نعرض في الحلقة الأخيرة من سلسلة كتب "عالم الاسلام" تعليقات كل من الناشر (ماسون كريست) ومركز واشمان التعليمي التابع لمعهد أبحاث السياسة الخارجية وممثل منظمة كير بولاية فيلاديلفيا علي محتوي الكتب التي كثيرا ما اتهمت الاسلام ورسوله بما ليس فيهما بطرق غير مباشرة حتي لا يبدو العداء صارخا.. لكن ماذا كان المتوقع من عشرة مؤلفين معظمهم (ان لم يكن كلهم) يهود صهاينة يضمون بينهم كتابًا اسرائيليين معروفين بتحيزهم ضد الاسلام والمسلمين مثل مركز الأبحاث الدولية في الشئون العالمية (جلوريا) بمركز هرتزيليا الاسرائيلي.. بل وماذا كان المتوقع من معهد أبحاث أمريكي يميني يعتبر دانيال بايبس وهو من أشهر الكتاب الأمريكيين المتطرفين ضد العرب والمسلمين مجرد "محلل محافظ"؟ الاتهامات التي ساقتها الكتب العشرة تتضمن اتهام المسلمين الأوائل في عهد محمد - صلي الله عليه وسلم - بارتكاب مذابح ضد اليهود وتتهم الاسلام والقرآن الكريم بمعاداة السامية ومحمد - صلي الله عليه وسلم - بتعذيب واغتيال أعدائه واشباع شهواته عن طريق تعدد الزوجات.. وهي كلها اتهامات فندناها بشكل منطقي عبر قراءات في التاريخ والفقه والشريعة واستعنا فيها بأساتذة أجلاء منهم علي سبيل المثال الدكتور عبد المقصود باشا أستاذ التاريخ الاسلامي بجامعة الأزهر دون أن نعتبرها من المحرمات، كما تصم الكتب المقاومة الفلسطينية بالارهاب (رغم أن المستشار التحريري للكتب ينفي لنا أن الكتب تتناول الشئون السياسية المعاصرة ولا تركز الا علي المسائل الدينية). ولكن يبقي اجتهادنا في النهاية متواضعا لأننا لسنا أهل علم.. ومن هنا ندعو الأزهر - خاصة وأن الكتب تتهمه بتصدير التطرف- أو أي مبادرات اسلامية خاصة يقودها علماء كبار إلي تبني الرد علي هذه الكتب وعلي غيرها بالعلم والمنطق والتاريخ وعدم الاعتماد فقط علي مصادر اسلامية لأنها من وجهة نظر هؤلاء مشكوك فيها وتدعيم الرد بوثائق ومخطوطات قديمة يملك الأزهر الكثير منها للرد علي هذه الاتهامات في موسوعة أو سلسلة كتب، أو حتي الرد بمقالات يتم نشرها في صحف أمريكية للرد علي هذه الكتب التي ظهرت من ولاية فيلاديلفيا ان تعذر توفير الميزانيات اللازمة لاصدار عمل كامل في الوقت الحالي بهذا الثقل. لم نخلط السياسة بالدين مركز واشمان للتعليم الدولي أو Wachman Center for International Education المنبثق عن معهد أبحاث السياسة الخارجية Foreign Policy Research Institute (FPRI).. هو مركز تعليمي أنشئ عام 1990 ومقره بمدينة فيلاديلفيا في ولاية بنسلفانيا الأمريكية يسعي لزيادة التثقيف الدولي والمدني عن طريق تزويد مدرسي المرحلة الثانوية بمواد عن الابتكار والتاريخ العسكري والشرق الأوسط والحادي عشر من سبتمبر وآسيا. آلان لوكسنبرج مؤسس ومدير مركز واشمان التعليمي ونائب مدير معهد أبحاث السياسة الخارجية هو الذي تولي عملية الاشراف علي الكتب، قائلا: ان دور المركز الاستشاري يتضمن ترشيح المؤلفين