في قرية "الريغة " بمركز سقارة، شهد الجمهور يوم الاثنين الماضي إعلان القرية خالية من غير المسجلين، وساقطي القيد. الاحتفال كان جماهيريا بمعني الكلمة، تقدمته وزيرة الأسرة والسكان، ومحافظ 6 أكتوبر، والقيادات التنفيذية والمحلية. مشاهد البؤس والفقر غلفت المكان، فالتنمية غائبة أو متعثرة، والسيدات والأطفال اللاتي كرمتهن الوزيرة مشيرة خطاب بدا عليهن الفقر الشديد، لكن وراء كل منهن قصة تحرر من الفقر أو الجهل أو الشعور بالعجز نتيجة امتلاك الأوراق الثبوتية. الجهد بدأ مع مشروع "الحد من الفقر... الحقوق القانونية للأطفال والنساء والفتيات"، ومنه خرجت مبادرة "الحق في التسجيل" والتي ترمي إلي تعزيز قدرة الأفراد، وبخاصة الفئات المهمشة، علي الحصول علي الأوراق الثبوتية الرسمية، تحديدا شهادة الميلاد وبطاقة الرقم القومي وشهادة ساقط القيد، مما يساعد هذه الفئات علي الاندماج في المجتمع، والتمتع بنوعية حياة أفضل. ويمثل الحصول علي أوراق رسمية خاصة بالهوية في المجتمع خطوة أساسية تعين الشخص علي التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية من ناحية، وتساعد مؤسسات الدولة علي التخطيط، وتحديد الفئات المستهدفة بدقة، مما يمكنها من تقديم أوجه الرعاية والدعم للمواطنين. امتلاك الورقة الثبوتية يعني القدرة علي التعليم، والعمل، والسفر، والحصول علي قرض، والحق في التأمينات الاجتماعية، الخ. بدون امتلاك ذلك يصبح الشخص مهمشا، مواطنا بالاسم، في حين أنه خارج سجلات الدولة فعلا، يعيش علي حوافها، لا تعرف عنه شيئا، وهو لا يعرف عنها شيئا بالضرورة. ويطبق المشروع في عدة محافظات: الجيزة، 6 أكتوبر، حلوان، بني سويف، المنيا، سوهاج، قنا، وذلك بالتعاون مع وزارات الداخلية والصحة والإدارة المحلية، وبدعم من وزارة الأوقاف والكنيسة القبطية، وبتنسيق مع الجمعيات الأهلية. وهو ما يجعل المشروع تعبيرا عن الشراكة بين الحكومة والمجتمع المدني، ويمثل نموذجا يمكن محاكاته في تجارب تنموية... وتشير الأرقام إلي أن المشروع حقق نجاحا كبيرا تجاوز المستهدف بكثير، ولا يزال أمامه العمل الكثير في المحافظات التي يعمل بها، وفي المحافظات الأخري، لاسيما عندما يجري الربط بين ذلك وبين محاربة الفقر. هذه القضية لا أحد يهتم بها. فهي ليست قضية انتخابات، أو الحديث عن التغيير السياسي، أو الفساد التي تملأ العناوين الرئيسية للصحف يوميا. إنها قضية معاناة البسطاء الذين لا يذكرهم أحد. من هنا وفي كل مرة أذهب فيها إلي مجتمع محلي، وأتأمل التفاعلات بداخله أصل إلي اقتناع أساسي أن ما ينشره الإعلام لا يعبر عن حقيقة التفاعلات.. ولو سألت أيا من الموجودين في الاحتفال بقرية» " عن اسم رئيس الوزراء أغلب الظن سنجد الغالبية العظمي لا تعرفه، ولو سألتهم عن ماهية الدستور سنجد اجابات ملتبسة... بالتأكيد هو وضع غير مقبول، لكن كيف نترجم ذلك في خطط وتصورات تنموية مختلفة... هذه هي القضية؟