نظمت لجنة التاريخ بالمجلس الأعلي للثقافة ندوة بعنوان "من أعلام مؤرخي مصر في القرن العشرين" تم خلالها تكريم اسمي الراحلين الدكتور سعيد عاشور، والدكتور أحمد دراج، في جلستين تضمنتا الحديث عن 18 مؤرخا من أعمدة التاريخ في القرن ال20، ترأس الأولي الدكتور قاسم عبده قاسم، والثانية الدكتور محمد صابر عرب. قام كل مشارك في الندوة التي ضمت عددا كبيرا من أساتذة التاريخ، بالحديث عن أحد الشخصيات التاريخية منذ المولد، وحتي الوفاة، في أوراق كانت أشبه بالسير الذاتية، إلا أن بعض المشاركين، فضل سرد مواقف شخصية جمعتهم بالراحلين ومنهم الدكتور أحمد زكريا الشلق، الذي روي موقفا له مع أستاذه أحمد عزت عبد الكريم قائلا: أردت نشر كتاب لي، فطلبت منه ذلك متصورا أنه سيرفض، ولكنه فاجأني وقال "روح انشره" ثم كتب لي مقدمته دون أن أطلب، وقال بها ما لم أكن أتصور أن أستاذا كبيرا مثله قد يقوله لتلميذه، قال أنه استفاد مني. الدكتورة لطيفة سالم تحدثت عن الدكتور يونان لبيب رزق قائلة: لم ينتسب لأي من المدارس القائمة في عهده، وإنما صاغ مدرسة جديدة، أرخ فيها للأحداث بتميز، ودفع بها الناس لحب قراءة التاريخ، ومن ثم فإن تراثه لا يزال قائما، لا يمر أسبوع دون أن أطالع أحد أعماله، ولعله لم يكن أكاديميا وحسب، بل كان شخصية عامة مرموقة، وقد علمت من مصادر في وزارة الخارجية أنه الوحيد الذي رفض الحصول علي مقابل عن دوره في استرداد طابا عبر الوثائق الدولية. الدكتور محمد عفيفي رئيس قسم التاريخ بجامعة القاهرة تحدث عن الراحل شفيق غربال مؤسس مدرسة التاريخ الحديث في مصر، أما الدكتور عادل غنيم فتحدث عن الراحل جمال زكريا قاسم الذي أرخ للأحداث في الخليج، وحظي بتقدير العديد من البلدان العربية، بينما أخطأته جائزة الدولة التقديرية. الدكتور السيد علي فليفل لفت إلي شخصية أستاذه الراحل الدكتور أحمد حتة قائلا: كان أستاذا كما يجب للأستاذ أن يكون في الهيئة والموضوع، وكان مثالا للالتزام، والتواضع والأخلاق، حتي أنه ومع أقصي غضب له من أحد الزملاء قال له: "أتمني من حضرتك أن تسكت!" الدكتور حمادة محمد إسماعيل تحدث عن الراحل عبد الرحمن الرافعي قائلا: هو مؤرخ هاو مختلف عن مؤرخي المدرسة الأكاديمية، وهو ظاهرة تستحق الدراسة، وقد عرف كمؤرخ رغم أنه لم يحترف كتابة التاريخ، فقد كان محاميا. الجلسة الثانية من الندوة رأسها الدكتور محمد صبر، وبدأها الدكتور عماد أبو غازي بالحديث عن أستاذه عبد اللطيف إبراهيم قائلا: لقد جمع الراحل بين 3مجالات مرتبطة هي "التاريخ والآثار والوثائق" درس الوثائق كمخلفات أثرية، من عدة مداخل، وقد جمع في دراسته بين تخصصيه التاريخ و الآثار، فأسس لمدرسة عربية ومصرية في مجال علم الوثائق خاصة وثائق العصور الوسطي، كما أسس لدراسة الوثائق العربية، كما قام بدراسة تاريخية لعصر السلطان الغوري عبر وثائق كانت وقتها جديدة وفريدة من نوعها وتطرق للعلاقة بين الفقه الإسلامي وكتابة الوثائق وتحريرها، وخلص لنتائج هامة للغاية، وتوفي في 2001 وكان لا يزال يواصل الإشراف والبحث العلمي، لذا واحتفاء به سوف يتم طبع الأعمال الكاملة له عن المجلس. الدكتور محمد صابر عرب طالب بأن تكون مادة الوثائق أساسية في أقسام وكليات الأداب لقت إلي الموسوعة كما شدد علي ضرورة نشر الأعمال الكاملة لمحمد حلمي أحمد عن وزارة الثقافة، سواء عن هيئة الكتاب أو المجلس، ولفت إلي الموسوعة التي تعدها لجنة التاريخ بالمجلس لأعلام القرن العشرين من المؤرخين، والتي تضم 70 اسما، مشددا علي ضرورة توزيع استمارة علي العاملين بها ليلتزموا بالمواصفات الفنية للعمل الموسوعي، كما طلب من اسحق عبيد أن يكون هناك منهج يعتمد عليه في التطوير التاريخي للمدرسة التاريخية أو الكبار، كي لا يتم إغفال أحد. الدكتور حسنين محمد ربيع روي قصة ملهمة عن الراحل الدكتور عزيز سريال عطية ذلك الفتي الذي فصلته كليته خلال عامه الأخير بدراسة الطب، في وقت تفلس فيه أسرته، ليجد نفسه بين ليلة وضحاها من طبيب لموظف بسيط يعمل نهارا ويدرس بمدرسة المعلمين العليا ليلا، ليصبح فيما بعد علما من أعلام علم التاريخ.