يمكن أن تكون كاتبًا بارعًا لكنك لا تصلح متكلما مفوها الكلام موهبة فمية الكتابة موهبة قلمية ولأن اتقان الكلام موهبة تكمن في أشياء «غير هامة» مثل تأثير الصوت وجاذبية الصورة - مستوي الذكاء والثقافة وإتقان اللغات، وبالذات اللغة الأم التي هي العربية. وبما أن هذه الضرورات - السابق توضيحها ليست هامة - فلم يعد هناك إلا الكلام والحوار وقلة القيمة. وهيا بنا يا أولاد - هيا يا بنات.. انتشروا في كل مكان لمقابلة من هب ودب وهات يا دب.. «وإنشا الله ما حد فهم أي حاجة». صعلوكة قليلة القيمة مخنوقة الصوت والأنف تحمل ميكروفونا أطول من ذراعها، تلتقي بفنانة تافهة لا صوت ولا صورة ولا يمدحه أحد. وهات يا رغي... وإيه رأيك في المسرح المصري - والعربي والعالمي، وإيه رأيك في أداء فاتن حمامة وأمينة رزق، وإيه وجهة نظرك في أدب نجيب محفوظ، وألبير كامي، وكام مرة كتب شكسبير كلمة أحبك في تراجيدياته وكام مرة ذكر كلمة قلب في كوميدياته؟ أسئلة شكلها جميل تلقي في هبالة وتصوب إلي تافهة - وهات يا تفاهة، كلام فارغ لا قيمة له وأخطاء في اللغة وفي المعلومات، ولا أحد يسأل ولا أحد يصحح.. وكأن لا أحد يشاهد. هذا الهبل.. «ولقد صدق صديق فلحوس لما قال: «ليس بهذه الطريقة يكون تشجيع الشباب علي الكلام بلا علام، وما هكذا يكون الحوار مع حمار لا فرق لديه بين المسمار والمنبار». وأغرب وصف سمعته من ممثلة، وصفت نفسها بأنها فنانة «مشعة»، بمعني أنها مصابة بالإشعاع القاتل - يعني فنانة خطيرة علي الصحة العامة، وتنقل أمراضًا خطيرة، وبالتأكيد تؤثر علي أداء الأجهزة الحساسة الإلكترونية. والمشعة الشعنونة - كا وصفها السيد مخرجها - تحبو في طريق الفن.. ومازالت قيد البحث - ولم تتلق علامًا، ولم يتم الاعتراف بها من خلال الأوساط الفنية، حكومية ولا أهلية. ومع ذلك أفردت لها المذيعة مساحة واسعة، حلقت فيها علي أجنحة التفاهة، وملأت سهراتنا الغامقة بكل السذاجة والجهل، الذي لو تعمدناه لما أمكن لنا أن نؤلفه أو نخرجه بهذا الشكل عالي الكثافة. والحق أقول: لا ذنب لشابة تجرب حظها العاثر كمقدمة برامج، ولا ذنب لها لأنها «مسلوقة»، فهي تقابل نظيرتها المناسبة لعمل لقاء مسلوق - والمسلوق خفيف علي المعدة. وقد تجد المذيعة الشابة المسلوقة التي لا تفكر ولا تتعلم، والتي لم تلتقط من الشاشة إلا الشكل الخارجي «للخفافة والظرافة والشقاوة». وها هي تقفز كالغزال الشارد لتلتقي بعد تعب «حاد» مع كاتب «جاد» - وها هي تزنقه في ركن، وها هي تصوب إليه عيون الغزلان وأسئلة تافهة، وها هو الرجل يحول ناظريه للسقف مرة وللأرض مرة - يمضغ غيظه وعلمه الكبير - لكي يبتلع تفاهة الأسئلة الساذجة، ويبحث عن إجابات مناسبة حتي لا يتهمه أحد بالمشاركة في حديث حماقة، فثقافته «مسبكة وليست مسلوقة».. وأتصور هذا الأستاذ العارف بأنه لولا الزنقة، لرفع كفه وصفع المذيع قلمًا ساخنًا،لكي تذهب لتتعلم قبل أن تواجهه بأسئلة تافهة.. ارحمونا وارحموهم..