يقول الخبراء وأهل العلم أن شبكة الطرق في أي دولة هي التي تحدد مدي تقدم هذه الدولة.. وأستطيع أن أقول لك إنه لم تحدث أية مشروعات للتنمية في أي مكان في العالم.. إلا وكانت البداية بالطرق.. فالتنمية تبدأ بطريق. هذا بالضبط ما أريد أن أتحدث عنه اليوم.. تنمية الصعيد وتحديدا طريق الصعيد البحر الأحمر الذي افتتحه الرئيس حسني مبارك الأسبوع الماضي. لقد تحقق الحلم الذي ظل يرواد أهالي الصعيد علي مدي50 عاما تقريبا. هذا الحلم كان عبارة عن طريق يربط بين النهر والبحر.. طريق يسهل لهم الخروج من وادي نهر النيل الضيق والوصول إلي البحر الأحمر.. يشق الجبال والصحراء والأودية والهضاب.. ويفتح آفاقا جديدة للعمل والرزق والاستثمار والانطلاق إلي كل الدنيا بسهولة ويسر.. طريق يخرج الصعيد من عزلته.. من قسوته.. فقد كان الصعيدي لايخرج من بيته إلا مهاجرا لصعوبة التنقل والحركة, كما سمعت من شاعرنا الكبير عبد الرحمن الأبنودي ابن قنا حين عبر عن سعادته بهذا الطريق كأحد أبناء الصعيد. لقد كان هذا الحلم بعيد المنال.. إلا أنه الآن أصبح واقعا وتحديدا صباح يو الخميس4 فبراير2010 حين افتتح الرئيس حسني مبارك طريق الصعيد البحر الأحمر الذي يمكن أن نقول أنه السد العالي الجديد أو الانجاز أو قل المعجزة وليس في ذلك مبالغة بفضل سواعد وعرق الرجال أبناء مصر العظام.. أحفاد الفراعنة.. الذين عملوا وسهروا علي مدي30 شهرا بالتمام والكمال بل إن عددا منهم قد استشهد خلال الأعمال الانشائية الجبارة في هذا المشروع أو هذا الطريق العملاق. محمود محيي الدين كنت قد سمعت أكثر من مرة عن هذا الطريق وأهميته للتنمية والصعيد من الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار الذي كلفه الرئيس حسني مبارك بالاشراف علي تنفيذ هذا المشروع أو الطريق بل وتمويله ذاتيا من وزارة الاستثمار وبالفعل فقد صادف هذا التكليف أهله.. لأن من يسمع د.محمود محيي الدين وهو يتحدث عن ضرورة وأهمية التنمية والاستثمار في صعيد مصر يدرك أننا بالفعل أمام وزير عاشق لمصر وعاشق للصعيد.. وزير يمتلك رؤية سياسية اقتصادية لمستقبل مصر بل يدرك قيمه مقومات هذا البلد.. ومن هنا كان ايمانه الشديد بأهمية طريق الصعيد البحر الأحمر ولذلك تكررت زياراته لمتابعة هذا المشروع بشكل مدهش ولافت للنظر.. فضلا عن تفكيره المتزامن مع انشاء الطريق في إنشاء مشروعات استثمارية جديدة بالصعيد ومن هنا جاءت فكرة انشاء شركة الصعيد للاستثمار السياحي التي بدأت بالفعل في انشاء فنادق بالصعيد. ورغم انني أعلم أن محمود محيي الدين لايحب الحديث بشكل شخصي عنه.. بل يحب النقد قبل المدح فإنني لا أستطيع أن أمنع نفسي من توجيه التحية إليه تقديرا لما بذله من جهد في تنفيذ حلم الصعيد وحلم الرئيس مبارك بإنشاء هذا الطريق في وقت لاينظر فيه بعض المسئولين إلا تحت أقدامهم ولايمتلكون هذه الرؤية لمستقبل مصر.. وليس ذلك بغريب عن د.