كتبت يوم العيد عن التهاني التي تصلنا عبر التليفون المحمول في شكل رسائل قصيرة.. ولكن فاتني أن أذكر أن البعض - أو القليل - ما زال يفضل الرسائل الطويلة ويكتب جملا وعبارات، يعبر فيها عن أفكار سامية من زمن فات وقد وصلتني إحدي تلك الرسائل التي تحتوي علي التهنئة وعلي السيارة التي تعود أحيانا إلي الخلف.. والرسالة من الدكتور (يوسف) وهذا نصها: الكاتبة العزيزة السيدة إيريني: أود أن أهنئكم بالعام الجديد و عيد ميلاد السيد المسيح.. ورسالته التي تدعو إلي المحبة و التسامح والسلام. قرأت مقالكم عن الفرق بين الصحفي و الكاتب وهو توضيح جيد.. وكذلك مقال التاكسي في جريدة اليوم (يقصد مقال "تاكسي السيئات"). انتبه السيارة تسير الي الخلف.. انتبه السيارة تسير إلي الخلف.. في السنة الجديدة نفسي ألاقي الناس مهتمة بمواضيع مثل كيف نسير إلي الأمام وليس للخلف.. ومثل كيف ننهض ببلدنا لكي يكون أفضل وأنظف وأجمل ونحافظ علي حضارتنا العريقة. لماذا لا نبدأ بموضوع مثل تشجيع السياحة وزيادة الوعي بأهمية هذا الموضوع.. ممكن هذا يكون مشروعا قوميا نتعاون جميعا علي تحقيقه.. لماذا يقل احساسنا بالجمال.. لماذا أصبحنا لا نجد أصيص الأزهار في الشرفات.. يا سلام علي رائحة الياسمين والفل والورد البلدي.. أين النرجس والتمر حنة و حنك السبع؟ أتشوق لرائحة القرنفل البلدي المميز والذي تفوح رائحته الطيبة في الأجواء. لا أنسي رائحة مسك الليل الجميلة التي تعطر المكان.. ممكن ببساطة نزرع و لو إصيص صبار صغير علي جانب الشباك.. لابد أن نحافظ علي بلدنا وشوارعنا وأرصفتنا نظيفة.. لابد من المحافظة علي البيئة التي نعيش فيها. لابد أن نحافظ علي تراثنا الحضاري ونعرف قيمته.. إن مصر من أغني بلاد العالم في الآثار.. لدينا آثار فرعونية ورومانية وقبطية وإسلامية وفاطمية وعثمانية.. آثار من كل العصور.. أتمني أن نشجع السياح لزيارة مصر بحيث يتساوي عدد السائحين مع عدد المواطنين.. وهذا ليس مستحيلا.. إذ أن عدد السياح في فرنسا أو اسبانيا أو تونس يقترب من تعداد المواطنين. أرجو ألا أكون قد أثقلت عليكم و يا ليتك تنقلي عني كأحد القراء ما شئت من الأماني لبلدنا وناس بلدنا. أمنيات سعيدة وسنة جديدة.. و كل عام وأنتم بخير.. وهكذا انتهت رسالة الدكتور يوسف الذي يقول أن سيارة بلدنا تعود للخلف في بعض الأحيان.. ولكنه يؤمن أنها تستطيع أن تسير للأمام لو كان هناك بعض الاهتمام.. ويضع السياحة نصب عينيه ولكنه يعي جيدا أن المفتاح الأول لها هو المظهر الراقي، بل والجميل لبلدنا.. أشكر الدكتور يوسف علي التهنئة وعلي فكرته الراقية، وسنظل مؤمنين بأن السيارة سوف تتقدم، وسندعو معه إلي عودة الإحساس بالجمال والنظافة لأن هذا مظهر من مظاهر التقدم الذي سيجعل السيارة حتما تسير إلي الأمام ولا تعود للخلف..