أحاسيس ومشاعر جماعية كونت حالة لم يعهدها المصريون منذ حرب أكتوبر بعد فوز منتخب الفراعنة تحت قيادة الرائع حسن شحاتة ببطولة أفريقيا للمرة الثالثة علي التوالي في انجاز تاريخي غير مسبوق فضلا عن تغلبه علي منتخب الجزائر برباعية نظيفة التي كانت بمثابة خير تعويض عن الإخفاق علي يد الخضر في التأهل الي مونديال جنوب أفريقيا. كشف انجاز أبناء شحاتة عن مكنون ومخزون الحب والعشق الراسخ في نفوس المصريين لبلدهم الذي خلق هذه الحالة من الفرح الممزوج بالعشق. هذه الفرحة لم تقتصر علي الجماهير في الشوارع انما امتدت الي ساحات الانترنت وتحديدا الموقع الشهير الفيس بوك والمنتديات التي تسابق أعضاؤها وتفننوا في بث العديد من التصميمات الطريفة للمنتخب المصري في البطولة الأفريقية بواسطة برامج الجرافيكس الشهيرة. وتصدر قائمة تلك التصميمات كاريكاتير لحسن شحاتة وهو في أحد فصول المدرسة وأمامه مجموعة من الطلبة الأفارقة من الكاميرون وغانا وأنجولا وونيجيريا وهو يشرح لهم الدرس الأول مضمونه أن "العين ماتعلاش عن الحاجب".. كما تضمن الكاريكاتير صورة لطالب جزائري قام شحاتة بتذنيبه برفع يده علي الحائط كعقاب له. "عاد لينتقم".. تصدر هذا العنوان تصميماً آخر جمع الحضري وأحمد حسن وزيدان وأمامهم الأهرامات وحمل عبارة علي لسان هؤلاء النجوم مضمونها " نحن أناس لانحب الغرور.. لكن زماننا سمح لنا بالتباهي.. لأننا ملوك". ولم ينس المصممون هداف أفريقيا محمد ناجي جدو حيث ظهر في كاريكاتير بصورة لاعب ضخم يقوم بتوجيه سؤال للنجم الكاميروني ايتو يقول فيه "أنا جدو يالا.. انت مين" فاذا بإيتو يرد عليه وهو مرتعد ومنهار في البكاء قائلا "أنا ستو" . كذلك جاءت صورة فرحة جدو تحت عبارة "جدو مش هتقدر تهدو.. جدو اي دفاع هيهدوا". أما مباراة الجزائر فكان لها النصيب الأكبر من تلك التصميمات حيث جاءت الأربعة أهداف علي شكل أسهم تحمل رقم الهدف وصورة اللاعب الذي سجل الهدف وكانت هناك العديد من التصميمات لكنها خارج السياق لذا لم نحبذ التطرق لها حفاظا علي مشاعر الإخوة العرب. أما انجاز المنتخب المصري بالفوز بالبطولة للمرة السابعة في التاريخ فكان ايضا ضمن اهتمامات تلك التصميمات حيث تم تصميم صورة للكأس الأفريقية محاطة بسبعة نجوم وحولها عبارة " عفوا هذه كأسنا للأبد".. تصميم آخر جاء فيه صورة للعلم المصري ملتفاً حول سيف ملطخ بالدماء كدلالة علي الانتصار الكاسح. "مصر تعاقب المتأهلين لكأس العالم".. تصدر هذا العنوان صورة للمنتخب المصري وهو يحمل كأس أفريقيا وأمامه جميع نجوم المنتخبات الأفريقية التي صعدت الي المونديال وعلي رأسهم دروجبا و ايتو و ايسيان وزياني وهم ينظرون بحسرة الي الكأس. أما أطرف الصور فكانت للاعب غانا "دومنيك أديياه" الذي كان يجلس علي مقاعد النمبارة في المباراة النهائية وحملت عبارة "ماما زمانها جاية". الجدير بالذكر أن لاعبي منتخب مصر أعطوا درسا في الانتماء للوطن بعد أن قاتلوا ببسالة في بطولة أنجولا فكانت النتيجة أن حطموا جميع الأرقام القياسية وحصدوا جميع جوائز البطولة بعد أن أسقطوا كل منافسيهم وأكدوا أنهم كبار أفريقيا والأحق بحمل رايتها في نهائيات كأس العالم بعد أن تفوقوا علي ممثليها في المونديال العالمي نيجيريا والكاميرون والجزائر وغانا ولو واجهوا منتخب كوت ديفوار لنال لدغات "جدو". وعلي الرغم من أن الجميع كان يخشي علي منتخب مصر قبل انطلاق البطولة في ظل غياب عدد من أهم عناصره وعلي رأسهم محمد أبوتريكة وعمرو زكي ومحمد بركات ومحمد شوقي الا أن مصر أثبتت أنها مليئة بالمواهب وهي تقدم البدائل، وكلما غاب نجم أطل نجم جديد فكانت عودة حسام غالي وهبة الإسكندرية جدو أغلي وأنشط جد في العالم فضلا عن المتألق أحمد المحمدي. لم يقتصر إنجاز المنتخب المصري علي تحقيق اللقب للمرة السابعة في تاريخه، والثالثة علي التوالي فقد حقق الفريق العديد من الأرقام القياسية التي يصعب تحطيمها خلال الخمسين سنة المقبلة. فقد أصبح نجما المنتخب المصري أحمد حسن وعصام الحضري أكثر لاعبي القارة حصولا علي اللقب، أربع مرات لكل لاعب، أعوام 1998، 2006 2008، 2010 . وتفرد الحضري بأنه أصبح أول حارس في التاريخ يتوج بثلاث بطولات متتالية دون أن يخسر أي مباراة، بالإضافة إلي أن الفريق لم يهزم في 19 مباراة متتالية بالبطولات القارية. وحقق المنتخب المصري خلال هذه البطولة الفوز علي المنتخب النيجيري المرة الأولي منذ عام 1977 بالإضافة إلي تحقيق الفوز للمرة الأولي علي المنتخب الجزائري بالبطولة القارية. وأصبح المدرب حسن شحاتة أول مدرب علي مستوي العالم ينال بطولة قارية للمرة الثالثة علي التوالي، وهو لم يسبق لأي مدرب في العالم أن حققه ليسجل المدرب المصري نفسه واحدا من أعظم مدربي العالم. وضرب أحمد حسن الرقم القياسي المصري في عدد المباريات الدولية بعد أن رفع رصيده إلي 172 مباراة ، مبتعدا ب 10 مباريات عن الحارس السعودي محمد الدعيع عميد لاعبي العالم. ونال الفريق أفضل خط هجومي بالبطولة برصيد 15 هدفا، ولقب أفضل دفاع بعدما مني مرماه بهدفين فقط خلال مباريات البطولة الست.