اقترب موسم الانتخابات بكل مايحمله من جدل وصخب وأهم مافي هذا الجدل التفرقة مابين ماهو حقوقي وسياسي فالسياسي يعتنق فكرا يحمل في مقوماته فناء فكر المنافس الآخر لأن في بقاء خصمه السياسي عقبة تحول دون وصوله الي السلطة التي هي غايته الأساسية ولا يري سوي عيوب خصمه ويسعي دائما لتأليب الناخبين والرأي العام عليه ويستخدم كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة في ذلك وأبسطها الكذب. أما الحقوقي فهو لايسعي إلي السلطة ويدافع عن الحق الإنساني بشكل مجرد ويراقب الحكومة والمعارضة ويرصد انتهاكاتها لحقوق الإنسان وهو يدافع عن الحق في حرية التعبير وتكوين الأحزاب السياسية وحق التجمع السلمي وحرية تكوين الجمعيات وغيرها من حقوق الانسان غير القابلة للتصرف أو التجزئة ومنها الحق في إدارة شئون البلاد الذي يحمل في جوهرة أن لكل شخص أن ينتخِب ويُنتخَب في انتخابات حرة نزيهة ومقتضي ذلك أنه يجب علي من يكلف بادارة أو مراقبة الانتخابات ان يدير ويراقب بشفافية ونزاهة يرصد بدقة انتهاكات الحكومة والمعارضة دون تمييز وإلا اعتبر منتهكا للحق وفاقدا للمصداقية وفاقد الشيء لايعطيه. واعتبر أن تجربة المنظمة المصرية لحقوق الإنسان في مراقبة الانتخابات عام 1995 كانت تجربة فريدة لم تتكرر، حيث رصد تقرير المنظمة انتهاكات الحكومة وأيضًا انتهاك رموز سياسية معارضة بارزة لمعايير الانتخابات الحرة النزيهة وقيامهم بعمليات شراء الاصوات والتسويد واستخدام النعرات القبلية ونفوذ العائلات والابتزاز الديني الذي يزيد في خطورته عن الابتزاز السياسي، وبالتالي فلا يجوز أن يكون المراقب مؤيدا لمرشح معين، أو يكون منحازا لحزب معين يخوض مرشحوه الانتخابات أي أن يكون منزها عن الاهواء الحزبية سواء كانت حكومة أو معارضة، فلا يمكن مثلا أن يشارك في الدعاية الانتخابية لمرشح أو لحزب ويراقب الحملات الانتخابية في ذات الدائرة او في دائرة أخري لحزبه مرشح فيها، أو يراقب الانتخابات بصفة حقوقية، وتعيين المراقبين في الفترة القادمة مسئولية المنظمات الحقوقية التي ادعوها ان تدقق في اختيار المراقبين الذين سيراقبون الانتخابات لحسابها وهذا لا يحول بينها وبين تدريب الكوادر الحزبية علي معايير الانتخابات الحرة النزيهة لأن نشر الوعي بتلك المعايير شيء، والمراقبة شيء آخر والأحزاب السياسية وشأنها في تعيين مندوبين ومراقبين لها بالصفة الحزبية والسياسية وأن تصدر تقريرها بشكل سياسي مستقل، كما أن ذلك لايمنع منظمات المراقبة من تلقي الشكاوي والبلاغات وسماع الشهادات من هذه الكوادر مع مراعاة المعايير الدقيقة لتوثيق تلك الشهادات والبلاغات ومسطرة قياس مصداقية البيانات ومن ابرزها توثيق تلك البيانات مع مراعاة انحياز الشاهد ومراجعة البيانات بشأن تلك الواقعة. من كافة المصادر وعدم الاعلان عن الواقعة إلا بعد إجراء اختبار المصداقية عدا بلاغات الاستفسار عن موقف السلطات المختصة مع استعمال مصطلح (ادعاء) أو (مزاعم) وبيانات التدخل السريع اذا كانت الواقعة تتعلق بانتهاك الحق في الحياة او المساس بالسلامة البدنية، والقبض التعسفي والاختفاء القسري، انني اناشد كافة