حقا لا مستقبل دون تعليم ولا تعليم دون تربية ولا تربية دون أسرة، فالقائمون علي النظام التعليمي في مصر ينقسمون إلي فريقين، فريق يؤمن بأن التربية هي التعليم ويقصرون تربيتهم علي التعليم الديني ويؤمن أنصار هذا الفريق أن حفظ القرآن هو التربية في أسمي معانيها، وتقاس درجة تربية الشخص بقدر ما يحفظ القرآن الكريم. وفريق ثانٍ يؤمن بأن التفوق الدراسي هو التربية بعنيها فالشخص المتفوق دراسيا لا يحتاج إلي تربية ولا يحزنون، وفي ظني أن كلا الفريقين علي خطأ، فالعلم دون سياج تربوي لن يجدي، والتربية دون تعليم حقيقي لن تجدي كذلك. إن النظام التعليمي في مصر الآن يمر بمرحلة دقيقة فلا تربية حقيقية ولا تعليم حقيقيا ذهب الجوهر ولم يبق إلا الشكل كما اللبن منزوع الدسم تماما. هذا الشكل تسبب في خلق مسارات تعليمية بديلة ومتعددة، فالتعليم الحكومي أصبح طاردا ولم يعد به ما يجذب طلبا حقيقيا علي خدمة التعليم، والتعليم الخاص تحول إلي مشروعات استثمارية تهدف إلي الربح، والتعليم الأجنبي تحول إلي سرقة مقننة لسرقة العقول المصرية وتصديرها إلي الخارج بعد اكتمال نموها. هذه المسارات البديلة والمتعددة للتعليم خلقت وراءها مسارات اجتماعية متعددة بأخلاقيات ومرجعيات وثقافات بديلة ومتعددة. إنني لا أبحث عن التطابق ولا التشابه ولكني أبحث عن قواسم مشتركة لمشتركين في وطن واحد ومن خلال هذه القواسم نستطيع أن نبني هرما من الأحلام والطموحات الوطنية، إننا حتي الآن نتكلم لغة واحدة لكننا قريبا وقريبا جدا سنفقد هذه الميزة وسيكون بيننا فصيل لا يتكلم العربية ولا يحبذ أن يتكلم العربية من الأساس، إننا كثيرا ما نردد ونكتب أن التعليم مسألة أمن قومي لكن الحقيقة أن أحدا منا لم يتعامل معها علي هذا الأساس بيد أن سرعة البحث عن آليات جديدة لضبط المنظومة التعليمية تكون من خلال إيجاد قواسم مشتركة لتلك المسارات المتعددة. إن التعليم هو وسيلتنا الوحيدة لمواجهة تلك التحديات المجتمعية المتعددة فالمجتمع انطلق وخرج من سباته لكنه لن يصل إلي مبتغاه إلا علي جناحي التعليم والبحث العلمي. إن حركة المجتمع صارت أقوي من حركة العملية التعليمية، إن العالم يتطور بسرعات مذهلة لا يكاد المرء منا يلحظها بسهولة فالنظام العالمي الجديد وسيادة مبادئ وقواعد العولمة وحرية التجارة بمفهومها الواسع وكل هذه المفاهيم تلقي بظلالها علي جميع النظم التعليمية في دول العالم وفي مصر التي تحاول أن تكون جزءا من النظام العالمي الجديد علي وجه الخصوص يجب أن تكون العملية التعليمية مرآة لكل طموحات وتحديات المجتمع لكن وقبل أن نسرع الخطي في مضمار العلوم والبحوث وجب علينا أن نسير بنفس السرعة في مضمار العلوم والبحث، وجب علينا أن نسير بنفس السرعة في مضمار التربية والأخلاق ليعلو البنيان متناسقا لكن علينا أن نبدأ فورا في العمل وعلي كل المحاور وننفض غبار النوم والكسل والإتكالية واللامبالاه ونمحو من قاموسنا كلمات صعب ومستحيل ومفيش فايدة وأنا ما لي إلي آخر هذه المصطلحات التي تدعو إلي اليأس والإحباط علينا جميعا أن نكف عن الكلام فورا ونبدأ في المشاركة الإيجابية كل منا يشارك حسب موقعه.