ومراجعة الكتابات وهو ما فعلته بنفسي اذ راجعت جميع المواد أي أن المعهد كان له الكلمة الأخيرة في المحتوي التحريري، بينما اختيار موضوعات الكتب كان مهمة الناشر، كما يوفر المعهد برامج تنمية مهنية لمدرسي المدارس الثانوية منذ عام 1989. وبشكل عام، فان مؤلفي كتب "عالم الاسلام" التي نصدرها بالتعاون مع دار "ماسون كريست" بعضهم يعمل بالنظام الحر ومتخصص في الكتابة للأطفال منهم من يعمل بالمعهد أو يرشحه المعهد للكتابة في موضوع ما. وعن سرد ما تعرضت له القبائل اليهودية في عهد محمد - صلي الله عليه وسلم - دون ذكر أي فعل سلبي من جانبها أثار عليها المسلمين، قال لوكسنبرج انه ليس علي علم بأي عمل موثق يتناول ما اقترفته قبائل اليهود في ذلك الوقت في حق المسلمين سوي عدم اعترافهم بنبوة محمد - صلي الله عليه وسلم -، مضيفا ان كتاب العلاقات الاسلامية اليهودية قبل 1947 يذكر في الصفحة العاشرة منه أن احدي القبائل اليهودية لم تهب لمساعدة المسلمين في المدينة عندما هاجمتهم قبائل مكة. وواصل دفاعه عن الكتب قائلا ان الكتاب لا يتعرض للهجمات العربية علي اليهود في فلسطين أو الهجمات اليهودية علي العرب فيما عدا رصده للعداء المتزايد بين الطرفين كنتيجة لصعود الصهيونية (بالرغم من أن الكتاب يتحدث باستفاضة عن القومية العربية وهجرة اليهود لفلسطين والعداء المتزايد بين العرب واليهود وهو شق سياسي بالتأكيد). واستطرد: "ان كتاب العلاقات الاسلامية اليهودية قبل 1947 يحكي تاريخ 1300 سنة من العلاقات بين المسلمين واليهود قبل انشاء دولة اسرائيل مبينا أن اليهود ظهروا بقوة في المجتمع في فترات معينة تحت الحكم الاسلامي وفي أماكن معينة بينما تعرضوا للاضطهاد في فترات وأماكن أخري لكن غالبا ليس بالقدر الذي واجهوه تحت الحكم المسيحي. لكن، سرعان ما امتنع لوكسنبرج عن الرد علي أسئلتنا بحجة طرح سؤال عن تحالف اليهود والصليبيين في العصر الحالي (وهو ما يشير اليه في كتابه عن الاسلام الراديكالي في اطار منظور تنظيم القاعدة) اعتبره سخيفا، فقرر عدم الرد كما قال لنا بالرغم من أنه اطلع علي الأسئلة من قبل وأكد لنا أنه سيرد عليها كاملة.. الا أنه ربما لم يعرف كيف يبرر حقيقة أن معظم ان لم يكن غالبية المؤلفين يهود مؤمنون بالفكر الصهيوني بينما لم تتم الاستعانة بكاتب مسلم واحد.. أو مثلا شعر بالحرج من سؤالنا عن أي مفكرين مسلمين موضوعيين يمكنه النقل عنهم ويعتبرهم قدوة ونموذجًا للفكر الاسلامي المعاصر.. أو أنه قد رفض ابداء رأيه الحقيقي في دانيال بايبس المعروف بفكره الصهيوني المتطرف المعادي للاسلام كدين في حد ذاته وليس للتطرف أو حتي الارهاب الاسلامي والذي وصفه أحد الكتب بأنه "محلل محافظ" لأنه سيفضح نفسه. ممثل منظمة «كير»: المدارس أكبر خطر وليس المكتبات استقبلت منظمة "كير" الاسلامية الأمريكية كتب "عالم الاسلام" بانتقادات بالغة مؤكدة أنها تقدم صورة مغلوطة عن الاسلام والمسلمين في العالم، لتفتح معركة مع مركز أبحاث السياسة الخارجية اليميني الأمريكي. "روزاليوسف" تحدثت عبر الهاتف مع معين خواجة ممثل منظمة كير في ولاية فيلاديلفيا حيث مقر المركز الأمريكي الذي أصدر الكتب.. وفيما يلي نص الحوار: الي أي مدي انتشرت هذه الكتب في الولايات المتحدة؟ وما آخر جهودكم للحد من تأثيرها؟ - أعتقد أن الكتب وصلت عدة ولايات أمريكية ولهذا فحملتنا مستمرة ولم تنقطع.. نحن الآن نتحدث مع عشرة أساتذة كبار نصفهم مسلمون والنصف الآخر من غير المسلمون ندعوهم لعرض ما جاء بالكتب واصدار بيانات تتفق مع ما جاء في بيان منظمة "كير" عن الكتب حول عدم صحة ما جاء بمضامين الكتب. متي نشرت هذه الكتب؟ ومن يقف وراءها؟ - كتب عالم الاسلام تم تسويقها للمدارس الأمريكية في أكتوبر ونوفمبر الماضيين بعد الانتهاء من تأليفها في صيف 2009 إذ انها تستهدف الأطفال من سن 10-16 عاما وعددهم يقدر بعدة ملايين، فوفقا للاحصاء الأمريكي فان عدد الأطفال الأمريكيين في المدارس الابتدائية يتراوح بين 20-25 مليونا. هذه الكتب تشتريها المدارس مباشرة لضمها الي مناهجها التعليمية أو لمكتباتها.. حسب قرار كل مدرسة، أما المؤلفون فهم يتبعون "فورين بوليسي ريسيرش انستيتيوت" وهي منظمة يمينية موالية للفكر الصهيوني تروج لأكاذيب ومعظم عملها يتركز في السياسة الخارجية وذلك لأنهم يدعمون حرب العراق ومن قبلها أفغانستان ويقومون بدور جماعات المصالح والنفوذ "اللوبي" لاستمالة أعضاء الكونجرس الي صفهم.. فكيف يمكن لهؤلاء أن يصدروا كتبا للأطفال من دون أجندة معينة؟ هذا غير منطقي.. واذا كانوا بالفعل كذلك فلماذا لا يؤلفون كتبا للأطفال أيضا عن الصين وأوروبا أو افريقيا؟ هل تكلمتم مع المسلمين أعضاء مجلس ادارة المركز الأمريكي؟ - أنا لن ألوم المسلمين أعضاء مجلس ادارة مركز "فبري" مثل عبد الله شلايفر الأستاذ الجامعي.. لن ألوم هؤلاء المسلمين ولن أعتب عليهم فقد يكونون لا يعرفون بأمر هذه الكتب. كيف تتم المصادقة علي ضم كتب ضمن المناهج الدراسية في الولايات المتحدة؟ هل يتطلب ذلك موافقة من السلطات التعليمية المحلية مثلا؟ - حسب النظام التعليمي الأمريكي، فان كل مدينة لديها مجلس لادارة المدارس ٍSchool Board يختار ما تدرسه المدارس في هذه المدينة وهناك الآلاف من هذه المجالس في كل مدينة أي أن هناك لا مركزية في اقرار هذه الكتب لأن السيطرة محلية.. وبالتالي فالادارة الأمريكية أو وزارة التعليم لا تضع السياسات الخاصة بذلك لكننا مع ذلك سنحاول فتح حوار معهم في هذا الشأن. هل تشتري المكتبات المركزية أيضا هذه الكتب؟ - نعم فالمدارس والمكتبات يشترون الكتب لكن الأمر مختلف بالنسبة للمكتبات لأنها كما تعرض هذه الكتب تعرض كتبا أخري متوازنة عن الاسلام وتبقي جميع الخيارات متاحة أمام القارئ المطلع في اطار حرية التعبير، لكن الخطورة في انتشار هذه الكتب بالمدارس هي أن الأطفال في هذه السن لا يملكون الاختيار ويصدقون ما يقال لهم لأنهم جمهور متلقي يفعل ويصدق ما يقال له وينفذ ما يطلب منه.. وللأسف فان هناك بعض المدارس ضمت هذه الكتب لمناهجها التعليمية عند دراسة تاريخ العالم. من تعتقد أنه المسئول عن محتوي هذه الكتب.. مركز "فبري" أم دار "ماسون كريست" التي نشرت الكتب؟ - أعتقد أن مركز أبحاث السياسة الخارجية هو الذي توجه لدار "ماسون كريست" لنشر الكتب لكن المركز كان المستشار التحريري للكتب أي أن ما جاء بالمحتوي يحظي بدعمه.. وملخص الكتب أن جميع المسلمين معادون للسامية والسبيل الوحيد لكي يكون المسلم جيدا هو بعدم ممارسة دينه. في اعتقادي أن الناشر ليس له يد في مضمون الكتب وذلك لأنه سبق وأن نشر كتبا أخري جيدة عن الاسلام مثل سلسلة كتب "التعريف بالاسلام" أو Introducing Islam التي ألفها خالد أبو الفضل. بخلاف ذلك، فان مركز واشمان التعليمي التابع لمركز "فبري" أصدر من قبل مجموعتي كتب عن الاسلام.. الأولي كانت بعنوان "كبري الدول الاسلامية" Major Muslim Nations منذ عامين ويضم معلومات عن كل بلد ويصور فلسطين علي أنها كانت دولة نفايات لكنه لم ينتشر بشكل كبير في المدارس الأمريكية والثانية بعنوان "صناعة الشرق الأوسط" The Making of the Middle East وكلاهما يرسم صورة سلبية عن المسلمين ويروجان لمزاعم انتشار الاسلام بالسيف وأن الاسلام دين عنف لكن بشكل غير مباشر.. وهم الآن يستعدون لاصدار مجموعة ثالثة من الكتب التي تتناول الاسلام تحت عنوان "الاسلام والارهاب"؛ فدائما يقال في هذه الكتب ان المسلمين مواطنون صالحون ولكن كذا وكذا.. مثلا في أحد كتب عالم الاسلام يقول المؤلف ان المسلمين عليهم اتباع الرسول محمد - صلي الله عليه وسلم - لكنه تزوج من طفلة في التاسعة من العمر وكان محاربا ومارس التعذيب.. كما أن الحل من وجهة نظرهم في أن يكون المسلمين غير متدينين.. وفي النهاية فان الأطفال هم الضحية لأنهم يتلقون كل هذه المعلومات وهم في سن صغيرة لا تمكنهم من التأكد مما يقال فيكونون جمهورا متلقيا يصدق ما يقال له.. وانني أتساءل: هل يمكن مثلا أن أكتب للأطفال في هذه السن (10 سنوات) عن المسيحية وأشير الي فضيحة الفاتيكان وتورط أساقفتها في التحرش الجنسي بالأطفال الصغار ثم أقول إن هذه هي المسيحية؟ افتعل مدير مركز واشمان التعليمي مشكلة معكم في المؤتمر الصحفي الذي عقدتموه للرد علي مغالطات الكتب.. فماذا حدث؟ - المؤتمر كان مخصصا لوسائل الاعلام فقط وآلان لوكسنبرج أصر علي الدخول فمنعناه، لكنني دعوته لمناظرة ونقاش علني بعد المؤتمر لأنه وقف خارج القاعة وظل يتحدث مع الاعلام مدافعا عن كتبه لكنه لم يستطع مواجهتي.. في كتاب الاسلام في أوروبا مثلا هناك 7 من 10 تواريخ مذكورة في الهوامش تذكر أحداثا سلبية عن المسلمين لكن لوكسنبرج برر ذلك بالقول ان الكتاب قد يكون تناولا تاريخا قصيرا وهو غير منطقي.. أيضا غلاف كتاب لوكسنبرج نفسه عن الاسلام الراديكالي فهو يظهر كوفية فلسطينية ملطخة بالدماء ويعطي انطباعا بأن الفلسطينيين ارهابيون.