إذا كان ميتشيل يأتي هذه المرة إلي منطقتنا يطلب منا حث الفلسطينيين علي العودة الي التفاوض مع الاسرائيليين فإن المؤكد أنه سوف يتلقي رداً مصرياً رافضاً، لأن مصر تري أن عودة الفلسطينيين إلي التفاوض يجب أن يسبقه اتخاذ الاسرائيليين اجراءات عملية محددة تشمل الالتزام بتجميد الاستيطان وإزالة الحواجز في الضفة الغربية وإنهاء الحصار المضروب علي قطاع غزة بالاضافة إلي الافراج عن عدد من الفلسطينيين القابعين في السجون الإسرائيليين. لقد جاء ميتشيل إلينا من قبل ثماني مرات ولم تسفر زياراته هذه عن نتائج واضحة وملموسة تقنع الفلسطينيين بالعودة الي المفاوضات مع الاسرائيليين، وذلك بعد أن أخفق هو وهيلاري كلينتون وأوباما في اقناع نتانياهو بتجميد الاستيطان في الضفة والقدس.. وبدلا من أن يتوجه ميتشيل وأركان الادارة الامريكية لممارسة الضغوط علي نتانياهو ليتحرك لتهيئة طريق المفاوضات، نجدهم يتحركون في الاتجاه المعاكس للضغط علي الفلسطينيين وأبومازن للعودة الي المفاوضات، بدون أي تجميد حقيقي للاستيطان وبدون تحديد مرجعيات التفاوض، وبدون تحديد، نهاية الطريق كما تطالب مصر، أي تحديد الاهداف التي يتعين أن تنتهي اليها المفاوضات، وهي دولة فلسطينية علي حدود 1967 عاصمتها القدس، قابلة للحياة والاستمرار مع حل متفق عليه لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين في اطار الاعتراف بحقهم للعودة إلي أراضيهم التي طردوا منها، كما تقضي بذلك المبادرة العربية. هذا ما سربته مصادر اوروبية حول لقاءات ميتشيل بعدد من المسئولين الأوروبيين قبل أن يبدأ جولته الجديدة بالمنطقة. لكن هذا من المؤكد سترفضه مصر وستبلغ ميتشيل بذلك عندما يأتي لزيارتها اذا طرح المبعوث الامريكي ذلك. وسوف تطلب مصر من ميتشيل أن يتوجه برسالته الي الاسرائيليين وليس للفلسطينيين، لأن الاسرائيليين هم الذين يعطلون اطلاق المفاوضات باستمرارهم في الاستيطان داخل الضفة والقدسالشرقية، وباستمرارهم في حصار غزة، واستمرارهم ايضا في اعتقال الفلسطينيين وفرض الحواجز داخل الضفة، ورفضهم الالتزام بالمرجعيات الدولية المعروفة للسلام والتي تقضي بانسحابهم من الأراضي المحتلة واقامة الدولة الفلسطينية علي حدود 1967. إن الاسرائيليين يتلاعبون بالسلام.. يرسلون رسائل غير معلنة تقول إن نتانياهو مستعد لخوض غمار مفاوضات تقضي الي اقرار سلام حقيقي ودائم، وأنهم مستعدون للقبول ببعض مستلزمات هذا السلام، ثم يقولون علنا انهم لم يغيروا مواقفهم، وأنهم لا يوافقون علي حدود 1967 للدولة الفلسطينية، ويصرون علي أن القدس موحدة ولا يمكن أن تكون القدسالشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، وأنهم لن يقبلوا بعودة لاجئ فلسطيني واحد إلي أراضي 1948 بل انهم يرفضون حتي القيام بأي اعمال واجراءات مشجعة للفلسطينيين علي العودة للتفاوض مثل الافراج عن الفلسطينيين المعتقلين او إزالة الحواجز او انهاء حصار غزة. لذلك.. إن الاسرائيليين هم الأولي بأن تمارس واشنطن عليهم ضغوطها، وليس الفلسطينيين، ذلك إذا كانت الإدارة الأمريكية تبغي حقا اقامة سلام دائم في منطقتنا وحلا نهائيا للصراع العربي - الاسرائيلي وتريد أن تكون وسيطا نزيها في عملية صناعة هذا السلام. وهذا ما سوف يسمعه ميتشيل حينما يزور مصر في اطار جولته الجديدة الحالية للمنطقة والتي بدأها بلبنان ثم سوريا.. وسوف يسمع أيضا مجددا الرؤية المصرية لاطلاق المفاوضات، التي سبق أن سمعها هو ووزيرة الخارجية في واشنطن من وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط والوزير عمر سليمان ونتمني ألا يكتفي ميتشيل بأن يسمع فقط، بل أن يستوعب ويتفهم ويقتنع بالكلام المصري.