يميل الإنسان بطبيعته الى حب الاستطلاع، والتعرف على الأمور التي قد تعترض طريقه. ولعل أهم ما يحب التعرف عليه هو المستقبل، ذلك الزمن الغامض، والقادم إليه لا محالة. وتشكل الأبراج والنجوم وقراءات المستقبل والطالع عالما زاخرا بالغموض والسحر يجذب إليه الكثيرين لمعرفة أسراره. غير أن هناك من لا يؤمن كذلك بهذه الأفكار. غير أن آخرين يعتبرون التعلق بقراءة الطالع "بدعا مضللة". فحسام خالد (27 عاما) يؤكد أن "الاهتمام الزائد بظاهرة التنجيم والتوقعات المستقبلية لا يعد أمرا صحيحا أو إيجابيا"، ويدعو إلى عدم التسليم بأقوال المنجمين. "لعب على عقول الناس، ليس أكثر" يضيف ساخرا، مستغربا في الوقت نفسه أن يستمر التعلق بهذه الأمور في هذا العصر، حيث "نجد من يتكل على المنجمين بكل عمل ينوي القيام به". ويضيف "لا أخفي أنني أقرأ احيانا برجي من باب التسلية والهواية، لكنني لا أفكر بما اقرأه بشكل جدي. أعتقد أن القدر مكتوب ولا يغيره إلا الذي كتبه". ويعتقد رئيس قسم الصحافة والاعلام في جامعة البترا د. تيسير أبو عرجة أن اهتمام وسائل الاعلام بالتنجيم ما هو إلا "انحراف عن هذه الوظيفة الاعلامية الاساسية". ويضيف: "إذا كنا نعترف بأن من وظائف الاعلام أيضا الترفيه والتسلية فإن هذه الوظيفة يجب أن لا تتعدى على حساب غيرها من الوظائف الجادة". ويعتبر أبو عرجة أن المبالغة في التركيز على هذه الامور تؤدي الى خلل في الوظيفة الاعلامية المطلوبة من تلك الوسائل، والتي من واجبها أن تركز على الوظائف الجادة التي تتصل ببناء عقل الفرد وشخصيته المتوازنة من حيث النوعية والتثقيف، وجعل الفرد عضو فاعلا في التنمية الشاملة. ويرى أن هذا الاعلام الهروبي الذي يبتعد عن الجدية، بدأ يتخذ أشكالا سواء كان ذلك من خلال الصحافة المكتوبة أو المسموعة أو المرئية، لمخاطبة الشباب بما يضعف من مساهماتهم المطلوبة جديا على الصعيد الثقافي والسياسي. ويعتقد أن هذا من شأنه إغراق الجيل الشاب في الامور السطحية، والتي لا تقدم شيئا لخدمة المجتمع وتضرب فقط على أوتار الغرائز وإضاعة الوقت ومخاطبة الجيل الناشئ بغير ما يفيد. وتشير هديل علي إلى أن الحظ له دور أحيانا. ولكن بالنسبة لها تعتبر الجد والاجتهاد أساسي النجاح الذي يحققه الانسان في كل عمل. وتضيف "لا يمكن أن نركن أيا من هذه المصطلحات والمفاهيم إلا عندما ينقطع الامل ويسود اليأس.. أو من باب التسلية". وتؤكد علي (28 عاما) أن أي شخص ينتظر الحظ لينقذه أو يعمل على تحسين ظروفه "يعد جاهلا"، مبينة أن الإنسان في هذه الحالة يعلق كل شيء على الحظ سواء كان ذلك في حالات النجاح أو الفشل. ويعود تاريخ التنجيم الى عصور قديمة، فتاريخ قراءة الكف يعود الى الهند والصين واليونان وغيرها. وقد أجرى باحثون دراسات مطولة، وألفوا كتبا عديدة حول دراسة الخطوط المرسومة في كف اليد من حيث قصرها واستقامتها، وخرجوا بتوضيح يبين أن هذه الخطوط لا تكشف شيئا عن القدر أو المستقبل. ويرى أستاذ الفقه الاسلامي د. منذر زيتون أن الحظ والتنجيم يتناولان أمورا غيبية هي من شأن الله، فهو وحده الذي يعلم الغيب ويقدر الامور، ولا يستطيع أي انسان أن يتنبأ بالغيبيات. ويضيف أن بعض الامور التي يتظاهر العرافون أنهم يحيطون بها علما، تكون أمورا حصلت في الماضي أو حصلت في الحاضر، وهي ليست أمورا غيبية ويحصلون عليها من خلال اتصالهم بعالم الجن. ويشير الى أن الحظ وقراءة الكف والفنجان هذه لا يمكن تصنيفها إلا على أنها دجل وكذب على الناس. ويؤكد أن الدين يحض الناس على عدم الالتفات الى مثل هذه الاشياء وعدم تصديقها.