كلمة «روبابيكيا» تعود إلي اللغة الإيطالية وتتكون من مقطعين «روب» وهو الثوب و«بيكيا» وهو القديم أو الرث وللأسف مازال الذهن العربي يحمل الكثير من أفكار «الروبابيكيا»، فبعض المثقفين يستخدمون ألفاظا لا يفهمونها ويلقون بالتهم الجزاف دولاً لها تاريخ وأشخاصاً كالقمم. مثلا لا أفهم ماذا تعني كلمة وهابية فكثيراً ما يلصقونها بالدولة السعودية ويتهمونها باتهامات لا أساس لها رغم أنه لا يوجد ما يسمي بالحركة الوهابية السعودية وهو ما دفعني إلي العودة لتناول أمور تخص المملكة. فمن خلال معيشتي بالسعودية لفترة طويلة لم أجد من يطلق عليهم الوهابيون وهذا لا يمنع انقطاع نسل محمد بن عبدالوهاب فبلا شك هناك كثيرون ممن يتصل نسبهم به ولكن لا يمارسون تلك التهم التي تلصق بهم، فخلال فترة عملي هناك صارت لي صداقة قوية مع الدكتور محمد بن عبدالعزيز آل الشيخ وزير الشئون البلدية والقروية السابق وحفيد محمد بن عبدالوهاب فوجدت أنه لا يخفي علي أحد بالمملكة أنه تخرج في جامعة بيركلي وله ميول يعتبرها البعض في مصر يسارية كما أنه أحد أهم وأرقي وأعمق المثقفين الذين رأيتهم في حياتي. لا يجب أن نطلق الكلمات كالرصاص في الجموع فلا داعي أن يحكم علي سعودي جاهل حضر إلي مصر ونشر فكراً معينا بأنه تصدير للفكر الوهابي، ولمن لا يعلم فإن الحركة الوهابية ليست حركة دينية وإنما حركة فكرية للإصلاح قادها محمد بن عبدالوهاب الذي درس في الأزهر ولكنه لم يكن فقيها فهو كان مصلحا جاء إلي مجتمع تناسي كثير منه معالم الدين فأرجع إليه هذه المعالم كنوع من الترشيد والإصلاح. التقدم الاقتصادي والثقافي علي المستوي العام السعودي يبرز بصورة كبيرة ما أتحدث عنه، فعما قريب سنري ولأول مرة المرأة السعودية يسمح لها بقيادة السيارة بعد أن بدأت المملكة تتوسع في الاعتماد عليها في كثير من المجالات كالطب والهندسة والبنوك كما أن لدي المملكة مثقفين نشيطين جدا يمكنهم انتقاد الوزراء والمسئولين ولا يعني ذلك التعدي علي النظام وإشاعة الفوضي وتخطي حدود رأس الدولة كما يلزم النظام السعودي الوزراء أن ينصبوا ديوانا أسبوعيا لمقابلة المواطنين. إننا نواجه تصديراً منسقاً كعالم عربي لهذه «الروبابيكيا» والأفكار القديمة التي عفي عليها الزمن وكثيرا ما نجد أحد الأجانب ذي الأصول الصهيونية يؤلف كتابا عن السعودية يذكر فيه أفكار ما يطلقون عليهم «الوهابيين» وللأسف يجد أحد المثقفين السذج يقوم بترجمة هذا الكتاب ويعيد طباعته ونشره. يتزامن هذا التصدير الفكري مع تصدير سياسي آخر يندرج تحت إصطلاح «الروبابيكيا» وللأسف كثيرا ما نحملها نحن وننقلها من الخارج إلينا كتلك الأفكار التي يحملها لنا الدكتور محمد البرادعي والادعاءات التي يحاول إقناعنا بها والتي لا أجد مسمي لها سوي «الروبابيكيا».