قبل حلول ذكري الأربعين، نظمت مكتبة "خالد محيي الدين" بمقر حزب التجمع حفلا لتأبين المفكر المصري الراحل نصر حامد أبو زيد، حضره شباب الباحثين من أعضاء اتحاد الشباب التقدمي، التي غاب عنها الدكتور نبيل عبد الفتاح نائب مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، ومحمد فرج الأمين المساعد للتثقيف وإعداد الكوادر بالحزب، وأصدر الشباب التقدمي بالحزب بيانا طالبوا فيه كلا من وزير الثقافة ورئيس هيئة الكتاب بطبع الأعمال الكاملة للراحل في إصدارات مكتبة الأسرة. القاص عادل العجيمي، تلميذ الراحل نصر حامد أبو زيد تحدث عن أستاذه قائلا: كنت قريبا منه وقت حدوث أزمته، وأعلم أن في جوهرها لم تكن فكرية، وإنما نتيجة أزمة شخصية بينه وعبد الصبور شاهين، بدأت حين هاجم الدكتور نصر الشيخ شاهين وقال أنه يستخدم سلطة الدين في الترويج لأفكار أصولية، وإقناعهم بتوظيف الأموال باسم الدين، وكان يرأس لجنة الأستاذية، وفي هذا الوقت قدم الدكتور نصر الكتاب لنيل درجة الأستاذية، حينها أراد الشيخ عبد الصبور أن يثأر لنفسه من الدكتور نصر، فافتعل المشكلة وبدأ يصدرها خارج الوسط الجامعي، ونشرها علي مدي واسع في الإعلام، وللأسف لم يقف مع نصر أحد من الوسط الجامعي، كان موقفا مخزيا لأساتذة كلية الآداب، كانوا جميعا خائفين، وحين أصدروا بيانا كان مراوغا يفقتد للحسم، حتي أن أحد الأساتذة قال لنا وقتها حين سألناه عن تخاذل الأساتذة في دعمه: "نصر هو اللي حط إيده في عش الدبابير" وللأسف فإن نفس الشخص تاجر به بعد وفاته. وأضاف: للأسف كانت الناس قليلة في عزائه بعدما أشيع عن أن وفاته لعنة من الله، في حين أنه امتداد للمفكرين والأنبياء الذين أبعدوا عن ديارهم رغما عنهم، وليس أبلغ علي ذلك من قوله حين كان علي وشك مغادرة مصر، إنك لأحب بلاد الله علي قلبي ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت. مدحت صفوت باحث في الدراسات الأدبية والنقدية، أعد دراسة حول أعمال الراحل وقال: كنا نتمني أن نناقش الراحل لما نعرفه عنه من تقبله للاختلاف في الكليات والجزئيات، وقد طرح خطابات جريئة في طرحها، صادمة للمجتمع، عام 94، وعقب بدء الأزمة نشر دراسة في مجلة الآداب البيروتية عن أصحاب الفكر العصري للإسلام والتفسير الحرفي للقرآن، قال فيها أنه لا فارق بين المعتدلين والمتطرفين دينيا حاليا، وأنه لا يوجد مشروع لإسلام وسطي بعد، مناديا بمشروع بديل جوهره الفكر، كما نادي بمناقشة القضايا بقوة علي أرضية الواقع، مؤكدا أن الإسلام دين علماني إذا أحسنا فهمه، أما الكتاب صاحب الضجة الأكبر هو "نقد الخطاب الديني" الذي أعيد طبعه مرة اخري عام 95، مضافا له ثلاثة تقارير، أحدها للشيخ عبد الصبور شاهين، سخر فيه من الكتاب ومن أبو زيد، ولم يسلم أبو زيد إلي جانب التكفير من الانتقادات المنهجية من بعض العلمانيين ومن بينهم الدكتور محمود أمين العالم في كتابه "مواقف نقدية من التراث" قال إن أبو زيد يعطي أهمية للعامل الثقافي تفوق أهمية العاملين الاقتصادي والاجتماعي، وأنه لا يفرق بين الوسطية وفكر الوسط، والتوفيقية وفكر التوافق. ممدوح مكرم، باحث الدراسات السياسية بجامعة أسيوط، قال: لقد كانت منهجية الراحل مختلفة تماما، أخذ من التراث منطلقا للمعرفة، حاول أن يجد حلا للواقع العربي كي يخرج من دائرة التبعية ويبلور مشروعا تنويريا، انطلاقا من التراث العربي عند المعتزلة وابن رشد، فجمع بين البناء العقلاني عند المعتزلة، واللاعقلاني في فكر ابن عربي.