ما فهمته من الحكم النهائي الذي صدر بشأن نزع الجنسية عن المصريين المتزوجين من يهوديات إسرائيليات، أنه ينطبق أيضا علي المتزوجين من مسلمات ومسيحيات عربيات إسرائيليات، وأن المسئول عن تنفيذ هذا الحكم هو الحكومة المصرية ممثلة في وزارة الداخلية بعد عرض كل حالة علي حدة علي رئيس مجلس الوزراء، كما فهمت من المعلومات التي قدمها الأستاذ نبيه الوحش إلي المحكمة أن عدد هؤلاء المتزوجين هو ثلاثون ألفا وهو الرقم الذي يقول إنه استخرجه من الإنترنت من موقع الداخلية الإسرائيلية. غير أن الأستاذ هشام فريد الصحفي المصري المتزوج من عربية إسرائيلية ويعمل صحفيا بمدينة الناصرة قال: إن الداخلية الإسرائيلية لا تعلن هذه المعلومات علي موقعها، الواقع إنني سألت الأستاذ هشام فريد الصيف الماضي عندما التقيته مصادفة علي الكورنيش عن تقديره لعدد المصريين العاملين في إسرائيل فقدرهم بحوالي ستة آلاف، أما المتزوجون منهم فلا أحد يعرف عددهم علي وجه التحديد. قبل ذلك بعامين اشتركت في برنامج تليفزيوني صرح فيه خبير أمني بأن عددهم سبعة عشر ألفا وعندما سألته، حضرتك متأكد؟ أجابني في هدوء ويقين: هذه معلومة. قبل ذلك في نهاية التسعينيات كتب صديقي وائل الإبراشي موضوعا عن المصريين في إسرائيل كان العنوان الرئيسي علي الغلاف هو: خمسة عشر ألف جاسوس محتمل، ويقصد به أن هؤلاء ال 15000 مصري الذين يعيشون في إسرائيل هم جواسيس محتملون، قلت له في ذلك الوقت: هما المصريين بيتلككوا عشان يبقوا جواسيس يا وائل؟ وفي برنامج تليفزيوني حدثت مداخلة من إسرائيل لمواطن مصري يعمل محاسبا قال فيها: أنا متزوج من مسلمة عربية حاصلة ككل عرب 48 علي الجنسية الإسرائيلية.. ولدي ثلاثة أطفال.. أقمنا معا في القاهرة لمدة ثلاثة أعوام ثم عجزت عن استخراج تصريح إقامة لها، فسافرنا إلي إسرائيل. وهنا قال له المذيع غاضبا في استنكار شديد: وطنك والا مراتك؟ وهذا يدلك علي مدي ما يمكن أن يحدثه إعلام الحرب الشعبوي في عقول النخبة من دمار. في نهاية التسعينيات أيضا نشرت جريدة الحياة اللندنية خبرا يقول إن المحامي نبيه الوحش أرسل إنذارا للسيد حبيب العادلي وزير الداخلية ينذره بسحب الجنسية المصرية من الكاتب المصري علي سالم وذلك لأسباب نسيتها. ولما طلبت مني الجريدة التعليق علي هذا الإنذار قلت لهم إن سحب الجنسية مني أمر مستحيل لأن حتشبسوت هي جدتي ونفرتيتي هي مرات خالي كما أن الملك مينا هو جدي الأكبر، فتركني الوحش وانطلق يطارد آخرين، كان من الصعب علي أن أتعامل مع الأمر بغير هذه الطريقة، أنا مدرب فقط علي كتابة المواقف العبثية وليس مواجهتها. أنا سقراطي النزعة والتفكير، أي أنني أساسا أروج لفكرة القانون واحترامه كقيمة مقدسة في حياة البشر لا يصح العبث بها، ومن ذلك أنه لا يجوز التعليق علي أحكام القضاء، لقد امتثل سقراط لحكم القانون بإعدامه مع أن الحكومة في أثينا حاولت أن تساعده علي الهرب غير أنه قال: أي مكان سنذهب إليه سيسألنا فيه الناس.. أنتم تروجون لفكرة احترام القانون، وعندما يطالكم القانون.. تهربون؟ نعم أنا أومن بأن الحكم عنوان الحقيقة، والحكم بإطلاق يد الحكومة في سحب الجنسية عن مصريين مسالمين يعيشون في دولة في حالة سلام مع مصر هو أيضا عنوان الحقيقة، حقيقة آليات التفكير العام السائدة في مصر. وهو أيضا عنوان الحقيقة بوصفه حكما غير قابل للتنفيذ، هذا هو ما سأشرحه لك.. يا رب، أعطني القدرة علي المشي مع التيار.. لقد تعبت.