من يراقب المشهد السياسي المصري من بعيد يشعر بالفخر لأن مساحة الحرية المتاحة فيها متسع للجميع، فلم يشعر أحد منا بأن النظام قد ضاق ذرعا أو تبرماً من منتقديه أو معارضيه، بل أرجع الرئيس مبارك ذلك في كلمته في عيد تحرير سيناء السبت الماضي إلي الحراك الاجتماعي والسياسي وحيوية الشعب المصري، التي يتميز بها عن غيره من الشعوب، الأمر الذي يجعلنا نطمئن علي مستقبل هذا البلد الذي يشهد حراكًا اجتماعيا وسياسيا يندر أن تجد له مثيلا بين الشعوب، لأن الشعب المصري - كما تؤكد الموروثات التاريخية والأدبيات السياسية - هو شعب يتميز بالحيوية علي مر التاريخ والعصور، والأدلة والبراهين هي أكثر من أن نذكرها، ليس لأنها حاضرة في ذاكرة الشعب المصري فقط، بل هي حاضرة أيضا وبقوة في تاريخ الذاكرة الإنسانية والمراجع التاريخية والسياسية في مكتبات وجامعات العالم ودواوينه تحفل بالعديد منها. فالمتتبع للحالة المصرية الراهنة تصدمه حالة من الاستعلاء والمن يمارسها من ينادون بالتغيير علي الشعب المصري، فمن يقرأ تصريحات الدكتور محمد البرادعي سوف يخرج بمحصلة وحيدة صادمة، ألا وهي أن الرجل المقبل من بعيد الذي أدمن الحياة تحت الأضواء والسفر بين مطارات البرد، قد وقع ضحية مجموعة من الانتهازيين الذين ظلوا لسنوات طويلة أسري لحلم تبدد، وهو أن يشملهم تشكيل وزاري، فأحدهم الذي رشحته أحد المواقع رئيسا للوزراء والذي أدمن القفز بين كل الأحزاب ظنا منه أنها وسيلة ناجعة لابتزاز النظام، كان ينتظر في الثمانينيات من القرن الماضي بجوار الهاتف في مكتبه بوسط القاهرة علي أمل أن يشمله تشكيل وزاري كانت تلوح ملامحه حينها في الأفق، والأسبوع الماضي شاهدته علي قناة الحياة مع رولا خرسا يلوم من رشحوه لرئاسة الوزراء في حكومة البرادعي بدعوي أنه أكبر من البرادعي وأنه كان أستاذا في كلية الحقوق في الوقت الذي كان البرادعي فيها طالبا، مضيفا إنه هو الذي يختار ولا يختار، مما يشير إلي خلاف مبكر دب بين الفرقاء علي غنيمة لن تتم، لأن الشعب المصري الذي عاش الاستقرار أذكي من أن يقع ضحية تجار الوهم طالبي المناصب علي حساب منجزاته ومستقبله. الحقيقة أن مصر تعيش حالة من الزهو بديمقراطية حقيقية أرسي دعائمها الرئيس مبارك، يشعر بها أبناؤها ممن يعيشون خارجها، يجب علينا جميعا أن نقف خلفها لنرعاها، وألا ندع الفرصة للانتهازيين وأصحاب الأيديولوجيات الفارغة التي تجاوزها الزمن وسحقتها الأيام أن يسمموا أفكار أجيالنا بشعارات هم غير مقتنعين بها، علينا ألا نسمح لأحد بتهديد أمننا واستقراره، فمستقبل مصر فوق الجميع. إن الشعب المصري الذي رفض أن ينال منه أحد علي مر التاريخ ولفظ الاستعمار والطغاة والجبابرة، يرفض أن يمارس عليه البرادعي وحواريوه الاستعلاء والأحاديث الفوقية والعبارات المفخخة.