مازالت لعنة مرتضي- شوبير تطارد المصريين من مكان إلي مكان. تغلق التليفزيون فتجد رسالة علي الموبايل : شفت مرتضي عمل ايه النهاردة؟ وبعد قليل صوت صديق مهتم بمتابعة كل كبيرة وصغيرة في التليفزيون يسأل : اتفرجت علي شوبير ؟ لا أعرف لماذا لم أشعر بالغضب ولا مرة من لهاث البرامج علي الدخول في مسلسل مرتضي- شوبير؟!. هل لأن الطرفين من مشاهير هذا الزمن والمعركة بينهما لها جمهور واسع ؟ أم لأن هذا الجمهور مازال يعشق معارك الفتوات في الحواري..والمعركة بين المستشار والكابتن قريبة الشبه بالجو العام للخناقة بين اثنين كل منهما يمتلك قوة ما ومسنود بجبروت خفي( المال أو الشهرة أو العلاقة بأطراف ما في الحكومة) ولا أحد عادي يستطيع أن يقف في مواجهتهما وحده..وساعتها تكون الفرجة بإحساس «اللهم اضرب الظالمين بالظالمين» أو «لا يفل الحديد إلا الحديد»؟!. هذه هي مشاعر جمهور حرب الفتوات التي غابت عن الحواري وانتقلت إلي التليفزيون مصحوبة بالعدة الكاملة: شتائم وتهديد باستخدام القوة.. وادعاء بالأدب واللياقة..و تلسين واستفزاز.. وأخيرا التمسح بالدين واستخدام المصحف وقراءة الفاتحة. استعراض كامل ..من الصعب علي أي قناة تليفزيونية تفويت فرصته. لكن في التليفزيونات المحترفة يوضع مثل هذا الاستعراض في برامج الفضائح..ويقدمها مقدمون محترفون في التفتيش داخل صفائح القمامة البشرية. لكن أن ينتقل استعراض مرتضي- شوبير من برامج المتابعات اليومية إلي قنوات دينية وإلي البرامج الموجهة من التليفزيون المصري، فهذه علامة علي أن هذا ليس مجرد استعراض من استعراضات الشوارع الخلفية..ولكنه استعراض كاشف عما حدث في مصر خلال 30 سنة. عندما تكون الرغبة في الصلح بين المستشار والكابتن مسيطرة علي برامج التليفزيون..فإن هذا يعني أن القضية مهمة..بالنسبة لمن يشكلون عقل وذوق وثقافة الرأي العام! من أين تأتي أهمية قضية مرتضي- شوبير؟ القضية أولاً لا تتعلق بمشكلة عمومية أو خلاف فكري أو سياسي..وإنما عن قذائف شتائم موجهة علي هامش معركة انتخابية..بمعني أنها ليست خلافا في الرأي.. أو انفعالا زائدا في قضية عامة..وإنما «حرب مواقع» تُخفي أسبابها الحقيقية عن المشاهد العادي. والمعركة بين طرفين كل منهما تحققت شهرته عبر «الصناعة التليفزيونية»..صحيح أن المستشار مرتضي منصور شهير في عالم المحاماة والقضاء..والكابتن أحمد شوبير من حراس المرمي المهمين في تاريخ كرة القدم.. صحيح أنهما ضمن نواب الشعب (المستشار نائب سابق والكابتن نائب حالي)..لكن الشهرة الكبيرة تحققت من الوجود طويلا أمام شاشات التليفزيون.. ولم يخض أي منهما معركة تذكر خارج الدفاع عن هذا الوجود وعن موقعه في قائمة المشاهير التليفزيونيين. لماذا هذا الاهتمام إذن ؟ هل لأن الوجود في التليفزيون أصبح «قضية عامة»؟ ولماذا التركيز علي محاولة الصلح لا فتح نقاش حقيقي وجريء حول ماتكشفه المعركة من «اختلال المعايير والقيم» ..وماتكشفه عن استخدامات عجيبة ومتضاربة لمؤثرات عاطفية مثل الأم والعائلة والمصحف الشريف وأسماء الصحابة..للتحول إلي أدوات للاستعراض وعدة في معركة الحواري؟ وأكتشف الآن أن معارك الحواري،كانت مختلفة،تعبر عن صراع قوي اجتماعية.لكن استعراض مرتضي- شوبير يعبر عن غياب كل القوي. لا أشعر بالغضب من الاستعراض،بالعكس أضحك كثيرا، لأنه كوميدي بالفعل وإذا شاهده شخص لا يعرف الظرف السياسي والاجتماعي الذي جعل من الطرفين نجوما..سيضحك من قلبه..وسيعرف ماذا حدث في مصر طيلة 30 سنة. ماذا حدث ليجعل كل هذه الشيزوفرينيا تعرض علي الشاشات دون تحذير ضروري للأطفال ومرضي القلب والاكتئاب؟!. لماذا ورط محمود سعد نفسه في هذا الاستعراض؟ أعجبتني كلمته الصريحة:«فشلنا..» اعتبرتها تعويضا عن الوقت الذي أهدره ليقوم بالصلح.. ما الذي يستفيده المشاهد من الصلح؟ وما القيمة الكبري المنتظرة من وراء استمرار فصول الاستعراض التي تفقد ظلها وتصيب بلعنتها كل من يقترب منها..؟ محمود هو «مندوب الناس» أمام الشاشة.. فهل يهم الناس صلح مرتضي وشوبير ؟ ولماذا يهتم المهندس أسامة الشيخ، رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وهو منصب سياسي..بالصلح؟ هل تحتاج الدولة إلي الصلح.. أم إلي الانشغال به؟ أعتقد أنه لا أحد يفكر..الجميع متورط في استعراض مرتضي شوبير..ومن لا يشاهد بنفسه سيدعوه صديق برسالة علي الموبايل أو إشارة علي الفيس بوك واليوتيوب.. إنها لعنة العصر.