مفارقة غريبة عندما تناقض تيارات شعاراتها الداعية للالتزام بالديمقراطية أدني ممارسات العمل النزيه داخلها.. كيف إذن يستطيع القائمون علي شئون جماعة مثل الإخوان اقناع عناصرها أو قوي المعارضة أو المواطن العادي بحملات تتحدث عن الشفافية والنزاهة وهي تستخدم من التزوير والتلاعب باللوائح الداخلية وسيلة لتحقيق اجنداتهم الخاصة. انتخابات الجماعة الداخلية والتي جرت مؤخرًا علي مقاعد مكتب الإرشاد وعلي مقعد المرشد تنافت مع معايير الاقتراع الحر المباشر وسط اعتراضات وتحفظات من كوادر وشباب الجماعة.. في حين واجه فريق المحافظين المسيطرين علي الجماعة بضرورة الالتزام بما يسمونه بالشوري الممثلة في الانتخابات لاستمرار جهادهم كفاحهم مع الآخرين حسب مضمون قسم البيعة الذي يدلي به أعضاء مكتب الإرشاد الجدد. اللافت هو تجاهل منظمات حقوق الإنسان تلك الممارسات دون الإشارة في أي تقرير أو بيان لذلك التناقض في الخطاب والممارسة، وأرجع عدد من النشطاء ذلك إلي غموض العملية الانتخابية لمكتب الإرشاد وعدم الشفافية من الإعلان عن الخطوات والإجراءات المتبعة خاصة أن الجماعة تنظيم دعوي يفتقد لآلية العمل السياسي المتعارف عليه. ووصف د.أحمد كمال أبوالمجد نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان ذلك الموقف بالغريب لعدم إعطاء الفرصة للإخوان في الجماعة للمشاركة في التصويت بالانتخابات الداخلية وقال أبو المجد إن الجماعة ليست مقدسة وبالتالي قد يتحرك كوادرها بهدف مصالحهم الشخصية. واعتبر حافظ أبوسعدة الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان أن المنظمات لم تستطع القيام بأي شكل من أشكال المراقبة علي انتخابات مكتب الإرشاد لأن الجماعة ليست حزبًا شرعيًا تعقد له جمعية عمومية معلنة أمام الرأي العام قائلاً لولا الاختلاف الذي حدث بين قيادات الإخوان لما عرفنا حقيقة ما يدور داخل أروقة مكتب الإرشاد، وهذا أمر خطير علي حد وصفه. واعتبر أبوسعدة حرمان النساء من الأدلاء بأصواتهن في انتخابات الجماعة أمر يتعارض مع موقف الجماعة نفسها بشأن ترشيح بعض السيدات من داخل الجماعة لخوض الانتخابات البرلمانية متسائلاً كيف توافق الجماعة علي ترشيح إخواتها لخوض المعارك الانتخابية ثم تعود هي وتمنعهن عن ممارسة أبسط حقوقهن وهو حق التصويت؟! وأضاف أبوسعدة أن فكرة إقصاء الجانب الفكري المستنير داخل الجماعة لصالح الجانب المتشدد يعكس أزمة حقيقية في فكر الإخوان ويدخل الجماعة في مرحلة جديدة مع السلطة والقوي السياسية المعارضة التي لم تسفر عن أي توافق أو تراض عام بين هذه الأطراف. وربط صلاح سليمان رئيس مؤسسة النقيب للتدريب وبين شعارات الجماعة الدينية وبين ممارساتها الداخلية، وقال إن كل ذلك يهدف إلي الوصول للسلطة، مشيرًا إلي أنه لا يوجد تيار إصلاحي داخل الجماعة ولكن يوجد تيار متشدد وآخر أكثر تشددًا لأن هذه مصطلحات اخترعها الإخوان للاندماج في الحياة السياسية ولا نخرج ذلك عن كونه مناورات. وشدد سليمان علي أن الجماعة لا يهمها سوي مصالحها وأهدافها الخاصة راويًا موقف الجماعة عندما نظمت القوي المعارضة بمظاهرة احتجاج لغزو العراق في 3002 الماضي حيث مثل الجماعة وقتها د.عبدالمنعم أبوالفتوح وعصام العريان وقاما بإجهاض جميع الجهود المتفق عليها وقتها مستطردًا أبوالفتوح قال لي بالحرف الواحد وقتها هذا ما نريده.. ولا يعنينا أي اتفاقات أخري! يأتي ذلك وقت أن رصدت فيه الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية في تقرير صدر عنها الشهر الماضي ما حدث في انتخابات مكتب إرشاد الجماعة مستندة إلي مطالبات الشباب بإعادة انتخاب كل أعضاء مكتب الإرشاد بالاقتراع الحر المباشر من جموع الإخوان بعد تغيير اللائحة الداخلية مع إعطاء الفرصة لأخوات الجماعة للاختيار والمشاركة في التصويت، لافتًا إلي مذكرة القيادي حامد الدفراوي للمرشد مهدي عاكف والتي تحدث فيها عن تزوير اللائحة لإجراء الانتخابات الداخلية. وأشار التقرير إلي أنه رغم طلب الجماعة تأسيس حزب سياسي مدني إلا أن خطابها يتنافي مع ذلك بدليل رفضها أن تشغل المرأة مقعد رئيس الجمهورية وأن يشغل الأقباط ذات المنصب إضافة لاقتراحهم بإنشاء هيئة استشارية ذات طابع ديني لمراجعة القرارات المهمة. وانتقد ماجد سرور مدير مؤسسة عالم واحد للتنمية ورعاية المجتمع تلاعب الجماعة بنتائج الانتخابات ثم توجه اللوم للقوي السياسية الأخري معتبرًا أن التجربة الأخيرة لمكتب الإرشاد أصابت المهتمين بالإصلاح السياسي الحقيقي بالاحباط وخيبة الأمل. فيما تري داليا زيادة المدير التنفيذي لمنظمة المؤتمر الإسلامي بمصر أن الجماعة حكمت علي نفسها بالإعدام بعد إقصائها للكوادر الشابة داخلها قائلة إن ترشيحها لبعض القيادات النسائية داخلها لخوض المعركة الانتخابية في 5002 هو مجرد وسيلة لتجميل الصورة فقط محذرة من نتائج سيطرة الجانب المتشدد في الجماعة عليها. وتساءل سعيد عبدالحافظ مدير ملتقي الحوار للتنمية وحقوق الإنسان قائلاً: ماذا كان يتوقع المجتمع من الإخوان فهي جماعة ذات وجهين الأول: سري يمتلك مليارات الجنيهات ويخدع المواطنين لاستخدامهم وقت اللزوم.. والثاني: دعوي رغم انهم اثبتوا علي مر التاريخ فشلهم في إرساء أي قاعدة فقهية واحدة علي حد تعبيره مشيرًا إلي إنهم يجادلون فقط في القضايا التافهة. وأضاف عبدالحافظ إن جميع قيادات المحظورة جاءت عبر مبدأ السمع والطاعة بعيدًا عن قواعد الانتخابات الحرة النزيهة مؤكدًا أن ذلك يتناقض مع آليات العمل المدني. عبدالله خليل الخبير الحقوقي قال إن تجربتهم الأخيرة كشفت عن ممارستهم التمييزية ضد المرأة وسيطرة الفكر السلفي علي الجماعة نافيًا ما تدعيه قيادات الإخوان من اتباع منهجية إصلاحية مستنيرة.