في 75 شارع ابن تيمية بمنطقة باكوس بالإسكندرية ترقد أماني محمد إبراهيم شبل منذ عام ونصف العام في غرفتها بعد أن أصيبت بعدد من الأمراض التي أخلت بحالتها الصحية تماما إثر تطعيمها بطعم الحصبة والحصبة الألمانية في 17 نوفمبر 2008 ضمن حملة وزارة الصحة لتطعيم تلاميذ المدارس وكان ذلك في مدرسة سامي البارودي التجريبية للغات التابعة لإدارة شرق الإسكندرية التعليمية. وبعد يأس من التضارب في تقارير الأطباء الخاصة بها وإنفاق جميع المدخرات علي علاجها دون جدوي لجأت أسرة التلميذة إلي «روزاليوسف» لمساندتها وتعضيدها لرفع الأمر للمسئولين. «روزاليوسف» زارت الفتاة المريضة مع أسرتها بالإسكندرية، لرصد مشاهدتها الحية لحالة الفتاة الظاهرية والتأكد من جميع التقارير الطبية الخاصة بها والتي تثبت أن ما تعاني منه.. أماني - 17 سنة - حتي الآن هو أثر طبيعي ترتب علي تطعيمها بطعم الحصبة والحصبة الألمانية. حساسية في السمع عندما وقفت أمام باب الشقة أدق الجرس لم أسمع له صوتًا وفي لحظة اندهاش فتح أحد أفراد الأسرة الباب، وأخبرني بأنهم فصلوا الكهرباء عن الجرس حتي لا يؤثر صوته علي حالة «أماني» لأنها تعاني من حساسية مفرطة في السمع فأي صوت يسبب لها تشنجات عصبية تستمر لبضع دقائق تضيق بعدها غير مدركة لمن حولها، تستعيد الوعي بعد بضع دقائق أخري، فأيقنت أن الحالة صعبة بالفعل. بعد دقائق من دخولي الشقة خرجت «أماني» من غرفتها، تساعدها والدتها التي أجلستها ببطء شديد دون أن تمسك بيديها، وعندما سألتها عن سبب ذلك قالت إن أعصابها تؤلمها بشدة وأنها عندما يمسكها أحد أو يلمس جسدها أي شيء وحتي وإن كان بسيطا يتسبب في حساسية جلدية يستمر معها لبعض الوقت، وأثناء إحضار والدتها للتقارير الطبية، بدأت أتبادل الحديث مع «أماني» لاسترجاع ما حدث وقت التطعيم فقالت إن مدرستها شهدت عددا من حالات الإغماء بين الطالبات فور التطعيم، وتماثلن للشفاء بعدها بفترة بسيطة بعد تلقيهن العلاج لأن الأعراض كانت طارئة. وواصلت: انتابتني حالة من الدوار الشديد وبرودة في الجسم استدعت طبيبة المدرسة إعطائي 3 حقن أدرينالين لإنعاش القلب الذي كاد أن يتوقف، بعدها حضر والداي ونقلاني إلي مستشفي تابع لعمل والدي، وتم تشخيص الحالة المرضية علي أنها ارتفاع في ضغط الدم والحرارة ونقص في الأكسجين، واضطراب في ضربات القلب كانت عواقبها دخولي العناية المركزة لمدة 3 أيام بعد أن أظهرت الأشعة وجود ضمور في عضلة القلب نتيجة التطعيم. وبوهن شديد واصلت أماني روايتها قائلة: أبلغ مدير المستشفي مسئولي التأمين الصحي بالإسكندرية فأرسلوا فريقا طبيبا لفحص حالتي، ونقلوني إلي مستشفي الطلبة ب«سبورتنج»، وحجزوني مرة أخري بالعناية المركزة لمدة 4 أيام. أثناء حديثي مع أماني رن هاتفي المحمول، وبدون إدراك اتسعت حدقة عيني أماني وهي تنظر إلي وبدأت في حالة من التشنجات وصدرت منها حركات لا إرادية وهي غائبة