تجربة ديمقراطية فريدة شهدتها مكتبة مبارك العامة ببنها بالقليوبية لتدريب الأطفال علي الحياة السياسية والانتخابات بعد أن أعلنت فتح باب القبول للترشيح لعضوية مجلس أمناء المكتبة تقدم أكثر من 40 طفلا لخوض الانتخابات فتم اختيار 21 منهم وهم من توافرت فيهم الشروط للترشيح علي 10 مقاعد فقط يمثلون أكثر من 1800 من رواد المكتبة.. ومنذ عدة أيام تم إجراء الانتخابات وفوز 5 من الأطفال الذكور و5 من الإناث بالمقاعد المذكورة. «روزاليوسف» رصدت التجربة قبل وبعد إجراء الانتخابات التي استخدم فيها الأطفال شعارات دعائية مؤثرة منها: «نتعاون.. ننتج.. نرقي» و«نحن لا نشتري الذمم ولكن نشحذ الهمم لنرقي جميعا للقمم» وغيرها من الشعارات، إلي تفاصيل الدرس الديمقراطي الذي لقنه الصغار للكبار: الدعاية بشعارات حماسية ما تشاهده في مكتبة مبارك العامة ببنها هو الجدران التي امتلأت بلافتات الدعاية التي تحمل شعارات وعبارات حماسية تعكس مدي اهتمام الأطفال بالمشاركة الانتخابية للفوز بعضوية مجلس أمناء المكتبة.. إلي جانب أوراق ومنشورات الدعاية التي يوزعها الأطفال بأنفسهم علي الرواد لترويج برامجهم في شكل مصغر لانتخابات مجلس الشعب أو الشوري. داخل المكتبة اقتربنا من إحدي الفتيات المرشحات واعطتني ورقة دعاية خاصة بها تحمل 3 كلمات «انتخبوا ميرام وفيق» في اعتقاد منها أنني أحد رواد المكتبة لتعرض علي برنامجها الانتخابي لمحاولة أن تحظي بصوتي، وتوضح ميرام التي لا يتجاوز عمرها 14 عاما بمنتهي الطلاقة أن الفوز في انتخابات مجلس أمناء لمكتبة يمكن الأعضاء من أن يصبحوا همزة الوصل بين الرواد والإدارة في توصيل أصواتهم والتعبير عن احتياجاتهم، وأنها رأت في نفسها الموهبة والقدرة علي سماع الآخرين فأقدمت علي ترشيح نفسها علي الفور بعد أن لاقت تشجيعا من أسرتها مما زاد حماسها لخوض التجربة الانتخابية، وتتمني ميرام أن تصبح سفيرة في المستقبل لتمثل مصر في المحافل الدولية. وكانت أمل علي تساند ميرام في تدوين العبارات الدعائية علي اللوحات ورسمها وتعليقها علي الحائط رغم أنها مرشحة هي الأخري في الانتخابات فيما يعبر عن التحالفات الانتخابية ورأت أمل 14 سنة أن فوز إحداهما بمثابة الانتصار للجميع قائلة: إذا فازت ميرام وخسرت سأقف بجوارها لمساعدتها في مهام عملها ومنصبها الجديد وهذا هو الحال في حالة تبديل الأمر بينهما. العمل الجماعي ودونت مروة عبدالقادر 15 سنة علي إحدي اللوحات شعارها الانتخابي «مجموعة واحدة.. حلم واحد» لقيامها بتشكيل مجموعة انتخابية في شكل مصغر للقوائم الانتخابية «المستقبل» تضم اثنين آخرين من أصدقائها وتقوم مروة بدعاية جماعية تطالب فيها رواد المكتبة بانتخابها هي وأصدقائها كمجموعة وتلفت إلي أن إقدامها علي خطوة ترشيح نفسها لمجلس أمناء المكتبة يعكس رغبتها المستقبلية في ترشيح نفسها لمجلس الشعب إلي جانب كونها تريد أن تصبح وزيرة للصحة. وتلتقط «يارا شريف» 15 سنة من مرشحي مجموعة «المستقبل» الحديث قائلة: «هذه التجربة تعلمنا كيف نثق في قدرتنا ونصبر علي ما يدور بداخلنا».. وتشير إلي أن برنامجهم الانتخابي يتضمن تنظيم حملات تدعو إلي التعاون في نظافة المكتبة والأماكن المحيطة بها وحفلات اجتماعية لتوثيق العلاقات بين الرواد ومسابقات في المجالات المختلفة واجتماعات دورية مع الرواد ومقابلتهم لسماع اقتراحاتهم وتلبية احتيجاتهم. ويشير رائد علي البدري 14 سنة من نفس المجموعة إلي برنامجهم الانتخابي الذي يركز بشكل أساسي علي الأطفال لأنهم يمثلون الفئة الأكثر من رواد المكتبة من حيث توفير احتياجاتهم كأطفال من ملاعب و«بلاي ستيشن» للترفيه وتنظيم رحلات وغيرها. وخارج القوائم الانتخابية والتكتلات رشحت ريهام الشعراوي 15 سنة نفسها كمستقلة دون الانضمام لأي مجموعة وأهم