لا يوجد سبب مقنع لتحمس التليفزيون المصري لإجراء مصالحة بين مرتضي منصور وشوبير وأن تكون هذه المصالحة علي الهواء علي مرأي ومسمع مشاهدي أحدث البرامج التليفزيونية الذي يهتم به قادة التليفزيون، فالخلاف بين مرتضي منصور وشوبير لا يعد قضية عامة مثل قضايا ارتفاع أسعار الغذاء أو البطالة أو الاحتجاجات الاجتماعية الخاصة بالأجور وهو خلاف لا يهم أحد سوي أطرافه فقط أي مرتضي منصور وعائلته وأصدقاءه وشوبير وعائلته وأصدقاءه وقد وصل هذا الخلاف إلي النيابة والقضاء ولن تتأثر مصلحة مصر ولا أمنها القومي إذا استمر هذا الخلاف بدون حل أو حتي تفاقم وصارت عواقبه وخيمة بالنسبة لأطرافه. وإذا افترضنا أن كليهما -أي مرتضي وشوبير- ينتمي إلي حزب واحد فإن إتمام الصلح بينهما مكانه الحزب إذا ارتأي قادة هذا الحزب أن هذا الصلح مفيد للعمل الحزبي وأن الخلاف يؤثر علي نشاط الحزب ودوره السياسي! أما التليفزيون المصري الرسمي فلا علاقة له بهذا الأمر الحزبي، رغم أننا لم نجد قيادياً واحداً في الحزب الوطني تحمس أو اهتم بهذا الصلح. ونفس الأمر ينطبق علي البرلمان فكل ما فعله البرلمان هو الموافقة علي رفع الحصانة عن أحد طرفي الخلاف أو الخصام ليمثل أمام النيابة للتحقيق في البلاغات المقدمة ضده من الطرف الثاني فلماذا يتحمس التليفزيون لما لم يفكر فيه أصلا لا البرلمان ولا الحزب؟ ربما يقول أحد لنا تبريراً لذلك إن الصلح خير وهو العنوان الذي اتخذه برنامج «مصر النهارده» عنواناً لتلك الفقرة السخيفة التي استضاف فيها كلاً من مرتضي منصور وشوبير لنسمع ونشاهد فصلاً مؤسفاً جديداً من خناقاتهما لكن هل هذه هي الخناقة الوحيدة الموجودة في بر مصر كله؟! وربما يقول أحد لنا أيضا في إطار التبرير لهذه الفقرة التليفزيونية المثيرة للاستفزاز إن كلا من مرتضي منصور وشوبير من الشخصيات العامة ويهم المشاهد متابعة خناقاتهما بل يهمه أيضا وضع حد لهذه الخناقات ولكن هل أجري التليفزيون المصري استطلاعا للرأي ليتأكد من أن الرأي العام ومشاهديه مهتمون باتمام صلح مرتضي وشوبير قبل أن يتورط في هذه المحاولة السخيفة التي آذت مشاعر هؤلاء المشاهدين الذين راعهم تبادل الاتهامات القاسية التي يعاقب عليها القانون علي شاشة التليفزيون؟! وحتي إذا حاول أحد أن يبرر لنا هذه الورطة السخيفة التي أوقع فيها التليفزيون نفسه وورط فيها مذيعاً لامعاً وشيخاً جليلاً بأن هذه الحلقة من البرنامج اجتذبت إعلانات ضخمة وصلت قيمتها إلي مليون جنيه فإن هذا التبرير أقبح من الخطأ أو الخطيئة التي ارتكبها التليفزيون مساء يوم الأربعاء الماضي. نحن لا نقلل هنا من النوايا الطيبة لرئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون الذي كان يرغب في اتمام صلح بين شخصين يعرفهما ولا نقلل أيضا من النوايا الطيبة لمحمود سعد الذي وصف مرتضي منصور بأنهما صديقان ولا نقلل كذلك من النوايا الطيبة للشيخ خالد الجندي الذي استعد لهذه المصالحة بارتداء الزي الأزهري ولكن هذه النوايا الطيبة كلها لا تبرر الخطأ الفادح الذي وقع فيه الثلاثة وورطوا فيه التليفزيون المصري وبرنامجه الأساسي الوليد. كان من الممكن أن يمارسوا نواياهم الطيبة في مكتب المهندس أسامة الشيخ في منزل أحدهما أو في أحد الفنادق أو المقاهي ولكن أن يحدث ذلك علي مرأي ومسمع من ملايين المشاهدين فهو أمر يدعو للأسف والأسف الشديد ونحن في انتظار اعتذار للمشاهدين من الثلاثة علي الهواء مباشرة لأن ما حدث يتجاوز الخطأ ويصل إلي درجة الخطيئة ونتمني أن يقبل المشاهدون اعتذارهم.