علي ارتفاع أكثر من 100 قدم من سطح البحر.. ومنذ حوالي 20 عاماً.. جمعني لقاء حميم مع اللواء محمد حسن طنطاوي محافظ سوهاج حينذاك.. وبعض زملائي من الصحف القومية. فأنا من أبناء سوهاج.. إلا أنني فوجئت بأن في محافظتي الأصلية.. مكاناً بهذه الروعة والجمال.. يدعي منطقة "الكوثر"، أقيمت بها مجموعة من الشاليهات بالخشب الطبيعي تحدوها الأشجار من كل مكان ومن كل نوع.. ولم يتبق إلا السماء الصافية التي لم يصل لها عنان الأشجار الخضراء بعد.. ودار حوار بيننا وبين المحافظ محمد طنطاوي امتد من التاسعة مساءً حتي الثالثة فجر اليوم التالي.. وحكي لزملائي كيف بقي ماكياج الملكة "ميريت" بجميع ألوانه كل هذه السنين حتي الآن.. حيث يصل طول تمثال الملكة أكثر من 20 متراً.. من أحمر الشفاه وماكياج الحواجب والعيون.. وقلنا جميعاً: حقيقي فراعنة وتطرق الحديث إلي حجم الآثار الكبير في المحافظة خاصة أخميم ومنطقة "الأحواش" التي ترقد فيها توابيت الأطفال الصغار أولاد الأمراء وكبار قوم الفراعنة، هذا فضلاً عن حجم الصناعات الصغيرة التي برع فيها أبناء وبنات محافظة سوهاج من المشغولات القطنية "اليدوية" التي ذاع صيتها في أنحاء مصر المحروسة.. وأصبح الإنتاج يباع مقدماً والتعاقد عليه يمتد إلي سنوات قادمة. في لحظات لف الصمت المكان.. إثر سؤالي محافظ سوهاج اللواء طنطاوي.. عن أحلامه لهذه المحافظة.. بعدما سردت له مشكلة إحدي السيدات العجائز عن مشكلتها في تسويق إنتاجها من المنسوجات القطنية اليدوية.. ولم أكن أدري أنني طرقت وتراً مشدوداً في جسد المحافظ.. وغاب عنا اللواء طنطاوي وهو جالس بيننا.. ورجع مرة أخري.. وهو لم يغادر كرسيه.. وفوجئنا جميعاً بدموع المحافظ عالقة في عينيه تأبي أن تظهر وتعلن عن نفسها.. وشعرت أيضا.. بأن السبب أننا نخاطب أحد القيادات الأمنية السابقة في جهاز أمن الدولة.. ورشف المحافظ بعضاً من الماء.. وبدأ يحكي عن طريق الحلم أو طريق سوهاج سفاجا "البحر الأحمر".. وأضاف سخّرت كل إمكاناتي الضئيلة في المحافظة لشق حوالي 30 كيلو متراً فقط في الجبال.. ولم أستطع تكملة الباقي.. وهو كثير وباهظ التكاليف.. حيث أشار بيده في أحد الاتجاهات معلقاً بأن هذا الطريق المعجزة لو تمت مرحلته الأولي سيفتح أبواب الجنة لأبناء الصعيد علي جانبي الطريق دون استثناء بجميع محافظاته.. وسيوفر مئات الكيلو مترات يقطعها السائح أو المواطن المصري القادم من أسيوط أو قنا يريد الذهاب إلي الغردقة أو سوهاج أو البحر الأحمر.. خاصة أن السعودية بصدد إنشاء ميناء في الجهة الأخري من البحر الأحمر ويعرف بميناء "ضبا". وأخيراً.. وحينما رأيت الرئيس مبارك يقف علي أول طريق سوهاج البحر الأحمر وهو مرصوف ويعلن عن بدء تشغيل هذه المعجزة المصرية.. ويعلن د.محمود محيي الدين أن هذه هي المرحلة الأولي من مشروع سوهاجأسيوطقنا البحر الأحمر.. الذي أطلقت عليه جريدة "روزاليوسف" منذ أسابيع "طريق الأحلام".. ليدخل إن شاء الله المرحلة الثانية وهي ازدواج هذا الطريق.. وكم تمنيت أن أثلج صدر اللواء محمد حسن طنطاوي محافظ سوهاج الأسبق بهذا الخبر الحلم.