لاتزال السيرة النبوية مليئة بالأسرار والمفاجآت فمنا من يعتقد أن أهل قريش مجموعة من القرويين الجهلاء ولا تعرف نساؤهن سبيلاً للثقافة إلا أن الحقيقة مع البحث تتكشف وهو ما أثبته الشاعر والكاتب الصحفي عبدالناصر عيسوي الذي اكتشف أثناء تجميعه لمادة بحثه للدكتوراه حول بعض شعراء قريش أن للسيدة آمنة بنت وهب والدة الرسول صلي الله عليه وسلم أشعاراً وهو ما دفعه للقيام برحلة علمية شاقة استمرت لست سنوات متواصلة من البحث انتهت بإصدار ديوان شعر السيدة آمنة بنت وهب أم النبي. وينقسم الكتاب إلي ثلاثة أقسام الأول منها يضم مدخلاً تاريخياً يعرف بالسيدة آمنة والأحداث التاريخية التي مهدت لأشعارها أما الثاني فيعرض أشعارها ومن بينها رثاؤها أباها وزوجها والد الرسول وفي تعويذها لوليدها وفي رؤياها المبشرة ببعثة صلي الله عليه وسلم وفي القسم الثالث يعرض الكتاب ما تبقي من شعر والدها وهب ابن مناف. وعن أهمية اكتشاف شعر والدة رسول الإنسانية أوضح أن هذا الديوان يكشف السيدة التي اختارها الله لتؤدي مهمة الأمومة لخاتم النبيين صلي الله عليه وسلم هي من مثقفات عصرها فقد كانت الوسائل التعبيرية عن تلك الثقافة في ذلك الوقت هي الشعر أو الخطابة حيث كان الشعر هو الفن الأول الذي يتسع لجميع الثقافات والخبرات المعرفية لأهل هذا العصر وقد كانت السيدة آمنة أفضل سيدة في عصرها في كل شيء ولابد أن الله قد اختارها صديقة كما قال عن السيدة مريم رضي الله عنها: وأمه صديقة والشعر ممتنع عن الأنبياء فقط أما الصديقون فليس ممتنعاً عليهم وقد قام الإمام العلامة جلال الدين السيوطي - وهو الإمام المجدد علي رأس المائة العاشرة - قام بتأليف ستة كتب صغيرة رسائل ومقامة هي المقامة السندسية أثبت في كتبه هذه إيمان أبوي الرسول صلي الله عليه وسلم. ويشير إلي أن أهم الموضوعات التي احتواها الديوان هي إشعار ترثي فيه السيدة آمنة زوجها عبدالله وأبيها وهب بن عبدمناف بالإضافة لأشعار تهدهد بها وليدها رسول الله صلي الله عليه وسلم وأشعار توصي بها رسول الله صلي الله عليه وسلم منها قصيدة تذكر فيها علمها بأنه النبي العربي المبعوث إلي الأنام وهي تدل علي أنها كانت علي الحنيفية ملة سيدنا إبراهيم عليه السلام.