محمود محيي الدين سليل عائلة محيي الدين بكفر شكر التي مازالت ترتبط بطين هذا البلد. أعود إلي طريق الصعيد البحر الأحمر.. وأقول لماذا أطلقنا أو أطلق عليه البعض السد العالي الجديد؟ الواقع أن الأعمال الانشائية والهندسية التي تمت لإنشاء هذا الطريق غاية في الضخامة وصعوبة التنفيذ وتستحق عليها شركة حسن علام كل التقدير.. فلقد تطلب انشاء هذا الطريق الذي يبلغ طوله412 ك.م جهودا جبارة.. فالطريق يتكون من ثلاث وصلات سوهاج سفاجا التي افتتحها الرئيس وأسيوط وقنا وسينتهي العمل فيها خلال الشهرين المقبلين لتبلغ التكلفة النهائية لهذه المرحلة الأولي نحو1,6 مليار جنيه ثم تبدأ المرحلة الثانية التي أمر بها الرئيس مبارك والتي تستهدف ازدواج الطريق وستنتهي في2012 لتبلغ التكلفة الهائية للطريق نحو3 مليارات جنيه. هذا الطريق عمل فيه علي مدي30 شهرا نحو20 ألف عامل بينهم5 آلاف مهندس وفني واستخدمت فيه نحو901 معدة مثل البلدوزرات والسيارات وغيرها وتم فيه تفجير نحو7 آلاف طن من الديناميت لشق الجبال وتم فيها ردم عدد من الأودية بين الهضاب التي تمت تسويتها حتي يستوي الطريق وتم فيه تجهيز الطريق بمخرات للسيول وتزويده بأماكن للخدمات ونقاط الاسعاف ومحطات البنزين وأسفرت التفجيرات التي تمت عن تفجير نحو46 مليون متر مكعب من الصخور في حين كان ماتم تفجيره في السد العالي نحو43 مليون متر مكعب. إن هذا الطريق سيوجد11 تجمعا عمرانيا وآلاف الأفدنة للاستثمار الزراعي والصناعي والسياحي, كما سيوفر الآلاف من فرص العمل لأبناء الصعيد في هذه المشروعات التي ستحول محافظات الصعيد من محافظات طاردة للعمالة إلي جاذبة لها. بقي أن أشير إلي أن الدكتور محمود محيي الدين بعد تكليف الرئيس له بتدبير التمويل لتنفيذ الطريق نجح في تنفيذ هذا التمويل من حصيلة برنامج إدارة أصول الدولة الخصخصة وبذلك يحقق البرنامج أحد أهدافه وهو الانفاق علي مشروعات التطوير والتنمية من حصيلة الخصخصة لمصلحة مستقبل أفضل لهذا الوطن. عبد الرحمن الأبنودي أشرت في بداية هذا المقال إلي سعادة الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي بطريق الصعيد البحر الأحمر وما أريد أن أختتم به مقالي اليوم هو أنقل للقارئ ما كتبه الابنودي شعرا في هذا الطريق وكيف ذكره بالسد العالي..فقد كتب الابنودي ابن قنا والصعيد في عمل ملحمي رائع جموعة من المواويل التي سيلحن بعضها الموسيقار الرائع عمارالشريعي احتفاء بهذا الطريق والخير الذي سيأتي من ورائه ليعم الصعيد ومصر.. وإلا لما انفعل الابنودي وكتب هذه الصور الشعرية في موال رائع: يقول الابنودي: ما لسه فاكرين ياناس أيام بنينا السد النية في القلب كانت والجهاد في اليد الكهرباء والمياه والزرع طول العام نفس الكلام انهارده والمسائل جد طرق وسيعه تودي النيل لشط البحر عبر الجبال والصخور وتلال نزولها وعر بكره تقوم المصانع في الصعيد كله مادمت مريت طرق من بحرها للنهر ..... وبعد كلام الابنودي.. خلص الكلام!!