تقع مدينة عسقلان الساحلية المحتلة منذ عام 1948 علي بعد نحو 12 كيلومترا إلي الشمال من قطاع غزة ويقطنها نحو 125 ألفا معظمهم من اليهود . تعرضت تلك المدينة لهجوم بصاروخ فلسطيني انطلق من قطاع غزة منذ أيام لينهي أكثر من عام من الهدوء الذي ساد المدينة الأقرب لقطاع غزة ، وينشر الهلع بين سكانها. قالت السلطات الإسرائيلية إن هذا الهجوم هو الأخطر علي المدينة منذ انتهت حملتها العسكرية علي غزة في يناير من عام 2009 التي توقفت علي أثرها الهجمات الصاروخية من غزة، لكن الهجوم لم يؤد إلي خسائر في الأرواح وإنما تسبب في أضرار مادية، بالإضافة إلي عشرات من علامات الاستفهام حول مصير البلدات الإسرائيلية إذا قررت المقاومة الفلسطينية العودة إلي النشاط العسكري، ومتي وأين سيقع الصاروخ التالي. طرح الهجوم بصاروخ واحد من طراز جراد صيني الصنع حسب المصادر الإسرائيلية الأسئلة عن جدوي سياسة الردع التي اتبعتها إسرائيل ضد قطاع غزة ، ومدي فاعلية نظام الدفاع ضد الصواريخ الذي بنته اسرائيل وأطلقت عليه اسم القبة الحديدية في حماية سكان البلدات الإسرائيلية من الضربات الانتقامية التي قد تتلقاها نتيجة استبداد القادة الإسرائيليين وتجاهلهم لحاجة الفلسطينيين إلي حل سياسي لقضيتهم المزمنة، وإذا لم يتوافر ذلك الحل فإن الانفجار مقبل لا محالة. بالطبع سارعت السلطات الإسرائيلية إلي شن هجوم مضاد لتهدئة هلع سكان إسرائيل ومحاولة إقناعهم بأن كل شيء تحت السيطرة الأمنية ، في واحدة من المفارقات المضحكة التي تمارسها إسرائيل علي الساحة الدولية ، أعلنت إسرائيل عن تمسكها بحقها في الدفاع عن مواطنيها اليهود، وفي الوقت الذي تشكو فيه من تعرضهم لخطر الصواريخ البدائية التي تطلقها بعض فصائل المقاومة ، تشن طائراتها الغارات علي المدنيين الفلسطينيين دون تمييز. قدمت وزارة الخارجية الإسرائيلية شكويين إلي مجلس الأمن الدولي ومجلس حقوق الإنسان في جنيف في أعقاب الحادثة. وذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن الشكويين جاء فيهما أن إطلاق الصاروخ باتجاه مدينة كبيرة مثل عسقلان بهدف قتل المدنيين العزل يشكل خرقاً فادحاً للقانون الدولي وتصعيداً خطيراً. أكدت وزارة الخارجية في الشكويين حق إسرائيل الكامل في الدفاع عن نفسها وعن مواطنيها، والرد علي الاعتداء الفلسطيني في الوقت الذي تراه مناسباً. عقب الشكوي ردت إسرائيل علي إطلاق الصاروخ بشن المقاتلات الإسرائيلية عدة غارات جوية علي أهداف في قطاع غزة أسفرت عن قتل شخص وإصابة ثمانية آخرين بجروح حيث قصفت الطائرات الإسرائيلية مقر الأمن والحماية التابع لحركة حماس غرب مدينة غزة، وقصفت أيضا مهبط الطائرات بالقرب من مكتب الرئيس الفلسطيني الذي سبق أن دمر كليا في الحرب الإسرائيلية الأخيرة علي قطاع غزة بين 27 ديسمبر و18 يناير 2009 وكان الهدف المعلن لها وضع حد لإطلاق الصواريخ من القطاع. من جانبها أعلنت حركة حماس التي تسيطر علي قطاع غزة أن الغارة الجوية الإسرائيلية قتلت أحد قادتها العسكريين في القطاع وهو عيسي البطران الذي لقي حتفه إثر صاروخ سقط علي عربته في وسط قطاع غزة. يمثل إطلاق الصواريخ علي إسرائيل والرد العنيف عليها الصورة النمطية التي يمكن أن تئول إليها الأمور حال ثبوت فشل المفاوضات التي تتصدي لها السلطة الوطنية الفلسطينية بتاييد رسمي عربي تحيط به شكوك كثيرة تغذيها السياسة الاسرائيلية دون ادراك لمغبة انفلات الموقف والعودة إلي لغة التراشق بالصواريخ. الجدير بالذكر أن السلطة الوطنية الفلسطينية مهددة بالانهيار قريبا إذا لم تستطع اختراق الجمود الحالي في المشهد السياسي الفلسطيني بمساعدة إيجابية عربية وأمريكية وإسرائيلية، فقد أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنه في حالة فشل المفاوضات غير المباشرة مع الإسرائيليين وجولة مجلس الأمن سوف "يخلع" وتعهد بعدم ترشيح نفسه لرئاسة السلطة مطلقاً. قال عباس إنه يتعرض لضغوط أمريكية وأوروبية ومن الأممالمتحدة لم تحدث من قبل في حياته السياسية مشيراً إلي أن القضية تمر بمرحلة صعبة ودقيقة مؤكداً انه لن يدخل في مفاوضات مباشرة دون الحصول علي ضمانات بجدية إسرائيل ورغبتها في التوصل إلي اتفاق يلبي الثوابت الفلسطينية. إسرائيل حتي الآن يبدو أنها لا تقدر عواقب انفجار العنف علي نطاق واسع ، ظنا منها أنها تستطيع بالقبة الحديدية حماية تعنتها وإصرارها علي اغتصاب حقوق الشعب الفلسطيني.