رغم قدم القضية، إلا أن خطورة الفكر المتشدد علي المجتمع المصري، بل وعلي الإسلام نفسه كانت موضع اهتمام عدد كبير من الباحثين والمفكرين خلال الأيام الماضية، ربما لتزايد المساحات التي يكتسبها هذا الفكر المتشدد من الشارع يوما تلو الآخر، ففي الندوة التي استضافها مركز القاهرة لحقوق الانسان قبل ايام كان النقاش ساخنا حول كتاب "التيار الوهابي في مصر" بين مؤلفه فكري عبد المطلب وعبد الرحمن البر عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المحظورة. احتد النقاش عندما قال الأول إن الجماعة المحظورة تسعي لإقامة دولة دينية في مصر، مشيرا إلي ان الفكر الوهابي، يتبني مبدأ "أنا الإسلام"، وهو نفسه ما ذهب اليه حسن البنا مؤسس "الإخوان" عندما اعتبر الجماعة دعوة الاسلام في القرن العشرين، ولم يختلف عنه مهدي عاكف مرشد الجماعة الاسبق عندما ردد نفس عبارات بن لادن التكفيرية التي تختصر البشر في فريقين احدهما مؤمن والاخر كافر. أثار حديث عبد المطلب غضب عبدالرحمن البر الملقب بمفتي الجماعة، فاتهم المؤلف بالخلل في بحثه العلمي وقال ان الجماعة تختلف مع الفكر الوهابي،واستدرك لكن لا أستطيع ان اقول ان التوحيد الوهابي مواز للتوحيد الاسلامي لاني بذلك اكون قد كفرت حملة هذا الفكر، وراح مفتي الجماعة يدافع بقوة عن ابن القيم قائلا انه اهتم كثيرا بتغير الفتاوي لمواكبة ظروف العصر والمجتمع، وحاول البر كسب تعاطف المشاركين متسائلا: لماذا يغضب الناس من الإخوان بهذه الدرجة ولا يغضبون من التزوير الذي تتعرض له الجماعة عندما تشارك في الانتخابات فرد عليه المؤلف بان الجماعة جزء من اللعبة السياسية بكل سلبياتها. من جانبه قال الباحث سمير مرقس إن خطورة التيار الوهابي علي المجتمع تأتي من اعتقاد أساسي لدي اصحابه بانهم هم المركز وان باقي التيارات والاتجاهات تمثل التوابع، مشيرا إلي ان الاسلام المصري قطع شوطا طويلا من الاجتهاد بلغ ذروته علي يد المفكر محمد عبده. واذا كان مفتي الإخوان قد تنصل من العلاقة بين أفكار جماعته والمنهج الوهابي فان كتاب "الوهابية تشوه الاسلام" الذي شارك في وضعه عدد من الباحثين والمؤلفين يكشف بوضوح التماس الكبير بين أفكار الجماعة التي ظهرت في برنامج الحزب الذي اعلنت عنه، وبين الفكر الوهابي ومن ذلك الاصرار علي حرمان المراة وغير المسلم من الولاية العامة. يمضي الكتاب الذي شارك في اعداده د.شوقي الفنجري ود. عبدالفتاح عساكر ود احمد السايح والشيخ ناصر عبد الحميد وخالد الحليبي، مستعرضا اخطر الفتاوي علي المجتمعات خاصة تلك المتعلقة بالتكفير والقتل وتلك المتعلقة بالنظرة للمرأة والموقف من الفنون علي اختلافها ، واعتبر المؤلفون أن التيارات الدينية المتطرفة تمزق المجتمعات، فهي تعتبر الديمقراطية شر وحرام ولا تعترف بالتعددية الحزبية ولا قيم المواطنة. وحمل المؤلفون الفكر الوهابي مسئولية افساد حياة المسلمين في الغرب بسبب عزلهم شعوريا عن المجتمعات التي يعيشون فيها وهجوم قادة هذا المذهب المستمر علي هذه المجتمعات، وطالبوا في النهاية بمحاربة الفكر في المنطقة من خلال تجفيف منابع الاموال الطائلة التي تعد سببا كبيرا في انتشاره في ربوع المنطقة العربية والعالم اجمع.