أثار حوار د.عبدالعزيز حجازي رئيس الاتحاد العام للجمعيات الذي نشرته «روزاليوسف» علي مدار العددين الماضيين بشأن رؤيته حول كيفية إصلاح المجتمع المدني وقضية التمويل الأجنبي العديد من التساؤلات حول توجهات الجهات المانحة في مصر حيث وردت علي لسانه عبارة: «إن الجهات الأمريكية المانحة أدركت مؤخرًا أنه لا جدوي من تمويل أنشطة الديمقراطية وحقوق الإنسان»! فهل تراجعت بالفعل قضايا حقوق الإنسان علي أجندات الجهات المانحة في مصر؟ وهل هذا هو السبب وراء حالة «الركود التمويلي» الذي تعاني منه المنظمات الحقوقية مؤخرًا بشكل ملحوظ؟ وهل يعني ذلك أن هناك قضايا أخري أصبحت تحتل الصدارة لدي هذه الجهات؟ هذا ما نحاول الإجابة عنه في السطور التالية ومن خلال رصد آراء ممثلي هذه الجهات الذين يتحدثون لأول مرة ل«روزاليوسف». المعونة الأمريكية فعلي الرغم مما أكده تقرير منظمة «مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط» والصادر مؤخرًا بشأن الموازنة والاعتمادات الأمريكية للسنة المالية 2011 حول استمرار انخفاض تمويل برامج المجتمع المدني في مصر وتقديم هيئة المعونة الأمريكية التمويل للمنظمات المشهرة فقط من قبل وزارة التضامن الاجتماعي إلا أن مصادر مسئولة بهيئة ال«USAID» ذكرت في تصريحات خاصة ل«روزاليوسف» أنه لا تراجع لتمويل أنشطة الديمقراطية وحقوق الإنسان بل مازالت هذه القضايا تحتل أهمية خاصة لدي القائمين علي هذه الوكالة موضحة أن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية حريصة علي دعم المجتمع المدني المصري من خلال المنح المباشرة للمنظمات وكذلك للمؤسسات الحكومية مضيفة أن أولويات هيئة المعونة لم تشهد أي تغير حيث مازالت تعني بقضايا التعليم والصحة وتنمية قدرات المرأة والشباب والإصلاح الديمقراطي والبيئة. ولفتت المصادر نيابة عن ممثلي هذه الهيئة في مصر أن الأمر الذي شهد تغيرًا حقيقيا هو إصرار الجهة علي التعامل مع الجمعيات المشهرة حكوميا لكنها وضعت عدة بدائل أمام الشركات المدنية في مصر من خلال توفير صناديق أخري لدعم أنشطتها مثل مبادرة الشراكة الشرق أوسطية المعروفية ب«MEPI» والوقفية الأمريكية المعروفة ب«NED». فريدريش إيبوت وبالنسبة لمؤسسة فريدريش إيبوت والقريبة من الحزب الديمقراطي الاشتراكي بألمانيا التي تعمل في ست دول عربية فقط من بينها مصر فالأمر مختلف، حيث كشفت ميرفت قاسم مسئولة برامج التنمية بالمؤسسة أن استقطاب فئة الشباب والقضايا المتعلقة بهم أصبحت تحتل الصدارة علي أولويات العمل لدي المؤسسة قائلة إن فريدريش إيبوت تركز حاليا علي كيفية دعم شباب الأحزاب السياسية وتنمية قدراتهم علي المشاركة من خلال إقامة ورش عمل علي مستوي المحافظات بالجمهورية لتناول قضايا مختلفة مثل التعليم وقانون التأمين الصحي الجديد والانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة وغيرها. وأشارت قاسم إلي أن برامج المرأة لها مكانة خاصة قائلة: ستظل تدعم المؤسسة قضايا المرأة حتي تستطيع الحصول علي حقوقها كاملة وبشكل متساو مع الرجل علي حد تعبيرها. الاتحاد الأوروبي أما الاتحاد الأوروبي فإن تناول قضايا حقوق الإنسان يأتي من خلال التنسيق بشكل كبير مع المجالس القومية المتخصصة مقارنة بمنظمات المجتمع المدني حيث يقوم الاتحاد بتقديم الدعم المالي لأعمال المجلس القومي للمرأة الذي يستهدف علي وجه التحديد تعزيز قدرات مكتب شكاوي المجلس والجهود الحكومية لمكافحة ظاهرة ختان الإناث وكذلك العمل علي تجديد عقد منحة الاتحاد لمكتب الشكاوي التابع للمجلس القومي لحقوق الإنسان، إضافة إلي أن الاتحاد يقوم باستمرار بتقديم الدعم المباشر لمنظمات المجتمع المدني الناشطة في مجال تعزيز حقوق المرأة بل يعد ذلك أحد أكبر المشروعات علي أجندته.. وهذا ما أكده السفير مارك فرانكو في تصريحات صحفية له قائلا: إن المرأة هي القوة الدافعة للتغيير والإصلاح في مصر.. ولذلك سيوفر الاتحاد المزيد من الدعم لأنشطة تعزيز مكانة المرأة في المجتمع المصري. الوكالة الكندية في حين أن الوكالة الكندية للتنمية الدولية ومن خلال «برنامج تنمية المشاركة» والمعروف ب«PDP» تقوم حاليا بالتركيز علي تمويل المشروعات الصغيرة مستهدفة القضاء علي البطالة.. وفي هذا السياق قالت زينب محمود المدير الميداني للبرنامج ل«روزاليوسف» إن الوكالة تهتم بتنفيذ الخطط والبرامج المتفقة مع الأجندة الحكومية في مصر، مستطردة أن حقوق الإنسان لم تكن هدفنا في الأساس منذ البداية، مضيفة أن الوكالة تستهدف تهيئة المناخ لدي الجمعيات الأهلية للشراكة مع القطاع الخاص. ساويرس واتفقت معها في الرأي ندي طنطاوي مسئولة الاتصالات بمؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية قائلة إنه بالرغم من الطفرة التي شهدها المجتمع الأهلي من خلال زيادة عدد الجمعيات إلا أن ذلك يقابله تحد كبير يتمثل في ظاهرة انحسار التمويل الأجنبي لأسباب مختلفة منها انتهاء زمن الاتفاقيات المبرمة بين الدول المانحة ومصر وكذلك الأزمة الاقتصادية العالمية مؤكدة أن ذلك لا يمكن التغلب عليه إلا من خلال تفعيل دور القطاع الخاص في التنمية وبحيث تحل المؤسسات الكبري في مصر محل هذه الجهات المانحة داعية لضرورة إعادة النظر في الهياكل الإدارية بالجمعيات وسياسات الأجور وتعميم البرامج مع الاهتمام بالجودة. موضة حقوق الإنسان فيما أكدت عباب مراد الخبيرة في شئون التمويل ومسئولة البرامج السابقة بمؤسسة فريدريش ناومان الألمانية أن معظم الجهات المانحة أصحبت لا تريد الدخول في اشتباك مع الحكومة المصرية بشكل خاص والحكومات العربية بوجه عام حيث تستهدف بناء علاقات شراكة مع هذه الحكومات وهو الأمر الذي أدي إلي تراجع قضايا الحريات في الوطن العربي. وأضافت عباب أن السمة الغالبة علي المشروعات الحقوقية التي تنفذ مؤخرا بشكل عام هي عدم الاستمرارية، مستطردة هذه المشروعات أصبحت موضة تبدأ أو تنتهي دون تأثير مشيرة إلي عدم بروز أجيال جديدة تعني بمثل هذه القضايا وبشكل حقيقي. .