(حاول أن تتجاهل كل الدعوات الاجتماعية التي تأتيك اليوم.. أنت تحتاج إلي بعض الوقت بلا أي نشاط.. اقض اليوم في سريرك، أو بصحبة كتاب، أو بلعب هادئ مع أطفالك.. لتكن لديك الثقة في حدسك إذ إن جسدك يحتاج إلي الراحة، وعقلك يحتاج إلي إعادة شحن.. هذه الراحة لمدة يوم هي كل ما تحتاجه لمواجهة الأيام القادمة بحماس ونشاط متجدد).. كانت هذه فحوي رسالة (حظك اليوم) التي تصلني يوميا باللغة الانجليزية عبر البريد الإلكتروني، وفيها (طالع اليوم) بحسب (البرج) الخاص بكل شخص.. ولا أتذكر بالضبط متي بدأت تصلني الرسالة وإن كنت أعتقد أنها بدأت مع بداية تفعيل الميل إذ إنها مرتبطة بالموقع نفسه.. ومثلي مثل كثيرين آخرين: أحيانا أفتح الرسالة وأقرأها إذا توافر لدي الوقت ولم أجد رسائل كثيرة واردة لي في ذلك اليوم، وأحيانا أخري ألغي الرسالة دون أن أقرأها.. ولكن بالأمس فتحتها ووجدتها تحث علي الكسل والراحة فأعجبتني.. في عصر أكثر عقلانية وانفتاحا عاشته بلدنا كان الإعلام والمتنورون يهاجمون هذه الأفكار ويعتبرونها رجعية وبالية.. وكانت هناك أفلام سينمائية تسخر من الذين يعتقدون في الأبراج والطالع والحظ وما إلي ذلك من التنجيم وقراءة الكف وقراءة الفنجان واستشراف المستقبل.. ولم يكن ذلك الهجوم ضمن خلفيات دينية أو عقائدية بل اعتمد علي رفض كل ما لا يخضع للعقل وكل ما لا يعتمد علي العلم.. أما الآن وفي القرن الحادي والعشرين ومع غلبة التدين والمتدينين، لا تخلو صحف عديدة من باب (حظك اليوم)، وتمتلئ البرامج الصباحية علي القنوات الفضائية بخبراء النجوم والطالع الذين تنهال عليهم المكالمات التليفونية لسؤالهم عن تسيير أمورهم اليومية من أمثلة: أنا من مواليد برج العذراء، وزوجي من مواليد الأسد، ومش متفاهمين خالص.. أو أنا وابني من مواليد البرج نفسه ومع هذا آراؤنا دائما مختلفة.. ويبدأ الخبير في تحليل الأسباب ووضع الحلول الفلكية.. ويقول خبراء الإعلام ومعدو البرامج إن أعلي نسب مشاهدة تحققها برامج صنع الطعام، وبرامج الفلك والنجوم.. مما يجعل وجود فقرات الحظ والطالع وتوافق الأبراج من الفقرات الهامة تجاريا والتي يطالب بها المشاهدون وبالتالي يحبذها أصحاب الإعلانات لرفع نسبة المشاهدة.. أما عامة الناس فيقولون غير ما يفعلون.. إذا سألتهم عن النجوم، يقولون إنهم لا يؤمنون بها، ولكنهم يقرأونها من باب التسلية.. ولكنهم في الحقيقة يتابعون تلك البرامج ويتصلون بخبراء النجوم ويسألونهم: هل أقبل الزواج بشخص من برج القوس وأنا من مواليد برج الدلو؟ لا عيب أن يؤمن كل شخص بما يميل إليه ويقتنع به.. ولا توجد مشكلة في أن يعتقد البعض أن هناك علما ما يجعل للأشخاص الذين ولدوا في توقيت متقارب، صفات مشتركة وطباع معينة.. ومن الواضح أن اهتمامات الناس ليس في مصر فحسب، بل في مناطق كثيرة في العالم تتجه إلي الاعتقاد بهذه الأفكار من جديد.. ولكن المشكلة هي عدم التوافق بين ما ندعو إليه من أقوال وما نقوم به من أفعال.