(الإسلام وأزمة النخبة) هذا هو العنوان الفرعي لما بدأه الأستاذ فهمي هويدي في عرضه لفكرة أزمة الإسلام مع بعض ما أطلق عليهم النخبة وفيها يذكر عددًا من الموضوعات الصحفية التي لفتت انتباهه وأراد أن يوضح فيها وجهة نظره ونحن بدورها وحقا في الاختلاف نبغي أيضًا توضيح وجهة نظرنا وخلافنا معه. يقول المؤلف (كأن الجهاد الإسلامي يشتمل عنصرًا لإفساد المقاومة) وذلك في خلال سياق عرضه لظاهرة المقاومة الفلسطينية في الأراضي المحتلة. إن ما ذكره يعد حقيقة بالفعل فلقد أساء الجهاد الإسلامي للمقاومة الفلسطينية كثيرًا حتي أن القضية الفلسطينية تحولت من قضية إنسانية عامة إلي قضية إسلامية خاصة أدت إلي أن أصبحت القضية الفلسطينية مؤسلمة إعلاميًا وأصبحت مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بحركة المد والجزر الإسلامي الدولي وموقف المجتمع الدولي لكل من قضايا المسلمين علي وجه العموم وكان بالأحري بنا أن تكون القضية وطنية إنسانية أكثر منها قضية دينية. في موضع آخر بعنوان (شيوخنا المفتري عليهم) يقول ما نصه (إن خطاب غلاة الإسلاميين محدود الأثر والصدي حيث إن الدوائر التي تستجيب لهم ضيقة محصورة في قطاع الشباب تحديدًا وفي أغلب الأحوال فإنها دوائر خفية وبعيدة عن الأعين وما يطبعون من كتب يروج في نطاق تلك الدوائر دون غيرها بينما غلاة العلمانيين يبثون أفكارهم عبر وسائط الاتصال الطبيعية ومن فوق منابر الخطاب العام ذات التأثير الأوسع في أعرض قطاع من الجماهير)... لا أدري في الحقيقة عن أي مجتمع تحدث الأستاذ فهمي هويدي! هل خطاب غلاة الإسلاميين محدود الأثر والصدي؟! كما ذكر المؤلف حقًا... وغلاة العلمانية يبثون خطابهم من فوق منابر الخطاب العام أم أن العكس هو الصحيح... يا سيدي الفاضل لا توجد منابر للعلمانيين المنابر للإسلاميين سواء في المساجد أو القنوات الفضائية التي تبث أفكارها في عقول وآذان العوام وعلي حد علمي أن أجهزة الإعلام يوجد فيها مساحة للفكر السلفي لكن لا يوجد أي مساحة للفكر المخالف له... أن أي فرد يسير في الشارع يستطيع أن يذكر لك عدة أسماء من مشاهير الخطاب السلفي. يسأل (إلي متي يمكن يستمر اقتتالنا الداخلي وتوسيع نطاق وجبهات الصراع، بحيث نظل مستغرقين ومنشغلين بتصفية الخلايا الحية في مجتمعنا، وبحيث تظل ساحاتنا الداخلية نازفة تتقلب بين الصدام والتوتر؟! الأمر الذي يؤدي لانكفاء المجتمع وتقليص دوره وانصرافه عما يحيط به من تفاعلات أو ما يحيق به تحديات وأخطار؟! وأنا أيضًا أسأل معه إلي متي؟ ولكن السؤال الأهم ما وقود هذا الاقتتال الداخلي الذي يلهينا عما هو أهم؟.. أليست الثقافة العامة الرافضة لكل محاولات الخروج من المأزق الحضاري الذي نحن فيه ألا تعد مسئولة عما نحن فيه؟ يقول الأستاذ فهمي هويدي (أكثر الرموز العلمانية لا يريدون أن يصدقوا أن الزمن قد تغير وأن الوعي الثقافي والإيماني اختلف خلال العقدين الأخيرين خاصة بحيث ما كانوا مستعدين لاستقباله منهم بالأمس أصبحوا يعرضون عنه اليوم وما كان يبهرهم في الماضي فقد بريقه منذ غدا الناس في وضعهم ذاك أكثر ثقة في أنفسهم وأكثر تشبثًا بجذورهم - ويكمل الأستاذ هويدي - الصعب حقًا هو مراجعة النفس ونقد الذات أعني أنه كان صعبًا علي هؤلاء وهؤلاء الاعتراف بأن الدنيا تغيرت وأن ثمة بضاعة كسدت وانصرف عنها الناس حيث تجلي في السوق جديد أقبل عليه الجميع بدرجات متفاوتة إزاء ذلك فإن أصحاب الدكاكين القديمة ما برحوا يصرون علي عرض بضاعتهم القديمة بدلاً من تعديلها وإعادة النظر في مواصفاتها المرفوضة. ليسب هذا فحسب وإنما ذهبوا إلي حد سب جمهور المستهلكين ونعتهم لكل الصفات المرذولة ويسأل - هل يمكن أن يعد هذا موقفًا (منفتحًا) وعقلانيًا وموضوعيًا. إن الصفات التي ذكرها لا تنطبق علي العقلية العلمانية ولكن علي العقلية السلفية فالذين يرفضون الاعتراف بأن الزمن قد تغير ليس العلمانيون ولكن السلفيون... هم الذين يرفضون مراجعة النفس ونقد الذات. ويختم الأستاذ هويدي كلامه بسؤاله عن الحل أو البديل فيقول (أنه لا بديل عن حوار بين عقلاء الجانبين حتي لا ينفرد بالساحة دعاة الغل والانغلاق المطلوب هو اتفاق الجميع علي أسس مشروع مستقبلي ينقذ الأمة من هزيمتها الحضارية وتلك مسئولية عقلاء المثقفين) في هذه النقطة تحديدًا اتفق مع الأستاذ هويدي جملة وتفصيلاً اتفق معه أنه لابديل عن الحوار لأنه ببساطة لا جدوي من التناحر وخاصة أننا نعيش جميعًا علي أرض مشتركة وأن نتفق جميعًا علي أسس مشروع مستقبلي ينقذ الأمة من هزيمتها.