المنظمات الحقوقية بمراعاة المعايير الدقيقة في اختيار المراقبين للانتخابات واتباع المهنية في عملية المراقبة والتوثيق وإصدار البيانات والتقارير لأن في ذلك صيانة لحق حصلت عليه المنظمات الحقوقية بعد نضال طويل. السحابة السوداء والحرق المكشوف والحزام الاخضر في أعقاب الموجة الحارة الاخيرة التي اجتاحت البلاد والتي قالت عنها هيئة الأرصاد الجوية انها بسبب رياح جنوبية غربية قادمة من الصحراء الغربية سمعت مسئول هيئة الأرصاد علي إحدي القنوات الفضائية يعلن انكسار الموجة الحارة وانخفاض درجة الحرارة 10 درجات، في اليوم التالي وفي مساء ذلك اليوم وفجأة شاهدت في الجو شبورة كثيفة وخرجت الي الشرفة لاستطلاع الأمر فإذا بالجو تملأه رائحة دخان ممزوج بعطر القمامة والغاز المنبعث من محطات معالجة الصرف الصحي ويعرفهما جيدا كل من يمر بطريق القطامية الوفاء والامل حيث اماكن الحرق المكشوف للنفايات ومحطة معالجة الصرف الصحي علي الطريق الدائري امام التجمع الخامس وخرجت بسيارتي لأقوم بتوصيل نجلي وأحفادي وبطبيعة الحال مررت بهذا الطريق وكلما اقتربنا من هذه الأماكن زادت كثافة السحابة وقوتها واصبحت الرائحة أكثر نفاذا وبالفعل شاهدنا ألسنة اللهب تخرج من مناطق الحرق المكشوف والدخان الكثيف يعبق الجو وعلي حد تعبير نجلي الرائحة تشق صدر الانسان ويكاد يغمي علي والكحة بدأت عند الاطفال والسحابة تنتشر بشدة في كل اتجاه واستمرت تملأ الجو في طريقنا إلي مدينة نصر ومصر الجديدة وحدائق القبة وتذكرت واقعة في الشتاء الماضي عندما هبطت شبورة شديدة الكثافة علي انحاء الجمهورية أدت إلي انخفاض مستوي الرؤية، لكن في طريق الوفاء والأمل والتجمع الخامس كانت منعدمة بسبب الحرق المكشوف المهم أنه في هذا اليوم حمدنا اللة علي براءة بركان ايسلندا من هذه السحابة السوداء والفلاح المصري من حرق الأرز. ومساء يوم الجمعة الماضي خرجت علي الطريق الدائري في اتجاه الهرم والأمور كانت تسير بهدوء حتي منطقة القطامية حيث توجد مناطق حرق مكشوف اخري وبدأت السحابة السوداء في الظهور من جديد بذات الرائحة الكريهة واستمرت السحابة حتي منطقة الهرم وقررت تغيير المسار عند العودة عن طريق الجيزة والدقي وكوبري 6 أكتوبر والحال كما هو واتصل بي صديقي واشتكي لي من الجو الخانق وقال لي: ماذا يحدث العالم كله بيتخلص من النفايات وبيعالج الصرف الصحي وبيزيد معدل وكميات النفايات فيه كل سنة ولاتوجد فية سحابة سوداء ولاتشتم في الجو هذه الروائح الكريهة، فقلت له: علي مايبدو أنها الرياح المثيرة للاتربة هي التي تحمل هذا الدخان والروائح معها. فرد بسرعة: فين الحزام الأخضر اللي وجعوا دماغ الناس بيه من عشرات السنين. أزاي كانوا مش عارفين يعملوه يستوردوا حزام جاهز من الخارج ويرحموا الناس. وأنا اسأل وزير البيئة عن رأيه في ذلك، ووزير الصحة كم تتكلف الدولة من أعباء علاج المواطنين نتيجة السحابة السوداء والرياح المثيرة للاتربة والحرق المكشوف؟ وكم يتكلف المواطن؟ والاهم من ذلك ماهي أضرارها علي الصحة العامة؟ أيها السادة ارحمونا وارحموا انفسكم واولادكم والاجيال القادمة من كل ذلك يرحمكم الله.