افتقد الالماني لوكاس بودولسكي لهدوء الأعصاب عندما اهدر ركلة الجزاء المحتسبة في الدقيقة الستين للمباراة التي حقق فيها منتخب صربيا فوزاً ثميناً بهدف نظيف فمثل ذلك انتكاسة مباغتة لماكينات أوروبا الذين يمتلكون سجلاً متميزاً في التعامل الأمثل مع ركلات المعاناة قبل أن ينضم بودولسكي لقائمة ضحايا إهدار ضربات الجزاء في المونديال. ووضع الاتحاد الدولي لكرة القدم قواعد جديدة لتنفيذ ركلات الجزاء بدأ تنفيذها في هذا المونديال وتزامن ذلك مع الحديث عن تواصل جهود الفيفا لكشف أسرار ركلات الجزاء من خلال تكليف العديد من المختصين لإلقاء النظر علي أكثر الركلات شهرة وعلي بعض الإخفاقات التي لا تزال عالقة في الأذهان. وحظرت قواعد الفيفا الجديدة علي اللاعبين التوقف عمدا في آخر لحظة قبل تسديد الركلة بهدف تغيير الاتجاه وخداع حارس المرمي ليرتمي في زاوية غير التي ستذهب إليها الكرة بالإضافة الي اعتبار ذلك سلوكا غير رياضي يستحق اللاعب عنه بطاقة صفراء ويتم إلغاء الهدف الذي احرزه بسبب هذا الخداع، ويعاد تنفيذ الركلة. ومثل نجاح الحارس الصربي فلاديمير ستويكوفيتش في التصدي لركلة الجزاء التي نفذها بودولسكي مهاجم المنتخب الألماني اهداراً للاستفادة من فرصة تحقيق التعادل للمانشافت إضافة الي التأكيد علي استحالة قرب التوصل لتسديد ركلة الجزاء المثالية. وقال الالماني بودولسكي: عادة ما أسجل من نقطة الجزاء، لكن الحارس توقع جيداً اتجاه الكرة وأضاف: سنكون بحاجة إلي الروح. وبحسب دراسة الباحثين في جامعة جون مورز في ليفربول لتركيبة ركلة الجزاء المثالية من خلال متابعتهم لمئات المحاولات فقد اكتشفوا أن خمس أو ست خطوات تتبعها تسديدة بسرعة 105 كم/ساعة أو أكثر تصيب زاوية 20 أو 30 درجة، كلها أمور ستسفر عن تجاوز الكرة لخط المرمي في نقطة تبعد 50 سم عن العارضة أو أحد القائمين وهو ما يجعل المهمة مستحيلة أمام الحارس لصدها. ولكي لا يتفوق أحد عليهم، قام إحصائيو كاسترول بأبحاث لمدة عامين ليكتشفوا أن 95.4 في المائة من ركلات الجزاء التي تنفذ عالية، ستجد طريقها إلي الشباك، في حين أن 71.3 في المائة من الركلات التي تنفذ أرضية تدخل الشباك. ووفقاً لموقع الفيفا الالكتروني فهناك مدافع اكتسب سمعة بأنه اللاعب القاتل من مسافة 12 ياردة وهو الألماني أندرياس بريمه ويدين المانشافت بلقب كأس العالم إيطاليا 1990 إلي هذا اللاعب لأنه سجل هدف المباراة النهائية الوحيد أمام الأرجنتين من ركلة جزاء. غير ان المفارقة في أن منتخب المانيا لم يكن ليصل إلي ذلك النهائي المونديالي لو لم يفشل الظهير الأيسر الإنجليزي ستيورات بيرس من النقطة ذاتها خلال مواجهة نصف النهائي الدراماتيكية مع الماكينات. في حين ذكر علماء نفس بأنهم اكتشفوا السر الذي يؤدي لأن يضيع بعض اللاعبين ركلات الجزاء تحت الضغط بينما ينجح آخرون وتوصل البحث، الذي أجراه علماء من المدرسة النرويجية لعلوم الرياضة، إلي أن اللاعبين الذين ينفذون ركلة الجزاء مباشرة بعد صافرة الحكم هم الأكثر عرضة لإضاعتها من الذين يأخذون لحظات للتفكير. كما اعتبر الباحثون النرويجيون أن التوتر الذي يصاحب تلك اللحظة يسبب لبعض اللاعبين ما يعرف ب (انهيار التناسق الذاتي) مما يؤدي لاضاعة ركلة الجزاء، حتي لو كانوا يسجلون بنجاح علي الدوام اثناء إجراء التدريبات. ويتمتع نجوم ألمانيا بسجل مثالي في مجال ركلات الجزاء خلال المنافسات القارية والعالمية لكن ركلة بودولسكي الأخيرة اثرث بالسلب علي ذلك السجل لكونها أول ركلة مهدرة منذ أن أخفق الالماني أولي هونيس، أمام منتخب بولندا في مونديال 1974 . وهناك رجل واحد يعلم تماما كيفية تنفيذ ركلات الجزاء تحت الضغط الهائل، وهو مدرب البرازيل الحالي دونجا الذي حافظ علي رباطة جأشه وسجل في الشباك الإيطالية ليقود بلاده إلي الفوز بكأس العالم 1994 بعدما حسم المباراة النهائية بركلات الجزاء الترجيحية. وبهذا الصدد قال المدرب دونجا "إن الظرف البدني والعزم الذهني للاعب هما عاملان حيويان لتنفيذ ركلة الجزاء مضيفاً : يقولون في البرازيل أنها ركلات الترجيح والجزاء مهمة للغاية لدرجة أنه لا يجب السماح لأحد بتنفيذها سوي القائد . يشار الي البرازيلي فالديمار دي بيريتو اول لاعب يضيع ضربة جزاء في تاريخ بطولات كأس العالم وذلك في مباراة البرازيل و إسبانيا بمونديال العام 1934 في إيطاليا والطريف ان دي بريتو الذي سدد الكرة فوق العارضة هو من أكتشف الأسطورة بيليه.