الخوف هو مرض مجتمعي في غاية الخطورة يتمثل في مشاعر داخلية تصاحبها دلائل ومظاهر خارجية تعبر عنه وتنبئ عن وجوده يبدأ باستقبال حدث او مجموعة من الاحداث يحجم العقل عن ايجاد سبيل منطقي للتعامل معها او اتخاذ قرار حاسم فيها وينتهي بعدم اتخاذ رد فعل امام تلك الاحداث والانجراف في اتباع موقف سلبي ازاءها ويصبح التصرف حيال تلك الاحداث متسما بالخطا في التقدير وافتقاد القدرة علي السيطرة والتأثير وذلك بسبب يرجع الي ثقافة الشخص القائم علي التصرف حيال تلك المواقف او قناعاته او معتقداته او تعليمه او تقييمه للاحداث واتخاذه للقرار في الوقت المناسب. والخوف له مسالك مختلفة تتغير بتباين الاهداف ولكن تبقي النتيجة واحدة وهي التخاذل امام اتخاذ القرار وافتقاد القدرة علي مواجهة التحديات وادارة المشاكل والازمات فناك العديد من انماط الخوف فهناك الخوف من المشاركة والخوف من السلطة والدين والحوار والاختلاف والمجهول والاخر وحتي الخوف من الذات ويستفيض الحديث عن كل من تلك الانماط ولذلك اختار احد اهم مظاهره لطرحها في الاسطر القادمة.. والطرح القادم هو طرح الخوف من الحق في المشاركة كاحد ادوات تقويض الحكم الرشيد وسيادة القانون والشرعية والتاكيد علي مبدأ المساواة ما بين المواطنين للاسهام في ادارة الشئون العامة، فالكمال للمولي عز وجل ولا يستطيع عقل واحد ان يفرض رؤية جمعية علي المجتمع ولكن القرار يحتاج الي المشاركة من الجميع في صنعه وإن كان القائد قادرا علي اتخاذه فإن تحديد مضمونه ومحتواه ينبري عن الاحتياج المجتمعي والذي يتم التعبير عنه من خلال مشاركة افراده في تلك العملية وكذلك مرحلة تنفيذ القرار فتحتاج ايضا الي المشاركة للوصول الي هدفه المنشود والا ستفشل اية محاولة يقوم بها متخذ القرار لتحقيق نتيجة ما لصالح المجتمع اذا لم يقم كل فرد يعبر هذا القرار عن مصالحه بالمشاركة فيه والقيام بدوره المنوط به في تحقق تلك المصلحة، وصحيح ان السد العالي قد اتخذ قرار بنائه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ولكنه بني بسواعد مصرية صممت ان تري في وطنها صرحا عملاقا قادرا علي مد جذور العطاء والتنمية الي ارض أنبتت تلك السواعد وكذلك ايضا قد حررت سيناء بناء علي قرار اتخذه الرئيس الراحل محمد انور السادات بالعبور وتحرير الارض المغتصبة ولكن المصريين الذين شاركوا في الحرب المجيدة قد قدموا دماء ذكية خلدها التاريخ سعيا منهم الي تحقيق الهدف والمشاركة في الانتصار وحتي من لم يشارك منهم في الحرب فقد تطوع ليمرض الجرحي او ليساهم في المجهود الحربي او حتي ليتبرع باجر حفلة غنائية دعما في نصر صنعه ابطال لم يعتريهم الخوف لحظة واحدة من اجل عزة وكرامة وطنهم. وأيضا لم يأت السلام والاستقرار ولم تسترد مصر سيطرتها الكاملة علي الاراضي المصرية في سيناء التي لم تحرر بالحرب علي طبق من ذهب قدم الي السيد الرئيس محمد حسني مبارك او الي الشعب المصري بل هو نتيجة عمل جماعي ومضن قاده رئيس محنك واع خبير في ادارة الامور علي الصعيد الدولي علي نحو بالغ البراعة ودعمه شعب أراد ان يكتمل الوطن بالسلام وأن يشارك في صنع ما ينشده بالسلام أيضا. صحيح أيضا أن الامر بدا مقلقا لدي البعض ولكنه قلق واعٍ لم يصل ابدا الي درجة الخوف وقد استقبل هذا القلق بحساسية شديدة لتعبيره عن شعور يجسد مشاركة الشعب متخذ القرار وبسبب هذا التوازن شارك الشعب في حصد السلام جنبا الي جنب مع قائده فنجح فيما اخفق فيه غيره من بلدان المنطقة التي انفصل وجدان شعوبها عن قادتها وعن بعضها البعض فانشغلت بصراعات داخلية ودولية ارهقت كاهلها وادخلتها في متاهات لم تجد لها حتي الان سبيلا للخروج. وتلك الأحداث ان كانت تجسد شيئا فهي تجسد قدرة شعب علي المشاركة وان وجد فيها الاختلاف فلا وجود للخلاف وهو الامر الذي لا يحتاج الوطن ان يظهره أبناؤه فقط في الحروب والنكبات والأزمات الدولية لنعبر عن اتحادنا صفا واحدا لتحقيق المصلحة العامة ولكن المشاركة هي ممارسة تمتد الي صناعة القرار داخل المنازل والمساجد والكنائس والمصانع والنقابات وصناديق الاقتراع فهي مشاركة من اجل وطن يستحق ان نتكاتف من اجله ومن اجل شعب يستحق ان يشارك في صنع مستقبل ارضه لا يعتريه الخوف أو يثبط منه أو يؤثر علي عزيمة ابنائه.