أي عقل يجب أن نوجه إليه النداء؟ أي عقل في بلادنا يجب أن نتوجه إليه بأن يتدخل لإطفاء الحرائق التي تشب في الشارع المصري؟ من هو صاحب العقل الذي يجب أن نتوجه إليه بالنداء لكي يتدخل في حل مشكلة تكاد تحرق أعصاب الوطن؟ هذا هو السؤال، وهذا هو ما أجاب عنه الرئيس "مبارك"، حينما اجتمع بالهيئة البرلمانية لمجلس الشوري يوم الخميس 24 يونيو الماضي حينما طلب من سيادته نقيب المحامين الأستاذ "حمدي خليفة" بأن يتدخل (الرئيس) في الأزمة القائمة بين القضاة والمحامين، ورد (الرئيس) بأنه لا يتدخل في مشكلة مثل هذه، لأن هناك مؤسسات في هذا البلد، وهناك قانون ينظم الحياه بين الناس في مصر، وبالتالي فهذا متروك للعقلاء من أهل القضاء وأهل المحاماه !و انتهي حديث الرئيس. وكنت قد كتبت يوم 14 يونيو في عمودي بجريدة "روزاليوسف" اليومية تحت عنوان (تعصب فئوي بالوطن)، كتبت بأن مصر تقوم علي مؤسسات دستورية، وهناك نظام عام، وقانون عام، ودستور، يجب علي الجميع احترامه. كما أنه من الواجب بل من المؤكد بأننا لن نسمح (ولكن لا شك سمحنا) بأن يختلف الصغار، ويقع فيها الكبار كما جاء بالأدب الشعبي المصري. خناقة بين وكيل نيابة ومحامي، ثم تنقلب الدنيا وتقف الحياه، في أهم مرفق دستوري ومؤسسي في مصر، شئ من الخيال. ومع ذلك كان العقل الذي يجب أن نتوجه إليه بالنداء، هو النظام المؤسسي المصري بجانب أننا يجب أن نتعلم من الأحداث وأن نتلافي الوقوع في مثل هذا الخطأ، بأن نحَصِنْ أنفسنا بإضافة قانون جديد أو تعديل في تشريع، أو قيام المجتمع بوضع حدود فاصلة بين السلطات التي أصبحت في صورة أو مشهد تنازع دون مبرر حقيقي ولكن لتصرف بعض الصغار، وتحركت "الكرامة" و"العنجهية" ، و "الفئوية"، وانقسم المجتمع إلي "كاره و مكروه"!!. هذا ما يجب علي سلطتنا التشريعية أن تتصدي له، بأن تدرس هذه الحالات وأن تقبض بيد من القانون علي تلك التشوهات في الحياه السياسية، كما فعلت بالضبط بالنسبة لقانون الأحوال الشخصية لأقباط مصر، فالقانون خلقناه ليؤكد العرف ويؤكد علي الهوية وعلي الشرائع السماوية التي لا يجب أن تُمس من أحد !!حتي ولو بالقانون!