لأنه مطلب حقوقي طال انتظاره لذلك فإن تحقيقه علي أرض الواقع كان بمثابة مفاجأة مدوية حيث استقبلت المنظمات الحقوقية خبر الإفراج عن عدد من معتقلي البدو بترحاب كبير، خاصة الروائي والناشط السياسي مسعد سليمان حسن المعروف بمسعد أبوفجر صاحب مدونة «ودنا نعيش» وقد ظهر ذلك الترحيب من خلال البيانات المتتالية التي أصدرتها المنظمات الحقوقية التي وصفت القرار بالصائب. بالتوازي مع هذا القرار الإيجابي أصدرت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان تقريرها السنوي العشرين عن حالة حقوق الإنسان لعام 2009 والذي رصد انخفاض حالات التعذيب في عام 2009 مقارنة بالأعوام السابقة «روزاليوسف» رصدت هذه الأجواء الحقوقية وردود أفعال المنظمات. بيانات مصرية وصمت دولي أجمعت المنظمات من خلال بياناتها علي أن الإفراج عن مسعد أبوالفجر يعد خطوة إيجابية في حد ذاتها خاصة أنه صاحبها خطوة أكثر فاعلية وهي قرار وزير الداخلية حبيب العادلي بالإفراج عن 37 معتقلاً من أهالي سيناء مشيرة إلي أن ذلك يعد صفحة جديدة في إطار العلاقة بين الحكومة وبين المجتمع السيناوي، واللافت للنظر هو ترحيب المنظمات والحركات صاحبة النبرة الحادة مثل الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان وحركة 6 أبريل ومركز هشام مبارك للقانون. واعتبرت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أن قرار الإفراج عن أبوالفجر جاء أيضا كترجمة للجهود المتواصلة والمستمرة من قبل منظمات المجتمع المدني الدافعة في هذا الاتجاه مطالبة بضرورة العمل علي رفع حالة الطوارئ بشكل نهائي والحد من انتهاكات الحق في الحرية والأمان الشخصي المكفول بمقتضي الدستور والمواثيق الدولية. أما مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان فقد جدد مطالبه بضرورة إطلاق حرية الرأي والتعبير خاصة أن أبوالفجر تم اعتقاله بسبب آرائه بشأن إنهاء مظاهرة المتهمين تجاه بدو سيناء مؤكدا أهمية إغلاق ملف المعتقلين. ورغم أن قضية المعتقلين أثيرت بشكل قوي في جلسات المجلس الدولي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف إلا أن المنظمات الدولية استقبلت خبر الإفراج عن أبوالفجر بسلبية ملحوظة حيث لم تصدر أي بيانات في هذا الشأن بالمقارنة مع سياستها المعتادة والقائمة علي تصيد الأخطاء للحكومات العربية وفي ذات الوقت تجاهل وحشية إسرائيل وانتهاكاتها المستمرة في حق الشعب الفلسطيني. إشادة حقوقية وفي هذا الإطار، أثني حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان علي هذا القرار معتبرًا إياه مقدمة نحو إزالة التوتر القائم في سيناء قائلاً لابد أن يكون هناك تعاون بين الشرطة والحكومة بشأن الإفراج عن المعتقلين لدعم خطط التنمية والارتقاء بمستوي المعيشة في هذه المنطقة. واتفق معه في الرأي أيمن عقيل مدير مركز ماعت للسلام قائلاً: «إن هذه الخطوة تعد دليلاً علي حرص الحكومة علي اتخاذ خطوات جادة وإيجابية نحو الإصلاح الديمقراطي، داعيا إلي ضرورة تكاتف القوي السياسية والحزبية حول مطالب الإفراج عن كافة المعتقلين. وقال محمد زارع رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي أن القرار جاء متأخرًا لحد كبير رغم استمرار مطالبات منظمات المجتمع المدني في هذا الشأن.. أما ماجد سرور مدير مؤسسة عالم واحد للتنمية ورعاية المجتمع المدني فقد رحب بالقرار مطالبًا بإطلاق سراح نشطاء الرأي والمدونين. تقرير المصرية التقرير السنوي للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان لعام 2009 والصادر مؤخرًا رصد انخفاض حالات التعذيب في عام 2009 والتي بلغت 29 حالة بالمقارنة بعام 2008 والذي احتل قمة السنوات التي شهدت وقوع حالات تعذيب بواقع 47 حالة وتوزعت تلك الحالات علي مختلف المحافظات حيث احتلت محافظتا القاهرة وبورسعيد المرتبة الأولي والجيزة المرتبة الثانية و6 أكتوبر المرتبة الثالثة. واللافت أن نسبة الشكاوي الخاصة بالتعذيب والواردة للمنظمة بلغت 1.14% فقط من إجمالي 5500 شكوي في حين بلغت نسبة الشكاوي الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية 69.3% وهي أعلي نسبة شكاوي وفقًا لجدول توزيع الشكاوي المتعلقة بالحقوق محل الانتهاك. ولاحظ التقرير صدور بعض الأحكام القضائية خاصة في الفترة الأخيرة من حق المتهمين بتعذيب المواطنين حيث رصدت المنظمة خلال عامي 2008-2009 نحو 14 حالة محاكمة لمتهمين في قضايا تعذيب مطالبة بإصلاح تشريعي للقضاء علي الظاهرة وتعديل المادة 129 و126 من قانون العقوبات الخاصتين بجريمة التعذيب من أجل توسيع مجال فرض العقوبات علي مقترفيها ومنع الإفلات من العقاب.