عبر السفير علي الجاروش مدير الإدارة العربية ومسئول ملف العراق بالجامعة العربية عن قلق الجامعة من استمرار الصراع السياسي بالعراق وارجعه إلي نتائج الانتخابات النيابية التي جرت مؤخراً والتدخل الأجنبي في شئون العراق الداخلية واعترف الجاروش في حواره مع «روزاليوسف» بضعف الدور العربي في العراق وانحساره لصالح قوي إقليمية وأجنبية مؤكداً تضخم الدور الإيراني الذي فاق التأثير الأمريكي وتجاوز مرحلة التدخل السياسي إلي العسكري والأمني ولعب دوراً في إحداث تدهور الأوضاع بالعراق وشدد علي أن الجامعة العربية ترفض التدخل الإيراني بكل حزم محذراً من أن استمراره يهدد الأمن القومي العربي. وإلي نص الحوار.. • كيف تري المشهد العراقي من منظور مسئولياتك بالجامعة العربية؟ - الجامعة العربية تشعر بقلق كبير من استمرار الصراع السياسي في العراق عقب أداء الشعب العراقي لواجبه الانتخابي النيابي في مارس الماضي مما أدي إلي تعطيل العملية السياسية وتأخير تشكيل الحكومة العراقية الجديدة وانتخابات الرئاسات الثلاث للجمهورية ومجلس الوزراء والبرلمان. • ما أسباب هذا الصراع من وجهة نظرك؟ - هناك سببان لهذا الصراع: أولا نتيجة الانتخابات التي أشرنا إليها التي فازت بها أربع كتل رئيسية بأغلبية المقاعد في مجلس النواب العراقي وعدم قدرة هذه الكتل علي جمع 163 مقعداً بالمجلس النيابي وهو العدد المطلوب لتشكيل الحكومة أما السبب الثاني فيكمن في التدخل الخارجي وقتاله من أجل مصالحه في العراق الذي تمارسه قوي أجنبية متعددة ما زالت تمارس ضغوطاً كبيرة علي القوي السياسية العراقية لضمان مصالحها بالدرجة الأولي. • ما الدول التي تتدخل في العراق وتشعل الصراع من أجل مصالحها؟ - من المعروف ولا نستطيع في الجامعة العربية أن ننكر التأثير الإيراني والأمريكي في العراق وقد أعلنت قيادات عراقية مؤخراً أن الدور الأمريكي ينحسر في مقابل تفاقم الدور والتأثير الإيرانيين وفي الوقت نفسه تعمل دول الجوار العراقي وهي تركيا والدول العربية علي ضمان مصالحها المشروعة. • كيف تقيم الدور العربي في العراق في مواجهة الدور الأمريكي والإيراني خاصة أن القادة العراقيين يطالبون بذلك؟ - لقد أكدت جهات عراقية عديدة أن الدور العربي لم يكن علي المستوي الذي يطمح إليه العراقيون ونحن نتفق مع ذلك ونعترف بصحة موقف القوي العراقية التي تؤكد علي عدم وجود دور عربي مؤثر بشكل كبير في العراق وتطالب بتفعيله. • ما الذي أدي إلي انحسار الدور العربي حتي أصبح غير مؤثر في العراق؟ - انحسار الدور العربي في العراق يرجع لسببين: أولهما تداعيات الاحتلال الأجنبي مما أدي إلي استباحة الحدود العراقية من قوي كثيرة أفرغت الساحة العراقية من التواجد الدبلوماسي عقب انهيار الوضع الأمني الذي أثر بشكل كبير علي الوجود العربي في العراق وما زالت تأثيراته موجودة حتي الوقت الراهن.. أما السبب الثاني الذي أدي إلي ضعف الدور العربي بالعراق فيرجع إلي المحاولات التي قامت بها قوي أجنبية مؤثرة في العراق لسلخه من محيطه العربي ومن انتماءاته ودوره مع ملاحظة ما جري مؤخرا من عودة بعض السفراء العرب إلي بغداد.. وتؤكد الجامعة العربية أن السير في هذا الطريق يجب أن يكون في اتجاهين وذلك بأن تأخذ الدول العربية والحكومة العراقية خطوات متبادلة للتفاهم بشأن عودة العلاقات إلي ما يجب أن تكون عليه ومواجهة محاولات طمس هوية العراق العربية. • تحدثت عن أن الانهيار الأمني في العراق أدي إلي ضعف الدور العربي، لماذا لم يحدث ذلك مع إيران؟ - التقارير الأمنية تشير بوضوح إلي تدخل إيراني كبير في العراق تجاوز مرحلة التدخل السياسي إلي تدخل عسكري ونقل أسلحة إلي الساحة العراقية ودعم ميليشيات وإدخال عناصر تتبع الأجهزة الأمنية الإيرانية لعبت دوراً في حدوث التدهور الأمني بالعراق. • لماذا لم تواجه الدول العربية الوجود الإيراني بالعراق؟ - الغرب لم يواجهوا الوجود الإيراني بنفس أدواته لأن الدول العربية حريصة علي استقرار واستتباب الأمن بالعراق وعدم إثارة النعرات وإحداث ارتباكات أمنية في الساحة العراقية وركزت الدول العربية اهتمامها علي الاستعداد لتقديم المساعدات في إعادة إعمار العراق وبناء مؤسساته والمساهمة في إسقاط الديون المترتبة لعدد من الدول العربية وقطع العراق شوطاً مهماً في ذلك. • ما حجم التدخل الإيراني في العراق من وجهة نظركم؟ - حجم التدخل الإيراني في العراق وصل إلي حد كبير ومؤثر وأكد ذلك العديد من القادة العراقيين حتي أنه أصبح يفوق الدور الأمريكي إلا أن الشعب العراقي يرفض صراحة أي تدخل خارجي في شئونه. سواء كان من إيران أو غيرها والدول العربية ترفض التدخل الإيراني في الشئون الداخلية العراقية أو الغربية. ونحن في الجامعة العربية ننبه إلي ضرورة مواجهته بكل حزم سواء كان هذا التدحل من إيران أو غيرها لأن ذلك سيؤثر بشكل مباشر وخطير علي الدول العربية جميعها وعلي مصالحها ويهدد أمنها القومي برمته. • مع بدء انسحاب القوات الأمريكية من العراق ومع الوضع الأمني الصعب وعدم اتفاق الأطياف العراقية كيف تري مستقبل العراق؟ - تشير التقارير إلي البدء الفعلي لانسحاب القوات الأمريكية من العراق وهذا في تصورنا ينبغي أن يقابله قدرات وإمكانيات للمنظومة الأمنية العراقية لكي تستطيع القيام بواجبها في حفظ الأمن والاستقرار وحماية حدود العراق ومصالح شعبه ضد أي تهديد خارجي أيضا تضافر الجهود بين مختلف الأطراف العراقية للابتعاد عن صراع المصالح الشخصية والحزبية والانتصار للمصلحة الشخصية ونبذ الخلافات الشخصية والسياسية بين القوي الفاعلة علي الساحة العراقية لضمان مصلحة الوطن وقدرتهم علي مواجهة المسئوليات السياسية والأمنية التي تقع علي عاتقهم.