قرار الرئيس مبارك بفتح معبر رفح إلي أجل غير مسمي أمام العالقين من الفلسطينيين والحالات الإنسانية قطع الطريق علي الذين اعتادوا العزف علي وتر معبر رفح، وكأن مصر هي المسئول الأول والأخير عن حصار قطاع غزة. وجه الشبه قوي بين سياسة إسرائيل تجاه المسألة الفلسطينية، وسياسة حركة حماس تجاه مسألة حصار غزة، إسرائيل تتجاهل سبب الأزمة باستمرار وتتحدث في كل شيء عدا السبب الحقيقي للأزمة وهو فقط وليس غيره احتلالها لأراضي الفلسطينيين واستخدامها في الاستيطان اليهودي، جوهر القضية الفلسطينية هو احتلال إسرائيل للأرض ولا يوجد حل سوي إنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية. أما حصار غزة فالسبب الأساسي والوحيد له هو انقضاض حركة حماس علي القطاع بانقلاب عسكري وطرد ممثلي السلطة الوطنية التي أبرمت الاتفاق مع إسرائيل من القطاع. الآن تتحدث حركة حماس عن كسر الحصار عن طريق فتح معبر رفح، وتتجاهل الحل العملي الأكثر واقعية وهو إزالة أسباب الحصار وهي الانشقاق والانقسام الفلسطيني، ولو أن حركة حماس وقعت ورقة المصالحة وشرعت في إزالة مظاهر الانقسام لأصبح الحصار منعدما ولأمكن تركيز الجهود الدولية علي إنهاء الاحتلال بدلا من تبديدها في محاولة كسر الحصار. بدلا من تركيز الجهود علي إنهاء الحصار بإزالة أسبابه، يتعلق مسئولو حركة حماس في قطاع غزة ببعض التحركات الأوروبية المستاءة من سلوك إسرائيل العدواني ضد ناشطي الحرية ويسيئون فهمها، مثل الاقتراح الفرنسي بفك الحصار الذي تفرضه إسرائيل علي القطاع، ومثل أفكار مدريد التي طرحها وزير الخارجية الإسباني ميجيل موراتينوس علي زملائه في الاتحاد الأوروبي. ربما تزايد الأمل لدي قادة حماس بأن يؤدي التعاطف الإنساني مع سكان القطاع الي مكسب سياسي لسياسة حماس عن طريق إلزام إسرائيل بطريقة ما بفك الحصار ، وبالتالي تستطيع التأكيد علي أنها نجحت في انتزاع مكسب سياسي دون تقديم تنازل من ناحيتها بالاعتراف بحق إسرائيل في البقاء داخل حدود 4 يونيو 67 ، وبذلك تسقط سياسة التفاوض كحل نهائي للأزمة المستحكمة في الشرق الأوسط. لكن الملاحظ أن قراءة الأحداث من ناحية بعض مسئولي حماس تكون مجتزأة بطريقة مضللة ، فقد وصف كل من الولاياتالمتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي الحصار بأنه «غير محتمل». لكن بريطانيا حذرت من المبالغة في توقعات ما يمكن تحقيقه، وأكد مسئولون بريطانيون علي أهمية تحسين إسرائيل ظروف وصول المساعدات إلي 1.5 مليون فلسطيني في غزة بنشر قائمة السلع المحظورة. وقالوا إن مثل هذه الخطوة ستكون تحولا أساسيا فيه فائدة كبيرة لغزة، ولم يقل أحد إنها بمثابة رفع للحصار عن حركة حماس. من ناحية أخري حث مفوض الشئون الخارجية السابق لبريطانيا اللورد «باتن» الاتحاد الأوروبي علي المطالبة بإنهاء فوري للحصار وفتح حوار مع حماس وعدم ترك الولاياتالمتحدة تحتكر الموقف. وقال باتن إن المواجهة الحالية البائسة والقاسية في الشرق الأوسط تتطلب مبادرات سياسية جديدة. وأضاف باتن أن الأمر معروف بأن أمريكا لها دور خارجي رئيسي في المنطقة وأن تسوية السلام ستتطلب موافقة إسرائيل، لكن لا شيء من هذا يبرر هذا التحفظ العصبي من جانب الاتحاد الأوروبي. فهذه السياسة تجعل أوروبا شريكة في الأعمال الشائنة وغير القانونية. دعا باتن الأممالمتحدة إلي أن تكون مسئولة عن منع دخول الأسلحة إلي غزة بينما ينبغي علي الاتحاد أن يأخذ بزمام المبادرة مع تركيا والجامعة العربية لإعادة تشكيل حكومة وحدة وطنية من حركتي فتح وحماس للضفة الغربيةوغزة معا!!! الملاحظ أن هذا الرجل البريطاني يدرك أن بقاء غزة وحدها وإنهاء ارتباطها بالضفة سوف يقضي علي القضية الفلسطينية، وهو ما تتجاهله حركة حماس في سعيها للحصول علي اعتراف دولي بها ينهي أزمة إسرائيل مع المجتمع الدولي، لكن أجندتها الإقليمية تحول دون ذلك.