من أهم الأعمال الدرامية الناجحة والمتميزة جدا التي كتبها السيناريست د. مدحت العدل علي مدي مشواره الطويل تأتي حلقات »قصة حب« التي شاهدناها خلال شهر رمضان علي شاشة قناة الأسرة لتحتل قمة الهرم مع بعض الاعمال الأخري التي أستمتعنا بها في الأيام الماضية علي القنوات الأرضية والفضائية المصرية والعربية. وحلقات »قصة حب« أسعدني الحظ بمتابعتها في لجنة مشاهدة الأعمال الدرامية التي شكلها أنس الفقي وزير الإعلام برئاسة المفكر والأديب والأكاديمي الكبير د. فوزي فهمي ووجدت إنها تعالج قضايا كثيرة مهمة لعل من أهمها علي الإطلاق قضية التطرف الديني حيث تم فتح هذا الملف الشائك بكل صراحه وجرأة وبحث جذور هذه المشكلة ووضع يديه علي الداء وحدد أسبابه وكيفية علاجه وإستئصاله علي أسس علمية وتربوية وسلوكيه ودينية وهو الأمر الذي جعلني ألتقي بالمهندس أسامة الشيخ رئيس إتحاد الإذاعة والتليفزيون والمهندسة راوية بياض رئيس قطاع الانتاج المنتج المشارك في إنتاج الحلقات مع »العدل جروب« لإبلاغهما أهمية الحدوتة الدرامية التي تناقش قضية التطرف الديني بصوت عال في الأسرة والمدرسة وعدة مواقع أخري مهمة وما تقوم به أجهزة أمن الدولة من جهود جباره لمواجهة هذا الخطر السرطاني الذي يهدد خطره أمن وسلامة كل أبناء هذه الأمة التي لم تعرف عبر تاريخها شيئا عن المغالاه في أمور الدين الإسلامي السمح. وكم كانت سعادتي وأنا أسمع المهندس أسامة الشيخ في وجود المهندسة راوية بياض والإعلامية ناديه حليم رئيس التليفزيون بأنه قرر إعادة عرض حلقات »قصة حب« بعد انتهاء أيام عيد الفطر المبارك علي شاشة القناة الأولي لأهمية وخطورة العمل الذي أشادت به تقارير لجان القراءة العليا بقطاع الإنتاج ولم تعترض عليه رقابة التليفزيون أو تحذف منه اية مشاهده رغم جرأته الشديدة كما ذكرت من قبل في سطوري السابقة. وأعود لأتحدث عن تفاصيل حلقات المسلسل الممتع »قصة حب« وأؤكد ان هذا العمل يحسب للإعلام المصري ولولا مناخ الديمقراطية الذي نعيشه في عهد الرئيس حسني مبارك ما كان يمكن لمثل هذه الحلقات ان تعرض مثلما حدث بالضبط مع عمل آخر رائع تحدثت عنه في الأسبوع الماضي وهو مسلسل »الجماعة« لوحيد حامد والمخرج محمد ياسين مع إختلاف مضمون العملين شكلا وموضوعا. وتغوص حلقات »قصة حب« في أعماق المجتمع المصري وتضع عدسة الزووم علي التربه الخصبة التي تستقبل بذور التطرف وتظل ترعاها حتي تنمو وتكبر وتستفحل ثم تتوغل وتتوحش لتأكل الأخضر واليابس وأقصد بذلك الأسرة حيث شهدنا كيف نشأ الطالب عبد الرحمن عبد الله الأسناوي في مناخ غير صحي وملوث »بالأفكار المتطرفه« لأب له إتجاهات متشدده في فهم أمور الدين الصحيح ولأم منتقبه رغم حصولها علي شهادة الماجستير في الفلسفة وعملها بقسم التوثيق بالشهر العقاري وكيف ورث الأبن »عبد الرحمن« صفات الأب بعد رحيله وقيام الأم »رحمه« بأستكمال مسيرة الأب في تربية الأبن الذي ألتحق بمدرسة »العبور« الثانوية المشتركة وهو يحمل أفكارا متطرفة تلقاها وتعلمها علي أيدي الشيخ الداعية المتطرف »عبد