دخل إسماعيل يس عالم الفن من باب المونولوجات الكوميدية، لكن سرعان ما لفتت موهبته أنظار المخرجين، فكانت انطلاقته السينمائية الأولى عام 1939 في فيلم خلف الحبايب من إخراج فؤاد الجزايرلي. بعدها بعامين، دعاه نجم الكوميديا الكبير علي الكسار للمشاركة في فيلمي علي بابا والأربعين حرامي ونور الدين والبحارة الثلاثة عام 1942، ليواصل بعدها سلسلة من المشاركات التي رسّخت مكانته كممثل واعد في الكوميديا المصرية. وفي عام 1949، جاءت الفرصة الذهبية عندما قدم أول بطولة مطلقة له في فيلم الناصح، ليبدأ بعدها مشوار النجومية الحقيقية، ويصبح واحدًا من أبرز نجوم شباك التذاكر في مصر. رائد كوميديا الأسماء.. "إسماعيل يس في..."مع منتصف الخمسينيات، وتحديدًا عام 1955، بدأ إسماعيل يس في تقديم سلسلة أفلام تحمل اسمه في العنوان، وهي سابقة في السينما المصرية، مثل: إسماعيل يس في الجيش إسماعيل يس في البوليس إسماعيل يس في الطيران إسماعيل يس في الأسطول وقد أخرج أغلب هذه الأفلام المخرج القدير فطين عبد الوهاب، وشكل معها ثنائيًا فنيًا ناجحًا لا يُنسى. الستينيات.. بداية التراجع رغم النجاح الكبير، إلا أن عقد الستينيات شهد تراجعًا واضحًا في إنتاجه الفني، وذلك لأسباب صحية واقتصادية. فقد أُصيب إسماعيل يس بأمراض القلب، كما أثّر ظهور التلفزيون على سوق السينما، وزادت عليه الأعباء المادية بعد تراكم الضرائب، مما اضطره لبيع ممتلكاته وحل فرقته المسرحية، وهو ما تسبب له في أزمة نفسية انعكست على أدائه الفني. محاولة العودة من لبنان في أواخر الستينيات، سافر إلى لبنان على أمل استعادة الأضواء، وشارك في ثلاثة أفلام هناك: كرم الهوى فرسان الغرام طريق الخطايا لكن هذه المحاولة لم تُكلل بالنجاح، فعاد إلى مصر ليُعيد تقديم المونولوجات التي بدأ بها، وإن على نطاق أضيق. العودة الأخيرة.. بدموع الفرح وفي عام 1972، منحه المخرج أحمد ضياء الدين دورًا ثانويًا في فيلم الرغبة والضياع، فقط ليخرجه من حالته النفسية. ورغم بساطة الدور، إلا أن استقباله داخل الاستوديو من الفنانين والعاملين كان حارًا ومؤثرًا، ما جعله يذرف دموع الفرح، وقد لمس في هذا الموقف الصادق كم أن الجمهور وزملاءه لا زالوا يحملون له الحب والاحترام. من ذكريات إسماعيل يس وفي حوار نادر أجرته معه مجلة "آخر ساعة" عام 1959، كشف إسماعيل يس أن سبب اتجاهه للكوميديا كان تأثير والدته، التي كانت جادة وميلها للدراما أثر عليه في طفولته. قال إن والدته توفيت وهو لا يزال صغيرًا، وأنه قرر أن يهرب من الحزن والنكد وأن ينشر البهجة بدلًا منهما. كما روى ضاحكًا قصة عن طفولته، حين كانت والدته تصنع له الخبز والكعك ليأخذه إلى الكُتاب، لكن شيخ الكُتاب كان يستولي عليه لجودته، فلا يتبقى له إلا قطعة صغيرة لا تسد رمقه! إرث لا يُنسى إسماعيل يس لم يكن مجرد نجم كوميديا، بل حالة فنية وإنسانية متفردة. هو ابن الشعب الذي نقل همومه على الشاشة بخفة ظل، وجعل الضحك وسيلة للمقاومة في وجه المتاعب. وفي ذكرى ميلاده، يبقى إسماعيل يس حاضرًا في ذاكرة الفن، بابتسامته و"ضحكته اللي كانت بالدنيا"، كما غنت عنه الأجيال. اقرأ أيضا|في ذكرى رحيله.. فنان الشعب سيد درويش نغمة خالدة في وجدان المصريين