بالرغم من الموجات التي بلغ ارتفاعها ستة أمتار، والسحب البركانية التي خيمت علي سماء أوروبا، والجدل الكبير حول العديد من الأفلام، انطلقت الأربعاء الماضي النسخة الثالثة والستان من مهرجان كان السينمائي وسط حالة من التألق والسحر الجديرة بمثل هذا الحدث العالمي، وقد افتتح السجادة الحمراء النجمان الاستراليان الأصل «راسيل كرو» و«كيت بلانشيت، أبطال فيلم الافتتاح «روبين هود» للمخرج البريطاني «ريدلي سكوت» والذي يعرض خارج المسابقة الرسمية التي تشهد هذا العام غيابًا غير متوقع لأفلام هوليوود، إذ يشارك في المسابقة الرسمية فيلم أمريكي واحد، هو «لعبة عادلة» للمخرج دوج ليمان، بطولة ناعومي واتس التي تقوم فيه بدور فاليري بالم، عميلة للمخابرات الأمريكية التي يتم الكشف عن هويتها انتقاما من زوجها، ويقوم بدوره النجم شون بن، ويشارك في الفيلم النجم المصري خالد النبوي في دور مهندس عراقي. وعن ضعف المشاركة الأمريكية أرجع المخرج تيري فريمو مدير المهرجان السبب للأزمة الاقتصادية قائلا: السينما صناعة تحتاج إلي الكثير من المال. وهي القضية التي يتناولها فيلم أمريكي آخر يعرض خارج المسابقة الرسمية، وهو فيلم المخرج أوليفر ستون «وول ستريبت.. «المال لا ينام أبدًا»، الذي يعيد فيه مايكل دوجلاس تقديم دور رجل المال جوردون جيكو الذي قدمه في 1987 ويعتبر من بين أكثر الموضوعات المرتقبة في المهرجان حيث يركز علي الفساد المالي والجشع في البنوك الكبري بالعالم، ولم يتغيب المخرج الأمريكي الكبير وودي آلان عن كان هذا العام، حيث يشارك، خارج المسابقة الرسمية أيضا بفيلمه «ستقابل غيرب أسمر طويل القامة» بطولة النجمة ناعومي واتس. وعن مهرجان كان هذا العام، قالت النجمة الفرنسية البريطانية «كريستين سكوت توماس» أثناء تقديمها حفل الافتتاح إن مهرجان كان ليس فقط للأفلام ذات الميزانيات الضخمة، فهو أيضا يعطي الفرصة للأفلام البارزة التي يبدع فيها مخرجون قليلو الموارد ويتم إنتاجها تحت أنظمة حكم مختلفة، وقد أبدي أعضاء لجنة التحكيم برئاسة المخرج الأمريكي أسفهم لبدء المهرجان بدون العضو التاسع في لجنة التحكيم، المخرج الإيراني جعفر بناهي المعتقل في بلاده. شهدت دورة هذا العام هجومًا علي عدد كبير من الأفلام المشاركة حتي قبل عرضها، علي رأسها فيلم «خارجون علي القانون» للمخرج الفرنسي من أصل جزائري رشيد بوشارب، حيث تعرض الفيلم الذي يعد التمثيل الجزائري والعربي الوحيد في المهرجان والمقرر عرضه 21 مايو المقبل، لحملة انتقادات واسعة من طرف شخصيات سياسية فرنسية واعتبروه تحريفا للتاريخ وطالبوا بمنع عرضه ووصل الأمر إلي أن دعت حركات محسوبة علي اليمين المتطرف إلي التظاهر بكان و«إفساد» المهرجان، وتدور أحداث الفيلم، الذي يعد امتدادا لفيلم «أندجين» «الأصليون» الذي حصل علي جائزة أحسن أداء جماعي من قبل في مهرجان كان عام 2006، حول ثلاثة اخوة جزائريين كانوا الناجين الوحيدين من مجزرة سطيف عام 1945 التي راح ضحيتها الآلاف من الجزائريين. بعد ذلك سينتقل الإخوة الثلاثة إلي فرنسا حيث سيلتحقون بحركة التحرير الجزائرية. وكان مخرج الفيلم «بوشارب» قد قال في تصريح سابق لجريدة الوطن الجزائرية إن الفيلم يسعي لإعادة الاعتبار للحقيقة المرتبطة بمجزرة سطيف التي تعد محل خلاف بين الجزائروفرنسا، ومثلما كان فيلمه «أندجين» قد نجح من قبل في رد الاعتبار لقدماء المحاربين المغاربيين الذين قاتلوا إلي جانب فرنسا في القرن الماضي. فيلم آخر أثار عاصفة من الجدل هو الفيلم الإيطالي «دراكويلا - إيطاليا ترتجف» الذي يتطرق إلي فشل حكومة برليسكوني في التعامل مع أزمة زلزال أكويلا المدمر، من اخراج سابينا جوزانتي، المعارضة السياسية الساخرة، وسيعرض خارج المسابقة الرسمية وقد أعلن وزير الثقافة الإيطالي مقاطعته للمهرجان مبديا أسفه وانزعاجه لاختيار إدارة المهرجان لهذا الفيلم «الدعائي» علي حد وصفه، «الذي يخالف الحقيقة ويهين الشعب الإيطالي بأكمله»، بالرغم من وجود فيلم إيطالي آخر ينافس علي السعفة الذهبية في المسابقة الرسمية وهو فيلم «لا نوسترا فيتا» للمخرج دانيال لوشتي. جدل آخر، هذه المرة من روسيا، حيث اتهم فيلم «الشمس الخادعة» للمخرج نيكيتا ميخائلوف بتجميل فترة الديكتاتور «ستالين». أما فيلم «رجال وآلهة» للمخرج الفرنسي زافييه بوفوا الذي يتناول قضية مقتل الرهبان الفرنسيين في دير تبحرين بالجزائر عام 1996 فيدخل في منطقة حساسة من العلاقات الفرنسية - الجزائرية بحسب وصف الصحف الفرنسية. وتحت عنوان «كلاسيكيات كان» والتي تعتبر من أهم فئات المهرجان يعرض هذا العام 14 فيلمًا من أهم ما أنتجت السينما العالمية مثل أفلام «النهر» للمخرج الإيطالي فيسكونتي وفيلم «سايكو» لهيشكوك و«الملكة الأفريقية» لجون هيوستون التي قامت مؤسسة سكورسيزي السينمائية ومعهد سينماتيك الفرنسي ببولونيا بترميمها. يجري أيضًا تكريم المخرج المصري الراحل شادي عبدالسلام من خلال عرض النسخة المرممة من فيلمه القصير «شكاوي الفلاح الفصيح» والذي يعرض ضمن هذه الاحتفالية لتكريم روائع السينما العالمية.