لم يعد سرًا بالطبع الخلاف الذي أثير حول موقع الضبعة وصلاحيته لبناء أول محطة نووية مصرية لإنتاج الكهرباء.. ففي الوقت الذي يتحمس فيه العلماء في المجال النووي لهذا الموقع الذي تمت دراسته مرتين وأكدت الدراسات صلاحيته، فإن هناك عدداً من المستثمرين والمسئولين يرون أن الأفضل والأجدي للاقتصاد المصري استغلال منطقة الضبعة في الاستثمار السياحي، خاصة أن قري سياحية عديدة اقتربت منها.. لأن هذا الاستثمار يوفر للحكومة أموالاً سائلة تستطيع أن تستخدمها في الإنفاق علي إنشاء المحطة النووية. لكن الجدير في الأمر الآن أن هناك من قفزوا علي هذا الخلاف بالتشكيك في جدوي المشروع النووي ذاته.. هؤلاء يتحدثون الآن عن جدوي الطاقة الشمسية بالمقارنة لإنتاج الكهرباء من المحطات النووية. هؤلاء بدلاً من أن يحاصروا أنفسهم في جدل يتوقعون أن يخسروه نظرًا للحجج القوية التي تؤيد بناء أول محطة نووية مصرية في منطقة الضبعة، قرروا نسف المشروع النووي كله.. وبذلك لن يتبقي استخداما مطروحا لمنطقة الضبعة سوي الاستثمار السياحي فقط، ليظفر بها المستثمرون الذين يضعون أعينهم عليها. في البدء يطرح هؤلاء ذات المخاوف القديمة من إنشاء محطات نووية لإنتاج الطاقة في مصر، وهي ذات المخاوف التي عطلت هذا المشروع القومي سنوات طويلة في أعقاب انفجار مفاعل تشيرنوبل في الاتحاد السوفيتي السابق.. إنهم يعيدون إنتاج ذات المخاوف لإعادة تعطيل المشروع الذي حزمت مصر أمرها وقررت أن تمضي في تنفيذه بعد القرار التاريخي الذي اتخذه الرئيس مبارك، وهو القرار الذي لقي ترحيبًا واسعًا داخل مصر. هؤلاء يحذروننا من الإهمال الذي يسود بعض مرافقنا مثل السكك الحديدية ويقولون إن عدوي هذا الإهمال قد تنتقل إلي المشروع النووي وتكون النتيجة كارثة فادحة. لكنهم يتناسون أن مثل هذا المشروع النووي يختلف بطبعه عن أي مشروع آخر، وتراعي فيه معايير دولية للأمان، والقائمون علي تنفيذ هذا المشروع يدركون ذلك.. بالإضافة إلي أن معايير الأمان في المفاعلات النووية من الطرازات الجديدة أكبر من الأنواع القديمة مثل نوع محطة تشرنوبيل. أما المفاضلة بين الطاقة النووية والطاقة الشمسية فهي مفاضلة ليست في محلها لأن الخطط المصرية تضع في اعتبارها إنتاج الطاقة من كل المصادر المتجددة ومن بينها الطاقة الشمسية، وأن ترتفع نسبة الطاقة التي نحصل عليها من هذه المصادر إلي 20% من حجم استهلاكنا من الطاقة في 2020. ولقد قال العلماء منذ وقت طويل مضي رأيهم في هذا الأمر، وكانوا يلحون علي استئناف المشروع النووي طوال الوقت.. والقرار الذي اتخذه الرئيس مبارك لم يكن قرارًا سياسيًا، وإنما جاء استنادا للدراسات التي تمت في هذا المجال. إذن.. لماذا تكسير المجاديف الذي يتم الآن بخصوص المشروع النووي؟! أما بخصوص الضبعة فإذا كانت الدراسات الفنية والعلمية المتخصصة اثبتت صلاحيتها لإقامة أول محطة نووية، فيجب أن نأخذ بهذه الدراسات.. والساحل الشمالي بدون الضبعة طويل وممتد ويمكن استغلاله سياحيا. وارحمونا من هذه الحيل.