العليم النمر« وصديق والده الراحل »بدر« الملتحي الراغب في الزواج من الأم »رحمه« ويتحدث عنها بحب ورغبة مكتومه لا يمكن أن تصدر عن داعية إسلامي صاحب فكر مستنير لأن الأفكار المتميزه لا تلتقي أبدا مع رغبات أو شهوات الجسد الباحث عن اللذه الحسيه فقط مثلما الامر عند الحيوانات! ويتطرق العمل أيضا للأسلوب الذي تدار به العملية التعليمية في مدارسنا وتوضح الفارق بين المعلم التربوي والمدير أو الناظر المتزن والعاقل والواعي والفاهم لأصول التربيه والتعلم وغيره من المعلمين الأنتهازيين الذين يتاجرون بالدروس الخصوصية وإستثمار أموالهم في إدارة الأماكن التي تبيع داخل المدرسة كل ما يحتاجه الطلبه من الأطعمه والمشروبات مثلما يفعل »نصحي المصلحي« وكيل المدرسة الفاسد. وفي جزئية أخري مهمة من أحداث المسلسل نري كيف غزل قلم السيناريست مدحت العدل خيوط »قصة حب« ناعمه ورومانسية تنشأبين ناظر مدرسة »العبور« الثانوية »يس الحمزاوي« و»رحمه« والدة الطالب المتطرف »عبد الرحمن« من خلال المراسله عبر موقع كل منهما الإليكتروني في شبكة الإنترنت حيث راحا يتبادلان وجهات النظر في أسلوب تعامل الأبن داخل المدرسه مع زملائه خاصة بعد ان أصبح رئيسا لإتحاد الطلاب ومرورا بعمل »عرفان« شقيق الناظر »يس« في جهاز مباحث أمن الدولة المسئول عن مكافحة الشبكات المتطرفة حيث تم رصد لقاءات ومراسلات الناظر مع والدة الطالب وتفجرت الأزمات والمشاكل بين الشقيقين »يس« و»عرفان« لإختلاف كل منهما في وجهة نظره للأمور فالناظر يري انه يؤدي واجبه التربوي وشقيقه متمسك بواجبه كرجل أمن وتزدحم أحداث المسلسل الممتع بملفات أخري كثيره تضيق المساحه هنا بالحديث عنها ولكنها تصب في نهاية المطاف داخل إطار الحدوته الدرامية التي تتحدث عن قضية التطرف والمتطرفين الذين يعيشون بيننا ويفسدون بأفكارهم المتشددة العقول والقلوب ويسعون الي هدم أركان الدولة ونشر ثقافة التطرف بين أبنائها. إنني أهنئ صناع هذا المسلسل المهم وكاتبه ومخرجته الرائعه إيمان الحداد ولنجومه المبدعين جمال سليمان وبسمه وإنتصار وكارولين خليل وخالد سرحان وأمير كراره وحجاج عبد العظيم ومني هلا وصبري عبد المنعم وحنان سليمان وسامي مغاوري ومحمد الشرنوبي الذي قدم دور الطالب المتطرف »عبد الرحمن الذي إسترد وعيه وتفكيره المفقود بفضل الأسلوب التربوي للناظر »يس الحمزاوي« والذي نجح ايضا في إعادة الأم »رحمه« الي الحياه في إطار صحيح الدين الإسلامي وزواجه منها مؤكدا ان الحب يكون أحيانا خير علاج لأزماتنا ومشاكلنا الاجتماعية الخطيرة بدلا من استخدام اسلوب القوة وفرد العضلات . وتهنئتي أيضاً للمطرب »لؤي« وللملحن عمرو مصطفي وهما اللذان صنعا من كلمات السيناريست مدحت العدل تترات علي مستوي فني عال لحلقات هذا العمل المحترم وأطالب بإقامة الندوات والحلقات النقاشية حوله في مدارسنا وأنديتنا وقصور الثقافة وجمعيات المجتمع المدني بل وفي أحزابنا أيضا علي مختلف أفكارها واتجاهاتها السياسية. ففي القضايا المجتمعية المهمة يجب أن نكون جميعا علي قلب رجل واحد.