يصعب أن نرضي بالوقوف صفّين متواجهين متضاربين بالنسبة " للواقعة المؤسفة"كما وصف السفير مارك فرانكو رئيس وفد مفوضيّة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة مقتل الشاب السكندري خالد سعيد المنسوب إلي المعاملة المتوحّشة لبعض أفراد الشرطة! بكل ّتأكيد فإنّ وزارة الداخليّة تعرف أنّ مثل هذه الحوادث لم يعد من الممكن إخفاؤها ومن ثمّ تجاهلها أو تبريرها أو تزييفها. والرأي العام المكلّفة الوزارة برقابته وحمايته من المندّسّين ،قدأمدّته التكنولوجيا بوسائل تجعل معلوماته غير محدودة. لا يوجد ما يقنع أو يبرّر ما تردد أن يقوم اثنان من المخبرين بدفع رأس متّهم في شريحة رخامية داخل المحل الذي ذهب اثنان من المخبرين، للقبض عليه فيه ! وهو ما أدي إلي إصابته وتلطيخ وجهه بالدماء، ثمّ يقومان بسحله إلي داخل مدخل إحدي العمارات المجاورة ويضربانه بقسوة ويخبطان رأسه في الباب الحديد حتّي كسرت أسنانه وصمت نهائيّا وفقد حقّه في قدرته علي الصراخ . ونشطت منذوقوع الحادث، المدوّنات، تتابع وتنتظر نتائج التحقيقات التي أمر بها النائب العام، ونصبت قناة الجزيرة مكلمة عن إهدار حقّ المواطن المصري، وركب نوّاب جماعة الإخوان الموجة. وتسبّبت بعض الأعمال التي طالما نادي الكثيرون بوقفها من إلحاق الأسي والأذي بنا جميعا. وأمام منظر الشاب التي استخرجت جثّته لإعادة تشريحها والمنشورة علي مواقع كثيرة إلي جانب صوره الوديعة المفعمة بالحياة كشابّ مصري يحلم بالمستقبل، وفي جلبة الاحتجاجات الداخليّة والخارجيّة،يتواري مابقي لدي المصريين من مشاعر الرضا عن بعض تصرفات الشرطة في مصر. حتّي لوكان خالد مجرما، فما حدث له يشوّه وجه الداخليّة التي يكرم الرئيس مبارك اسماء رجالها كلّ عام في عيد الشرطة ويمنح أسرهم أوسمة الاستحقاق. يشوّه رجالا ضحوا بحياتهم في سبيل أمن واستقرار الوطن.. هؤلاءالرجال حملوا ارواحهم علي اكفهم ولم يهابوا الموت ودفعوا حياتهم من أجل انقاذ حياة الاخرين . إنّ للشرطة شهداء لكل منهم قصة بطولة وتضحية، لن أتحدّث عن البطولة الجماعيّة أيّام مقاومة الإنجليز المستعمرين ومواجهة الإرهاب.. النقيب محمد عبدالكريم ضابط مباحث قسم الهرم كان في موقع خدمته وتناهي إلي سمعه صوت استغاثة فتاة داخل سيارةميكروباص، فانطلق لتعقب السيارةواثناء قيامه بضبط المتهمين خرجت رصاصة استقرت في صدره ،اردته شهيدا وتم انقاذ الفتاة المخطوفةمن الاغتصاب. كثيرون من رجال الشرطة يضحّون بحياتهم من أجل إنقاذ شبابنا من تجّار السموم والمخدّرات، وآخرون يقتحمون النيران لإنقاذ المحاصرين لكن ّ النيران تمسك ببعضهم، والمجالات كثيرة ومتعدّدة وميادين الخدمة متنوّعة ولاأحد بمقدوره أن ينكر أهميّة الشرطة ولا فضلها. ولظروف كثيرة مرّت بنا، اتّسعت هوة التنافر والخلاف بين الشرطة والشعب ، واكتسبت أقسام الشرطة سمعة تلطّخت ببعض المعاملات السيّئة والألفاظ النابية، ناهيك عمّا يتواتر من أخبار تعذيب المواطنين ! وأصبح المواطن لايخاف ولايستثقل مهما كانت أوضاعه، أكثر من ولوجه قسما من أقسام الشرطة أو قضاء مصلحة له في إحدي دوائرها ، والتكبّر والتجبّر والمعاملة الخشنة الغليظة من قبل بعض رجال الشرطة صفات تشعر المواطن بالمذلّة! وأقر الدكتور إيهاب يوسف مؤسّس " جمعيّة الشرطة والشعب " وهوضابط شرطة سابق، بالحاجة إلي تحسين العلاقة بين الشرطة والشعب في مصر، وتحسين معاملة الأفراد داخل أقسام الشرطة المصرية ودوائرها المختلفة.وحتّي دوائر الخدمة المدنيّة مثل إدارات المرور واستخراج الرقم القومي وغيرها من الدوائر، أغلبها يعجّ بالاختناقات وفوضي المعاملة والمحسوبيّة وصعوبات احترام المواطن وإشعاره أنّه في بلده وتقويّة انتمائه، مهما بذل الكثيرون من قيادات وضبّاط وأفراد هذه الأماكن من جهود لتقديم صورة مختلفة. تحمل الداخليّة علي عاتقها مهمّة ثقيلة في الوقت الذي مدّ فيه البرلمان العمل بقانون الطواريء، وقصر مهمّته علي مواجهة المخدّرات والإرهاب.إنّها تمثّل في هذه السنين المحتقنة قدرة المجتمع علي الوصول إلي أهدافه وتحقيق أمانيه في إطار من التفاهم والتوافق، ومواجهة التجاوزات المرفوضة والتي تلطّخ سمعة مصر في الخارج من بعض أفراد وضبّاط الشرطة هو أمر طبيعي. وتوجيه النقد للأمن المصري بات ظاهرة يقللّ من انعكاساتها السلبيّة تصحيح الأو ضاع والتحقيق مع المتجاوزين وإحالة القتلة والمعذّبين إلي العدالة، وفي ذلك توعية وإلزام للجمهور بواجباته ومسئولياته وحقوقه في احترام القانون .