منذ أيام التقيت الصديق العزيز الكاتب الصحفي بالأهالي أحمد سيد حسن، وذكرني بأنه كان يكتب عموداً صحفياً في الأهالي بعنوان «يوميات مواطن»، وهو نفس العنوان الذي أكتب به في «روزاليوسف» منذ نحو عامين. وقد اعتذرت للصديق العزيز أحمد سيد حسن عن هذا الخطأ غير المقصود، واقترحت عليه أن أغير عنوان المقال لكنه رفض. كنت أقرأ «يوميات مواطن» لأحمد سيد حسن في الأهالي واستمتع بها، ويبدو أن هذا الحب ظل في عقلي الباطن، وظهر حين بدأت الكتابة اليومية في «روزاليوسف»، فاستعرت عنوان مقال صديقي دون قصد أو إدراك، لكنها في كل الأحوال غلطة مهنية تستحق الاعتذار لصاحبها ليس بيني وبينه، وإنما في العلن.. فهذا حقه الأدبي لأن عنوان مقال أو باب ثابت هو من بنات أفكار صاحبه. وبعيدًا عن اليوميات وما دار بيني وبين الصديق العزيز أحمد سيد حسن، ألاحظ أن كثيراً من الصحف ووسائل الإعلام، تمارس نوعاً من القرصنة غير المشروعة علي أفكار وجهد آخرين، صحيح أن هذه الظاهرة معروفة في الصحافة المصرية منذ سنوات باسم "قلب الشراب"، أي أخذ موضوع منشور وإعادة صياغته من آخر ووضع اسمه عليه، لكن الوضع تغير كثيرا وأصبح من السهل أن تري صحفاً ورقية وإلكترونية تعيد نشر موضوعات كاملة، سواء بدون الإشارة لأصحابها أو بوضع أسماء أخري عليها. الغريب أن هذه القرصنة أو السرقات الصحفية والإعلامية انتقلت إلي البحث العلمي، وأصبح شائعاً ومتداولاً الحصول علي رسائل عالمية وإعادة ترجمتها، وتغيير صياغاتها والتقدم لنيل شهادات الماجستير والدكتوراة. وفي الصحافة كما في البحث العلمي، نغض البصر عن هذه السرقات وكأنها شيء عادي جداً، رغم أن هذه السرقات لا تقل خطورة عن النشل في الشوارع والحافلات أو السطو علي المنازل، أو حتي سرقة الغسيل من علي الحبل. المشكلة الأكبر هي أن شبكة الإنترنت أتاحت تدفقاً هائلاً من المعلومات والموضوعات والكتب والرسائل الإعلامية، وبمجرد كبسة زر تتدفق ملايين الكلمات، وهو أمر يتيح سهولة الحصول علي المعلومة، كما يتيح أيضا سهولة سرقتها، لكن عبر الإنترنت نفسه يمكن اكتشاف لصوص الأدمغة والإنتاج العلمي والإعلامي بسهولة. وما لم يتم التصدي لهذه الظاهرة، فإن هذه السرقات ستزيد وتنتشر، وتتحول إلي وباء، لا يقتصر علي سرقة عصير العقول، وإنما سيمتد بعد ذلك لسرقة كل شيء في البلد، حتي الكحل في العين!