بعد أن ظل طريق الصعيد - البحر الأحمر مجرد حلم يراود أعين أبناء الصعيد لأكثر من 40 عامًا وخاصة أبناء محافظة سوهاج.. أخيرًا تحقق الحلم وأصبح الطريق واقعًا ملموسًا بعد أيام قليلة يفتتح الطريق وتبدأ مرحلة التنمية الشاملة في جميع المحافظات الواقعة علي امتداد أسيوطوسوهاجوقنا والبحر الأحمر. ذهبنا إلي اللواء محسن النعماني محافظ سوهاج ليروي لنا حكاية الطريق منذ أن كان حلمًا وحتي أصبح حقيقة. سيادة المحافظ متي بدأت فكرة شق طريق يصل بسوهاج إلي البحر الأحمر؟ فكرة إنشاء هذا الطريق فكرة قديمة جدًا وترجع لأكثر من 60 عامًا مضت عندما قام أحد المهتمين بالتاريخ ويدعي ذكري زرزور من مدينة أخميم باستطلاع الصحراء الشرقية والصعود علي الجبل واكتشاف المناطق الشاسعة أعلي الهضبة ثم جاء اللواء عبدالحميد خيرت محافظ سوهاج عام 1962 وأمر بتشكيل فريق عمل بهدف استطلاع المكان أعلي الهضبة الشرقية وكان من ضمن العاملين في هذا الفريق قدري أبوحسين محافظ حلوان الحالي وكان وقتها موظفًا بالعلاقات العامة بالمحافظة بالإضافة إلي أنه ابن من أبناء أخميم. وكما ذكر لي المحافظ قدري أبوحسين أن هذه المجموعة صعدت لأول مرة إلي أعلي الجبل الشرقي بصورة رسمية وبأسلوب علمي حيث توجهت المجموعة إلي منطقة بئر العين أو منطقة الخور، وهي منطقة تقع بين جبلين وكان الناس وقتها يرتادونها بللتبرك بمياه البئر بما عرف بالسياحة الريفية وهي قائمة حتي الآن، وكان البعض لديهم الرغبة في اقتحام المحبسين (الجبلين الشرقي والغربي)، وضاف محافظ سوهاج إلي أن جاء اللواء حسن الألفي محافظ سوهاج الأسبق وبناء علي رغبة أيضًا من قدري أبوحسين باستكمال أعمال استكشاف الطريق وبالفعل قامت مجموعة عمل أخري 1986 بالصعود إلي الجبل لاستكشاف بداية الطريق وعثر علي فستان فرعوني أعلي الجبل وجاء اللواء محمد حسن طنطاوي محافظًا لسوهاج واستكمل الأعمال وأنشأ أول منطقة صناعية في الصعيد بحي الكوثر بالقرب من بداية طريق البحر الأحمر عام 1993، وتم الإعلان عن إنشاء طريق البحر الأحمر لجذب المستثمرين ورجال الأعمال الذين توافدوا علي المنطقة الصناعية تشجيعًا للاستثمار ولكن توقف العمل في إنشاء الطريق لسنوات طويلة حتي تمت دراسة المشروع دراسة شاملة بالتعاون مع الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار الذي تحمس للطريق حماسًا غير عادي وبالاشتراك مع جامعة جنوبالوادي حصلنا علي موافقة رئيس مجلس الوزراء د.أحمد نظيف والذي أعد ملفًا كاملاً عن المشروع وعرضه علي السيد الرئيس مبارك الذي أصدر قراره التاريخي بالموافقة علي إنشاء هذا الطريق من أجل كل أبناء الصعيد. لكن الرئيس مبارك هو الذي طلب إنشاء الطريق عام 2005 أثناء زيارته لسوهاج ليكون شريان حياة ومحور تنمية عرضياً استراتيجياً يربط الصعيد بالبحر الأحمر لتحقيق التنمية الشاملة؟ نعم.. الرئيس مبارك هو الذي طلب أثناء زيارته لسوهاج في يوليو 2005 بتنفيذ الطريق.. الأمر الذي جعل وزير الاستثمار يعكف علي دراسة المشروع وفوائده وانطلاقًا من تدعيم التنمية الشاملة وتحسين مستوي معيشة أبناء الصعيد بما يلبي احتياجاتهم ويضمن فرص الاستثمار والتوسع فيه مستقبلاً، ولما كانت سوهاج من أشد المحافظات إلي التنمية خاصة بعد أن أشار تقرير التنمية البشرية إلي أن سوهاج تحتل ترتيبًا متأخر بين محافظات مصر نظرًا لتراجع فرص الاستثمار بها نتيجة عدة عوامل منها صعوبة الانتقالات وابتعادها عن موانئ التصدير ومحدودية الرقعة الزراعية وزيادة نسبة البطالة، بالإضافة إلي أن الطريق كان مطلبًا جماهيريا لأبناء سوهاج منذ عشرات السنين، وقد أصدر الرئيس مبارك موافقته الأخيرة وبدأ العمل اعتبارًا من شهر يوليو 2007 الماضي، وتبلغ تكلفته 640 مليون جنيه وسترتفع إلي 1.8 مليار جنيه بعد أن وافق الرئيس مبارك علي ازدواجه وبطول 412كم. يقولون إنك وش الخير علي سوهاج ويلقبونك بهذا الاسم؟ نعم.. منذ أن حضرت لسوهاج وبعد أيام قليلة جاء قرار الرئيس مبارك بإنشاء طريق البحر الأحمر والمطار الجديد وتحققت أحلام أكثر من 4 ملايين سوهاجي أن يكون لهم طريق يصل بهم إلي سفاجا وموانئ البحر الأحمر ومطار ينهي عزلتهم والمقولة التي ترددت أن سوهاج أبعد محافظة في مصر. كان أبناء سوهاجوأسيوط يحلمون بطريق يصل بهم إلي الغردقة مباشرة بدلاً من سفاجا فلماذا تم تعديل المسار؟ فكرة الوصول إلي الغردقة فكرة قديمة أساسها الوصول إلي ميناء وسواحل البحر الأحمر ولما بحثنا في أسباب تعثر المشروع في السنوات الماضية وجدنا اختلاط الأمر فالطريق، إما أن يكون محور التنمية عرضيا أو طريقًا للمواصلات وأعتقد أن الطريق يجب أن يكون محورًا للتنمية الشاملة وطبقًا للدراسة المعدة فهو يبدأ من الأحايوة شرق وينتهي في سفاجا بطول حوالي 300 كم مرورًا بوادي قنا والهدف دفع عجلة الاستيراد والتصدير والاستثمار أولاً، أما بالنسبة للسياحة فالأمر هين ويمكن أن نعمل وصلة بطول 60 كم من سفاجا حتي الغردقة في مرحلة لاحقة تزيد الزمن نصف ساعة تقريبًا. وأضاف المحافظ أن الطريق يختصر المسافة إلي ساعتين تقريبًا وهو مثل المسافة بين القاهرة والإسكندرية. ما خطة استغلال الأراضي الواقعة علي جانبي الطريق؟ إن وزارة الاستثمار بالتعاون مع المحافظة أعدت خريطة استثمارية للأراضي علي جانبي الطريق تشمل 54 ألف فدان للاستصلاح الزراعي ومنطقتين للتنمية الصناعية علي مساحة 112809 أفدنة ومنطقتين للخدمات الإقليمية والسياحية علي مساحة 6857 فدانًا ومساحات أخري علي جانبي الطريق بعرض 150 م بعد حرم الطريق بمساحة 27 ألف فدان تستخدم في مشروعات التنمية الاستثمارية و11 تجمعًا عمرانيا بمساحة تصل إلي مليوني م2 لإقامة تجمعات عمرانية جديدة حول الطريق و3 موانئ جافة علي مساحة 750 فدانًا ومجمع صناعي زراعي علي مساحة 100 فدان ومجمع للصناعات التعدينية علي مساحة 250 فدانا. وأضاف المحافظ النعماني أن شركة الصعيد- البحر الأحمر للاستثمار والتنمية التي تم تأسيسها برأسمال 200 مليون جنيه تعد حاليا الدراسات الهندسية والجدوي الاقتصادية للاستغلال الأمثل لجميع الأراضي علي جانبي الطريق بنظام المشاركة مع القطاع الخاص، كما يستكمل معهد الدراسات الصحراوية دراساته حول المقنن المائي في وادي قنا لاستكشاف المناطق الصالحة للزراعة، وتشير الدراسات الأولي إلي وجود 250 ألف فدان قابلة للاستصلاح نظرًا لوجود مياه جوفية وتكفي لزراعتها، وجار دراسة معدلات الملوحة في المياه الجوفية والأراضي لتحديد أنسب التركيبات المحصولية لهذه المساحات. ماذا عن الراغبين في الاستثمار بعد تنفيذ الطريق؟ قبل 15 عامًا جاء المستثمرون للاستثمار في الكوثر بسبب تنفيذ طريق يصل بهم إلي البحر الأحمر وتأخر إنشاء الطريق فما بالكم أن الطريق قد انتهي العمل فيه بنسبة 90٪ الآن، وبعد 10 أيام سوف يتم افتتاحه بإذن الله والمحافظة تلقت 132 ألف طلب من أبناء المحافظة يطلبون الاستثمار في شتي المجالات، وقد تم إرسال هذه الطلبات إلي الشركة القومية للتشييد والتعمير لدراستها وإعداد برنامج لطرح الأراضي علي المستثمرين بالإضافة إلي تدفق المشروعات الكبري مثل إنشاء مشروع للأسمنت وآخر للسماد ومدينة ضخمة لصناعة النسيج بتمويل صيني مصري يصل إلي 5 مليارات جنيه، بالإضافة إلي تحفيز المشروعات الصغيرة باعتبارها الركيزة الأساسية للتنمية في الصعيد. ما طبيعة الاستثمارات المتوقع تنفيذها علي جانبي الطريق؟ يساهم الطريق في تنشيط الاستثمارات بما يتيح التوسع في إنشاء المزيد من المناطق الصناعية التي تساهم في زيادة فرص العمل وتعزيز إمكانيات الاستيراد والتصدير وتنشيط حركة التجارة بين سوهاج وسفاجا، وتحقيق المزيد من التدفقات السياحية واستصلاح 250 ألف فدان بمنطقة وادي قنا شرق الهضبة، كما يساهم الطريق في استغلال المحاجر المتوفرة في بعض المناطق بجوار مساره مثل محاجر الحجر الجيري والبريشيا والرخام ومحاجر الطفلة والمعادن الطينية، ومحاجر الترافرتين ومناجم الخامات والمعادن والرخام بجبال البحر الأحمر، ويساهم في استغلال الأراضي المنبسطة الواقعة أعلي الهضبة شرق سوهاج، التي تمتد حوالي 70 كم شرقًا علي جانبي الطريق لبناء المدن والتجمعات السكنية والمصانع والمشروعات الاقتصادية والسياحية الكبري وأن وزارة النقل بدأت في استلام الطريق والبدء في إنشاء 113 محطة خدمة بنزين، و20 نقطة إسعاف وعلامات إرشادية وبوابات نموذجية وميناء للحاويات والتخزين.