ما كتبته د. إيريني ثابت في عمودها الأسبوع الماضي تحت عنوان (الرجال مخلوقات غريبة) يوم الأربعاء و(ليسوا مخلوقات غريبة) يوم الخميس.. هو تعبير حقيقي عن نظرة المجتمع لتلك العلاقة الملتبسة في علاقة الرجل بالمرأة والعكس، كما أنها تمثل انعكاسًا طبيعيا لتلك الصورة المشوهة في نظرة كل منهما للطرف الثاني علي غرار الرسالة الإلكترونية التي وصلتها وتحفظت عليها.. والرسالة تدعي أنهم - أي الرجال - مخلوقات غريبة لا يعجبهم شيء، ويتذمرون طوال الوقت، ولا يحترمون مثابرة المرأة، ولا يقدرون أعمالها التي لا تنتهي، وبينما هم يتذمرون في راحتهم ويشتكون من أقل مجهود.. تقوم المرأة المسكينة بكل الأعمال وهي راضية متحملة مجاهدة. أتفق مع ما ذكرته د. إيريني ثابت من أن تلك الرسائل الإلكترونية المنتشرة بصورة كبيرة.. قد أصبحت أشد خطورة لما تحمله من نقل وجهة نظر من طرف واحد وتحمل قدراً من التوصيف لكل الرجال علي سبيل المثال بدون أن تنقل وجهات نظر أخري، بل وعلي العكس نجد المزيد من التفاعل وردود الأفعال والتعليقات عليها لتأكيدها بجميع الأشكال والأدلة والبراهين.. بدون مناقشة حقيقية وموضوعية لها.. للدرجة التي تجعل البعض يتعامل معها علي اعتبار أنها قاعدة أو نظرية علمية واجتماعية. ويهمني في هذا الأمر، أن أؤكد علي ملاحظة تتبعتها خلال السنوات الماضية.. خاصة من خلال الاهتمام بقضايا الجندر (قضايا المساواة والنوع بين الرجل والمرأة)، وهي تتلخص في شخصية بعض الرموز من السيدات التي تهتم بمناقشة قضايا المرأة والدفاع عنها. وسوف اذكر هنا نموذجًا واقعيا وحقيقيا لسيدتين تشتركان في الاسم نفسه وتعتبران من الرواد في قضايا المرأة.. غير أن هناك فرقًا طفيفًا جداً بينهما.. جعلني أعيد النظر في معني ما تقولانه ومضمونه. لقد لاحظت أن حياة كل منهما.. قد انعكست علي ردود أفعالها وتصرفاتها.. خاصة في قضايا المرأة. فالأولي زوجة لمبدع راحل.. شجعها وساندها لتحقيق ذاتها بدون أن يعرقلها، بل وبالعكس كان دافعاً قوياً لها في حياتها العائلية ومسيرتها العملية (العلمية والحقوقية والتنموية)، وهو ما جعلها بعد ذلك تقدم نموذجاً إيجابياً للمرأة بدون أي خلفيات أو تعقيدات أو هجوم علي الرجال في محاولتها للدعوة إلي حقوق المرأة. أما الثانية، فرغم تفوقها في مسيرتها العلمية وإبداعاتها، فقد كان لتوتر علاقتها الزوجية، آثر كبير في آرائها وتعليقاتها فيما يخص قضايا المرأة.. التي تتسم بتشدد يصل إلي حد التطرف في الآراء. إن الملاحظة السابقة.. جعلتني أصل لنتيجة واضحة لسؤال شغلني كثيراً في اعتقاد سابق عندي - كتبته قبل ذلك كثيراً علي صفحات روز اليومية - بأن المرأة هي التي تكرس التمييز ضد نفسها بصورة مباشرة بدون وعي في الكثير من الأحيان أي في طريق دفاعها عن قضاياها ومشكلاتها تقع في فخ تحميل الرجل المشكلة بالكامل وكأنه المسئول الوحيد عنها. وهو ما يعني أيضاً أنه كلما كانت حياة المرأة مستقرة بشكل إيجابي في مجملها، وكلما كانت مستقرة عائلياً.. ينعكس ذلك عليها فكرياً فيما تقول أو تدعو.