رغم أنه لقاء تم في مستشفاة الشهير بالمعادي.. إلا أن الحوار مع د.حسام بدراوي رئيس وحدة المراجعة بالمجلس القومي لحقوق الانسان أبعد ما يكون عن المجال الطبي.. ولكن استخدمنا فيه «المشرط» لتشريح بعض القضايا الحقوقية الآتية خاصة أننا علي أعتاب الجلسة الثانية للحكومة المصرية والتي ستعقد في 10 يونيو الجاري أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف لإقرار تقريرها الوطني حول وضعية حقوق الإنسان وفقًا لآلية المراجعة الدورية الشاملة ال«UPR». وفي هذا السياق.. قال بدراوي في حوار خاص ل«روزاليوسف».. إنه لا يوجد أي انقسام بين أعضاء المجلس بشأن الموقف من حالة الطوارئ حيث نؤكد ضرورة إنهاء العمل بها مستطردًا أن قصرها علي مكافحة الإرهاب والمخدرات خطوة للأمام ولفت إلي أن هناك تحديات تعوق نشر ثقافة حقوق الإنسان لابد من التغلب عليها من خلال عاملين أساسيين هما التعليم والإعلام. حالة الطوارئ لماذا لم تشارك في الجلسة الأولي من المراجعة والتي عقدت في فبراير الماضي بجنيف؟ - لأنه لم يكن هناك أي دور للمجلس في الجلسة الماضية حيث إنها كانت مخصصة لعرض التقرير الوطني للحكومة المصرية وتسجيل ملاحظات الدول المختلفة ولكنني سأشارك في جلسة يونيو الجاري لعرض التقرير الذي أعده المجلس بشأن موقفه من التوصيات التي وعدت الحكومة بالنظر فيها. وماذا عن تقييمك للجلسة الماضية بشكل عام؟ - أري أن موافقة الحكومة المصرية علي 119 توصية تعد خطوة متقدمة في حد ذاتها ولكن المجلس أكد من خلال التقرير الذي أعدته وحدة المراجعة أنه كان ينبغي إعادة النظر في بعض المواد التي لم تحظ بتأييد الحكومة. إذا ما الموقف بشأن مد العمل بحالة الطوارئ لمدة عامين مقبلين وقصرها علي مواجهة الإرهاب والمخدرات فقط؟ الحزب الوطني وبصفتي أحد قياداته جميع سياساته تؤيد وترغب في إنهاء حالة الطوارئ ولذلك دار حوار محترم وهادف داخل الحزب أسفر عن القرار الخاص بقصر هذه الحالة علي الإرهاب والمخدرات وتقليص السلطات التنفيذية ولا أحد ينكر أنها خطوة للأمام ولكنها ليست كاملة وأنا أتصور أن تطبيق حالة الطوارئ بشكل جزئي مثلما حدث هو نوع من أنواع قوانين مكافحة الإرهاب ولكن يظل مؤقتًا وليس دائمًا حتي صدور القانون مكتملاً. وهل صحيح أن الاجتماع الأخير للمجلس شهد حالة من الانقسام بين أعضائه بشأن حالة الطوارئ؟ - غير صحيح، ولا يوجد أي انقسامات ولكن البعض طالب بإصدار بيان يؤكد ذلك المطلب في حين أن البعض الآخر يري أن المجلس شدد من خلال تقرير المراجعة الشاملة «UPR» علي هذا الموقف.. وفي الحقيقة لا يوجد فرق بين ذاك أو تلك ولذلك اتفقنا علي اصدار بيان خاص بالمراجعة يندرج فيه بند عن حالة الطوارئ إذا فهو اختلاف بشأن وسيلة عرض الموقف وليس في الرأي. قانون الإرهاب لماذا تم تأخير صدور قانون مكافحة الإرهاب حتي الآن؟ - قانون مكافحة الإرهاب.. هو قانون دائم وبصدوره يفترض أن تصبح الأمور مستقرة حيث إنه سيعطي سلطة استباقية لجهات الأمن في اتخاذ الإجراءات اللازمة ولذلك قد يؤدي للتعدي علي خصوصيات الآخرين.. ونحن كمجلس للدفاع عن حقوق الإنسان سنرفض ذلك فالقانون الذي كان قد تم عرضه داخل الحزب الوطني تضمن بعض المواد التي تؤدي لمثل هذه الانتهاكات ولذلك تم سحبه لإعادة النظر فيه.. أما الجزء التالي لمرحلة الاعتقال فيقوم قانون العقوبات بوضع حدود لذلك فلا يجوز استمرار الاعتقال أكثر من 30 يومًا إذا فكل الإجراءات القانونية التي تتخذ بعد عملية الاعتقال هي واضحة أمام الجميع. وماذا عن الحديث حول امكانية الافراج عن المعتقلين في أوائل يونيو المقبل؟ - الحكومة يجب أن تعطي المثل في المصداقية بشأن ذلك فإذا كان هناك أي فرد في السجن أو في المعتقل خارج إطار قضايا الإرهاب.. فلابد أن يفرج عنه فورًا.. والخلط هنا يحدث عندما يكون للمجتمع انطباع بأن هذا المسجون يوجد في إطار قانون الطوارئ ولكن يكون وفقًا لقانون الإجراءات الجنائية لذلك فعليها أن تعلن عن حقيقة مثل هذه المواقف وتعطي الحق للمسجون العادي في الدفاع عن نفسه وهذا أ - ب من قواعد احترام المجتمع. التعذيب وما موقف المجلس من التوصية الخاصة باستضافة المقرر المعني بالتعذيب؟ - كان من وجهة نظرنا.. العمل علي قبول هذه التوصية لأننا يجب أن نؤكد للمواطن المصري أن فكرة التعذيب مرفوضة. حتي إذا كان من بين صلاحيات هذا المقرر أن يزور أماكن الاحتجاز والسجون.. أليس هذا تدخلاً في الشئون الداخلية من وجهة نظرك؟ - إطلاقا.. أهلا به، لأن مصر موقعة علي الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وهي حق أصيل من حقوق الإنسان.. والقانون المصري جيد في هذا الأمر حيث يعاقب من يقوم بهذه الجريمة بالإضافة لضرورة تعديل تعريف التعذيب والمادتين 126 و129 من قانون العقوبات لتتماشي مع هذه الاتفاقية ومنع الافلات من العقاب. الإعدام بالرغم من رفض الحكومة للتوصية الخاصة بإلغاء عقوبة الإعدام.. إلا أن المجلس كان له رأي آخر فما هو؟ - الحكومة رفضت هذه التوصية لأنها كانت تحمل معاني مختلفة بمعني أنها كانت تنص علي تقليص عدد الجرائم المعاقب عليها بالإعدام في حين أن الحكومة أفادت أن العقوبة تطبق فقط علي الجرائم الخطيرة.. ولكن يري المجلس أن هذه الجرائم المعاقب عليها بالإعدام مازالت كثيرة وتزيد علي 70 جريمة.. إذا فهناك خلط شديد بين مسألة إلغاء العقوبة وتقليصها كما يطالب المجلس. حرية المعتقد ونبذ التمييز وماذا عن التوصيات الخاصة بمعتنقي الديانات الأخري غير الإسلام؟ - المجلس له موقف قاطع بشأن هذا إذ يؤكد حقوق المواطنة، ومن ثم كانت الدعوة لإلغاء خانة الديانة في بطاقة الرقم القومي ويجب أن نشير هنا إلي أن هذا فتح النار علينا منذ ثلاث سنوات ثم أصبح ذلك مقبولاً مجتمعيا وأن المجلس عندما طالب بحقوق البهائيين في استخراج الأوراق الثبوتية.. فهذا ليس معناه أننا ندعو للبهائية ولكن نؤكد علي المواطنة وهذا دور الإعلام الهادف لتكريس ثقافة حقوق الإنسان. وما الذي يضيفه قانون تكافؤ الفرص وحظر التمييز بشأن تكريس هذه الثقافة؟ - يجب أن يكون هناك قانون يمنع جميع الإجراءات التي تعمق التمييز بين المواطنين والمساواة بينهم في الحقوق والواجبات ونضرب هنا مثالا بالنسبة لحقوق المعاقين.. فقانون العمل ينص علي تعيين 5% منهم وهذا يتم من حيث الشكل فقط وليس المضمون وقانون التمييز يفعل ذلك ونقترح تأسيس مكتب مفوض عام للرقابة علي تطبيقه. قانون الجمعيات وماذا عن قانون الجمعيات والاشكالية الكبري المثارة الآن؟ - أنا أدعو الجميع بعدم استباق الأحداث.. فمن حق أي جهة أن تقدم اقتراحاتها بشأن تعديل القانون وهذا لا يعني أنه الرأي النهائي حتي إذا كان صادرًا عن الاتحاد العام للجمعيات.. والمجلس أكد حرية التنظيم وإلغاء الحل بقرار إداري أما بالنسبة للتمويل الأجنبي فيجب أن يكون هناك رقابة من قبل الحكومة.. والجمعيات عليها أن تعلن عن وسائل هذا التمويل وميزانيته وهذا لا يغضب أحدًا. الجلسة المقبلة أخيرًا، هل متوقع حدوث أي اشتباكات في جلسة يونيو الجاري؟ - لا إطلاقا، أري أن الحكومة اليوم علي استعداد تام لسماع جميع الاقتراحات بالتطوير وبصدر رحب لأنه لأول مرة في تاريخ مصر تتم مناقشة جميع هذه الأمور وبهذه الحرية في وسائل الإعلام.. والذي يؤكد ذلك أنني أحد قيادات الحزب الوطني وفي ذات الوقت دعمت مشروع المراجعة الدورية مما يؤكد أن الحزب جعل حقوق الإنسان مظلته الرئيسية.. إذا هناك حوار مفتوح وجيد يجب الاستفادة منه في الدفع بقضية حقوق الإنسان.