الحل يكمن في تنظيم العلاقة الأسرية بين الزوج وزوجته بالعدل والحق والقسط، فلو كان الرجل ميسور الحال فعليه أن يجلب خادمة لبيته تخدمه وتخدم زوجته وأولاده، أما لو كان الرجل معسرا فلو أرادت المرأة بمحض إرادتها ومن نفسها وبنفسها أن تقوم بخدمة المنزل من دون إكراه أو إجبار أو إلزام، فعلي الرجل أن يعترف لها بأن هذا فضل منها وتكرم عليه، وعليه أن يكافئها ببعض الهدايا وما شابه، متي تيسر له ذلك، أو أن يقتسم كل من الزوج وزوجته أعمال المنزل سويا، علي أن يلتزم كل منهما بعمل ما، ولا يجور أحدهما علي حقوق الآخر، أو أن يخدم كل منهما نفسه بنفسه. وفي النهاية أقول: إن هذه القضية الخطيرة هي القضية الأم والجذر والأصل التي أفرزت جميع مشكلات المرأة العربية الآن، بل هي التي قامت بسحق كرامتها ووطء آدميتها، فمن المفترض أن تكون هذه القضية المهمة والخطيرة علي رأس جدول أعمال كل من ينادي بحقوق المرأة من جمعيات ومنظمات وحركات نسائية، ولابد من نشر وتكثيف الوعي الثقافي بهذه القضية لعموم الناس، عن طريق التعليم ووسائل الإعلام والمحاضرات والندوات، وإخبار الجميع بأن المرأة الزوجة غير ملزمة بخدمة زوجها، وأن هناك فرقا بين الزوجة والخادمة أو الجارية، وعلي جميع النساء في كل البلدان العربية وغيرها تنظيم حملات للمطالبة بمشروع قانون يقر للمرأة بعدم إلزامها بخدمة زوجها داخل المنزل، وأن لها كامل الحق والحرية في الامتناع عن القيام بأي عمل من أعمال الخدمة المنزلية لزوجها متي شاءت وكيف شاءت، وأن خدمة الأبناء كذلك هو عمل مشترك بينها وبين زوجها، فهم أبناؤه كما هم أبناؤها، ولا يحق للزوج إجبارها أو إكراهها أو إغرائها علي القيام بأي خدمة له داخل المنزل، دون إرادة ورضا كاملين منها، وكذلك هي غير ملزمة بخدمة أحد من أهله، وأن يضاف نص هذا القانون كبند أساسي في وثيقة الزواج التي سيوقع عليها كل من الزوج والزوجة عند عقد عقدة النكاح بينهما، وإن تعنت القائمون علي تشريع القوانين ورفضوا إقرار مثل هذا القانون، فعلي جميع النساء أن ينظمن حملات تتجمع فيها عشرات الآلاف من النساء للمطالبة بالخلع الجماعي للضغط علي المسئولين في البلدان المعنية لإقرار مثل هذا القانون. وإن ظن البعض أن مثل هذه القضية غير ذات أهمية، فأقول لهم: هناك عشرات الآلاف بل مئات الآلاف وربما ملايين من النساء في شتي البلدان العربية يعانين من ذل الخدمة والعمل داخل بيوت أزواجهن ويعاملن كالخادمات والجواري ويسامون سوء العذاب، ويصمتن علي هذا الضيم ظنا منهن أن ما يقمن به من خدمة هو حق ديني مفروض عليهن بموجب الزواج. وليعلم هؤلاء أن تقدم المجتمعات العربية والإسلامية في شتي المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية وغيرها من المجالات، لن يحدث إلا إذا أخرجنا النساء الزوجات الأمهات من ربقة الاستعباد، ومن صفوف الخدم والجواري والرقيق المُقَنَّعْ بقناع الزواج، كما هو حال جميع الزوجات العربيات داخل بيوت أزواجهن الآن، وساعتها ستجد الزوجة الوقت الكافي والقيمة الحقيقية والكرامة الشامخة والآدمية المصانة والإحساس بالذات لتندفع نحو التعلم والثقافة والوعي والرقي والتحضر، لتنتج لنا هذه الزوجة الحرة الكريمة المكرمة أجيالا علي قدر كبير من الوعي والثقافة والعلم والرقي الإنساني والحضاري، أما الاستخفاف بهذه القضية الخطيرة وعدها من ترف القول فلن يزداد المجتمع إلا جهلا وتخلفا وقهرا واستبدادًا وسقوطا وانهيارا. وصدق شوقي حين قال: (الأم مدرسة إذا أعددتها ** أعددت شعبا طيب الأعراق).