بريدك الالكتروني مخترق طبقا لقانون الإرهاب الامريكي الذي يقع تحت مظلته شركة «جوجل». سنكون أغبياء وربما مغفلين عندما نعتقد ان اسرارنا الشخصية التي نتداولها عبر الايميلات في مأمن من أعين الحكومات والبصاصين عندما نمتلك ايميلاً بكلمة سرية. فقد كشفت شركة جوجل، التي نأتمنها علي أسرارنا في البريد الإلكتروني والخرائط الرقمية والفيديو عبر يوتيوب وسواها من الخدمات، أن الحكومات في العالم تطلب منها باستمرار معلومات خاصة عن المستخدمين. وأن عدد الطلبات التي تقدمت بها الحكومات للحصول علي هذه المعلومات بلغ 10000 خلال النصف الثاني من العام 2009 . تجسس وحجب وقالت الشركة، التي تكشف عن هذه الطلبات للمرة الأولي، إن الحكومات سعت عبر طلباتها الي الحصول علي معلومات شخصية عن مستخدمين للإنترنت أو لحجب بعض المعلومات. وأضافت جوجل أن البرازيل هي البلد الذي تقدم بأكبر عدد من الطلبات والتي بلغت 3663 طلبا. فيماحلّت الولاياتالمتحدة في المرتبة الثانية ب3580 طلباً، وفي المركز الثالث جاءت بريطانيا بنحو 1166 طلبا أي بفارق كبير عن طلبات الدولتين السابقتين. لكن ما الذي تطلبه الحكومات من جوجل عن المستخدمين؟ تقول جوجل في تقريرها المنشور حديثاً إن البرازيل مثلا طلبت إزالة عدد كبير من المعلومات عن نتائج البحث التي تظهر في جوجل وتتلخص ب291 طلبا أما ألمانيا فحلت بعد البرازيل، إذ وجّهت 188 طلبا لإزالة معلومات. أما الهند فوجهت 421 طلبا، تلتها الولاياتالمتحدة بنحو 123 طلبًا. خرق الحريات وخنقها لكن موضوع إزالة المعلومات ليس المشكلة الكبري، وما هو مُعلن في هذه القضية أقل بكثير مما هو غير مُعلن. فالمُعلن ليس بعيداً من المنطق، إذ إن طلبات إزالة المعلومات الموجهة من ألمانيا إلي جوجل كانت تتضمن ما هو متعلق باستغلال الأطفال جنسياً. كذلك كان الأمر بالنسبة إلي الهند. لكن في المقابل فإن المعلومات التفصيلية غير المُعلنة، والتي قد تطلبها حكومة الولاياتالمتحدة بموجب قوانينها كقانون مكافحة الإرهاب مثلا، يمكن أن تصل إلي حدود لا يتخيلها أحد. فمثلا قد يتضمن الطلب المُحتمل، الآتي: «بموجب قانون الأمن الداخلي، واستنادا إلي قانون مكافحة الإرهاب في الولاياتالمتحدة، نطلب منكم تزويدنا بكل محتويات رسائل البريد الإلكتروني التي تمت من خلال بريد جي ميل Gmail والمحادثات الصوتية والنصية Chat والمواقع التي تمت زيارتها والمعلومات المالية التي تم استخدامها ما بين فبراير 2005 وأبريل 2010 والتي تخص السيد «وت» الذي يحمل الجنسية المصرية ويعيش في أسيوط مثلا». وبهذه الطريقة قد يُصبح السيد «و ت» المواطن المصري البريء والبعيد من الشُبهات مخترقا من جانب القوانين في الولاياتالمتحدة، والتي تعتبر المُتهم مذنبا حتي يثبت العكس وهذا ما يبدو أنه مطبق في قوانين مكافحة الإرهاب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر في الولاياتالمتحدة. كما أن الولاياتالمتحدة لديها أصدقاء ويمكن أن تطلب، استنادا إلي اتفاقات أمنية موقعة مع حلفائها، من جوجل أن تزودها بمعلومات عن شخص في العراق مثلا، لمصلحة دولة حليفة في الشرق الأوسط، مثل تركيا أو إسرائيل أو مصر وغيرها من البلدان الصديقة أو الحليفة. وهذا الأمر يوسّع الإختراق الذي يتعرض له المستخدمون لا في مصر فحسب بل في كل بلدان العالم. ويُصبح من هو في نظر الولاياتالمتحدة شخصا سيئا، معرضا لاختراق شخصي وأمني واجتماعي وإنساني وسياسي ومالي، وسائر ما يُمكن اختراقه. وجوجل شركة خاضعة لقوانين الولاياتالمتحدةالأمريكية، لذلك فإن أي قانون سيصدر من جانب المشرّعين ويُجبر شركات الإنترنت علي نقل معلومات تخص المستخدمين، فإن الشركات ستلتزمه. وينبغي هنا التذكير بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وخصوصا المادة 19 التي تقول: «لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء من دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت من دون تقيد بالحدود».