وعودها الانتخابية التي تري أنها تميزها عن الباقين إصدار مجلة دورية تعبر عن أنشطة ومجالات المكتبة المختلفة. وعلي الرغم من كون محمود كرم سالم 16 سنة مقدمًا علي ثانوية عامة العام المقبل فإنه يري ترشيحه لهذا المنصب بالمكتبة لا يعطله فالحياة ليست كلها مذاكرة. محمود اعتمد في حملته الانتخابية علي علاقاته الوطيدة بعدد كبير من رواد المكتبة فهو حريص علي التعامل مع المحيطين به بشكل بين ويري أن ثقة أصدقائه ستكون سبب منحه أصواتهم.. ويعتبر أن الإدلاء بالصوت الانتخابي أمانة. أما أحمد عبدالرءوف 12 سنة أصغر المرشحين فيتضمن برنامجه الانتخابي إقامة فرقة للتمثيل ومسرح عرائس وكافيتريا لتقديم المشروبات للرواد.. والدعوة إلي نشر السلوك الراقي بين الأعضاء. انتخابات شفافة ونزيهة وعن تنظيم الانتخابات تشير د. عبير الرباط نائب مدير مكتبة مبارك العامة إلي أنه في ضوء فاعليات مهرجان القراءة للجميع تم عمل مسابقات بين الرواد لاكتشاف مواهبهم وتنميتها، وتم الإعلان عن الانتخابات للرواد، وتضيف أن شروط الالتحاق بالترشيح تمثلت في ألا يقل سن الطفل عن 12 سنة والتفوق وحسن الخلق واللياقة والمهارة.. تقدم 40 طفلاً للانتخابات تم اختيار 21 ممن تنطبق عليهم الشروط، بحيث يفوز 10 أفراد منهم بمقاعد مجلس الأمناء.. وبدأوا في عمل الدعاية الانتخابية الخاصة بهم وتلفت إلي أن التصويت كان في صناديق انتخاب زجاجية شفافة موجودة في ثلاث لجان ونظراً لتميز الأطفال الذين تم اختيارهم سيتم وضع باقي الأطفال الذين لم يتمكنوا من الفوز في مناصب رؤساء نواد للأنشطة بالمكتبة الأيام المقبلة وتنحصر مهمة الفائزين من المشاركة في الرأي والتعبير عن باقي الأعضاء من خلال حضورهم اجتماعات مجلس إدارة المكتبة واستطردت يوم الانتخابات امتلأت حديقة المكتبة وأروقتها بحشود هائلة من الناخبين وذويهم للإدلاء بأصواتهم وحضر أكثر من 1000 شخص، مما يعكس اهتمام الأطفال بالانتخابات بصورة كبيرة، كما زادت أعداد أعضاء المكتبة من 1883 إلي 2267 عضواً لكي يتمكنوا من الإدلاء بأصواتهم لمرشحيهم وتم توزيعهم علي ثلاث قوائم في ثلاث لجان. اهتمام المحافظ وتضيف أن المستشار عدلي حسين محافظ القليوبية اهتم بشدة بمتابعة أجواء الانتخابات عبر الهاتف دقيقة بدقيقة إلي أن أطمأن بنفسه علي النتيجة المشرفة وقد أبدي سعادته، خلال تكريمه للفائزين بتسليمهم شهادات التقدير، وتوضح د. عبير رباط أن فرزه الصناديق استغرق نحو 6 ساعات وكانت من أصعب الأوقات علي الأطفال المرشحين ذويهم علي حد سواء وأعلنت النتيجة من خلال الميكروفون. فاز 10 أطفال بينهم 5 من الذكور هم محمود كرم سالم 16 سنة، عبدالرحمن أحمد محمد بالصف الثالث الاعدادي، داهر محمد حسن بالاعدادية، عبدالرحمن حسنين محمد 13 سنة، عبدالله سالم أولي ثانوي، و5 من الاناث هن مروة عبدالقادر فراج أولي ثانوي، أمل علي محمد علي 16 سنة، نورهان طلعت شاهين 17 سنة، ميرام وفيق 14 سنة، يارا شريف أولي ثانوي، ثم أقام الأطفال احتفالية كبيرة بحديقة المكتبة بعد إعلان النتيجة. المشاركة السياسية المستشار عدلي حسين محافظ القليوبية الذي كان يتابع الانتخابات لحظة بلحظة اعتبر أن التجربة تدريب عملي للأطفال وتنشئة علي الديمقراطية والمشاركة المجتمعية الإيجابية وتعريفهم بأهمية الانتخاب، بحيث يمكن خلق جيل سوي قادر علي المنافسة الشريفة وتحمل المسئولية، فغرس القيم والتقاليد والعادات الصحية في الطفل من الصغر بهذه الطريقة تشكل منه مواطنا إيجابيا في المستقبل يكون مقدراً للمشاركة المجتمعية والسياسية. وأوضح المحافظ أن تجربة انتخابات مجلس أمناء من الأطفال بمكتبة مبارك العامة تتم مثل أي انتخابات عامة بحيث ترسخ في الطفل تقاليد وتفاصيل العملية الانتخابية، وتقبل مبدأ المكسب والخسارة .