان مع أشكال الحياة. الندوة شارك فيها كل من الدكتور شاكر عبد الحميد، والدكتور حسين حمودة، وأدارها الشاعر شعبان يوسف. من جانبه علق الدكتور شاكر عبد الحميد علي "الجبانات" قائلا: الرواية بها جوانب متميزة، وقد أعددت حولها دراسة بعنوان "الموت وآلية التكرار" لما بها من كم هائل من الانتحار، والقتل والموت، بما تحمل هذه التيمات من دلالات، كذلك الارتباط الكبير بين الفن والموت والحب، الرواية بها حديث متكرر عن الموت والموتي، والجبانات، الصور المعلقة لموتي، وصور الأموات، وإلي جانب هذا الحضور الكثيف للموت، نجد حضورا جارفا للأب، وتبدو صورته في الرواية وكأنها تجسيد لعقدة أوديب، حيث تبدو الكراهية واضحة للأب، يناديه الابن طوال الوقت ب"الأستاذ" مقابل حضور لطيف للأم التي يوجد ولع بها، وبزوجة الأب التي حلت مكانها، والتي لم يستطع الابن أن يحبها قط، فحول غضبه منها إلي رغبة جنسية جعلته عاجزا عن كراهيتها. وأضاف: هناك مأخذين علي الرواية أولهما تلك المسرحية التي أقحمها الكاتب عليها، ولو أننا حذفناها لما تأثرت الرواية، بالعكس، سيفيدها هذا، وثانيهما: الحديث عن الموالد في نهاية الرواية، شعرت معه وكأن الرواية ترهلت. علق الدكتور حسين حمودة قائلا: الرواية غنية وثرية، ولكنه غني لا يحول دون سؤال مهم: هل يغنينا الغني عن كل شيء؟، الرواية بها ظلال كثيرة من روايات كثيرة أخري، ولكنها في الوقت نفسه تقدم عالما خاصا بها وبصاحبها. وأكمل: بناء الرواية به نوع من المركزية الواضحة، بشأن العائلة التي ينتمي لها الراوي، نري إلحاحا واضحا علي تاريخها وحكاياتها، كرواية منصورة عز الدين "وراء الفردوس"، الرواية بها تمسك واضح بلغة العهد القديم، ومركزية واضحة للراوي، حتي يخلص للحكمة الحقيقية التي تأتي من الحياة والناس ومن التجربة ومن محنة الحياة والموت، فالحياة والموت يتجاوران. وأضاف: في عالمه الروائي يوجد بعد خاص، وإدراك واضح لفكرة الزمان، وكلام مباشر عنه، مع مساحة واسعة تحفل بالتساؤلات المتعددة، تغذي حث رثاء الذات، مع تأملات وتساؤلات خارج الذات، وقد نجحت الرواية في الامتداد بتساؤلاتها إلي خارج النص.