عن الوعي لمدة 10 دقائق. وفجرت والدة أماني مفاجأة عندما قالت: نصحتنا طبيبة بمستشفي الطلبة ب«سبورتنج» أن ننقل أماني منه لوجود ميكروب بالمستشفي قد يزيد من حالتها سوءا، فأدركت أنه لا أمل للعلاج به وقررت اللجوء للعيادات الخاصة لعلاجها وترددت أنا ووالدها علي كبار أطباء الأمراض النفسية والعصبية والمخ والأعصاب إلا أن التشخيص كان يختلف من واحد لآخر ولم يتحدد لها علاج مناسب واعتبر بعضهم أنها حالة نفسية ناتجة عن طول فترة مرضها وتعرضها للموت، والبعض الآخر أكد علي أنها سوف تتماثل للشفاء في فترة من 6 إلي 9 شهور بعد التطعيم، وهي الفترة التي يزول فيها أثر التطعيم من الجسم، إلا أن ذلك لم يحدث. ومازالت أماني تعيش بأعصاب أعجزتها عن الحركة والمشي ومزاولة الحياة الطبيعية، الأمر الذي جعل أسرتها تعيش في مرارة وحزن مستمرين بسبب حالتها المتدهورة. مستندات طبية أمدتنا الأم بتقرير طبي صادر من مستشفي الطلبة في «سبورتنج» يشخص حالة ابنتها في القسم العلاجي «النفسية والعصبية» بوجود تفاعلات «زيادة في الحساسية» بعد تطعيم الحصبة والحصبة الألمانية أدي إلي تشنجات عضلية عصبية متكررة والتهاب في الأعصاب الطرفية وصداع مزمن والتهاب في العصب السمعي مع زيادة في حدة السمع وأن المريضة تحتاج إلي جلسات للعلاج الطبيعي المستمر والعلاج الدوائي والمتابعة الطبية والتحاليل المتكررة. ومستند آخر صادر من المدرسة عبارة عن تقرير طبي تقر فيه المدرسة بإصابة «أماني» بإغماء مفاجئ بعد التطعيم وأن الدكتورة «ماجدة عبدالباقي شعيب» طبيبة المدرسة أعطتها 3 حقن أدرينالين مما أدي إلي سوء حالة الطالبة واستدعاء ولي الأمر ونقلها خارج المدرسة إلي مستشفي الطلبة. الأب الحائر أما الأب الحائر «محمد إبراهيم شبل» فقال: ما يزيد علي 19 شهرا علي مرض ابنتي انفقت جميع مدخراتي واقترضت من البنوك، بعدها اضطررت إلي تحرير محضر في قسم شرطة الرمل أول تحت رقم 2226 في 29 مارس الماضي بما حدث لابنتي واتهمت مسئولي وزارتي الصحة والتعليم بالاهمال الجسيم وأنهما المتسببتان في إصابة ابنتي وطالبت الدولة بعلاجها داخل أو خارج مصر. لجنة طبية لم نكتف برصد مضاعفات أماني، وعرضنا الحالة علي الدكتور «عمر الفاروق» مدير تأمين مدارس الإسكندرية، فقرر تشكيل لجنة طبية من المتخصصين في النفسية والعصبية وذلك في مستشفي جمال عبدالناصر التابعة للهيئة يوم 18 إبريل الماضي، وأقر أعضاء اللجنة بالحالة الطبية السيئة للفتاة وشخصوا الحالة علي أنها تتابع ما بعد التطعيم ووجود اشتباه اكتئاب تحولي وكتبوا لها 4 أنواع من العلاج كانت قد تناولتها وأكثر منها طوال 19 شهرا مضت.. وفي الأسبوع نفسه وبعد تشكيل اللجنة ب4 أيام تشكلت لجنة أخري لأن استشاريي اللجنة لم يكونا موجودين في اللجنة الأولي، وتم إعداد تقرير آخر رفض التأمين الصحي الإفصاح عما فيه أو منح أسرة المريضة صورة منه كما حدث في المرة الأولي.