ما حدث مؤخراً في مدينة مرسي مطروح، رغم محاولات البعض كالعادة التهوين من شأنه، يؤكد أن التحريض الطائفي في بر مصر موجود بل يتزايد. فمن بني السور السبب المباشر للمشكلة أو الصدام الذي حدث كان هناك من حرضه علي فعل ذلك.. ومن تصدوا له بالاشتباك كان هناك أيضا من حرضهم علي ذلك.. ومن اشتبكوا معهم علي الطرف الآخر كان هناك أيضا من حرضهم علي ذلك. هذا هو الخطر الذي نتحدث عنه منذ فترة طويلة.. ولكن للأسف نكتفي بالحديث ولا نفعل شيئاً لإزالته ومقاومته إلا النذر اليسير وبشكل متفرق ومن خلال مبادرات آل أصحابها علي أنفسهم مواجهة الأفكار المتطرفة والمتطرفين لحماية مصر من شرور التطرف وخطر الفتنة الطائفية. ليس هذا هو وقت الاختلاف حول تكييف ما حدث في مرسي مطروح ومن قبله في أماكن أخري متفرقة وهل هو من قبيل الحادث الفردي وغير الطائفي، أم هو حادث طائفي وأن ما صنعوه هو تحريض طائفي يشهده المجتمع من خلال فكر ديني متطرف وعقول مغلقة متشددة لا تقبل بالآخر وتصادره وتلغيه، وترفض التسامح وتعتبره تنازلاً ودليل ضعف، وتريد الانفراد والاستئثار بكل شيء وفرض أفكارها ورؤاها وحدها علي المجتمع كله حتي ولو كان المجتمع يرفضها. ليس هذا هو وقت الاختلاف حول تقييمنا لطبيعة صدامات ونزاعات وأحداث ضاقت بها الصدور ونستنكرها جميعاً، حتي هؤلاء الذين يهونون من شأنها ويكابرون في الاعتراف بطبيعتها الطائفية.. فنحن جميعاً نتفق علي أن هناك تحريضاً طائفياً كريهاً نعاني منه ونشكو منه جميعاً، وأنه يتعين أن نتصدي له ونقاومه ونستأصله من مجتمعنا لنحميه من شروره وآثامه. هذا التحريض الطائفي نصطدم به أحيانا داخل المسجد وداخل الكنيسة لغياب الخطاب الديني الصحيح والمستنير الذي لا يقدم للناس دينا مغشوشاً وغير سليم ولا يحول النصوص الدينية إلي مادة للتحريض ضد أصحاب الديانات الأخري. وهذا التحريض نصطدم به أيضا في فضائيات تنشر التطرف بسهولة ويسر لدي الذين يجهلون بأمور دينهم وتحض أصحاب الديانات علي نبذ من يخالفهم في العقيدة الدينية ومعاداتهم وعدم التعايش معهم، وكراهيتهم. وبالتالي الخطوة التي يجب أن نخطوها هي أن نتصدي بقوة لهذا التحريض الطائفي الذي يعكر النفوس ويصنع التشدد ويختبئ دائما وراء كل حادث أو صدام بين المسلمين والمسيحيين. وحتي نحتشد جميعاً للتصدي لهذا التحريض الطائفي يتعين أن نشجع ونرعي من يقومون بذلك بشجاعة في مجتمعنا ونقدم لهم الدعم لا أن نعرقل جهودهم ونحبطها. إن من بين من يتصدي لهذا التحريض الطائفي جمعية من جميعات المجتمع المدني هي الهيئة القبطية الإنجيلية التي تنظم حواراً واسعاً يشارك فيه المثقفون من شتي الاتجاهات ومختلف المشارب، وهذه الهيئة تحتاج في التعامل معها لرؤية سياسية تقدر ما تقوم به من جهد في هذا الأمر، وليس مجرد رؤية أمنية فقط، حتي يتسع نشاطها في مقاومة التحريض الطائفي، وحتي نشجع غيرها علي تقليدها.