ماذا يمكن لأوروبا أن تتعلم من تجربتي التعايش بين المسلمين والمسيحيين في مصر ولبنان؟ هل هناك عوامل مشتركة بين تجربة مسلمي أوروبا وتجربة مسيحيي الشرق؟ هل يمكن أن تستفيد أوروبا من تجربة التعايش بين المسلمين والمسيحيين في مصر ولبنان؟ كلها تساؤلات دارت حولها ندوة أقيمت في مؤسسة دويتشه فيلله الألمانية ضمن مشروع "القاهرةبيروت" الثقافي وحملت عنوان "لنتعلم من الشرق الأوسط: حوار الأديان في ألمانيا". اعتبر عمرو حمزاوي كبير الباحثين بمعهد كارنيجي للسلام أن هناك صعوبة في المقارنة بين تجربتي مصر ولبنان وبين التجربة الأوروبية. ويقدم حمزاوي صورة قاتمة عن أوضاع الأقلية المسيحية في مصر متهماً المثقفين ووسائل الإعلام والأحزاب السياسية، سواء الحزب الحاكم أو أحزاب المعارضة، بأنها لا تتعامل مع هذه القضية "بصورة حقيقية" بل تعتمد "خطاباً احتفالياً يستشهد بالوحدة الوطنية كلما حدثت صدامات طائفية في الصعيد". ويؤكد حمزاوي علي وجود ما يصفها ب"معضلات حقيقية وكبيرة" لما يتعلق بوضع الأقباط في مصر ويستشهد بالمادة الثانية من الدستور المصري، التي تنص علي أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع، ما يعني برأيه "منعاً عملياً لمسألة حرية الأديان". واتفق معه عبد الرؤوف سنو المؤرخ اللبناني فيرفض المقارنة أصلا بين الشرق الأوسط وأوروبا واستحضار التجربتين المصرية واللبنانية ويقول في مقابلة مع دويتشه فيله: "إن التجربة اللبنانية تجربة طائفية وليست إيجابية حتي يتعلم منها الناس". وبالرغم من أن سنو صاحب موسوعة "حرب لبنان" يرفض تسمية الحرب اللبنانية بين عامي 1975 و1990 بالأهلية والقائمة لأسباب دينية، فإنه يرسم صورة قاتمة لوضع المسيحيين في العالم العربي ويضيف: "المسيحيون في المشرق العربي لا يتمتعون بالحرية الدينية مقارنة بالمسلمين في أوروبا، باستثناء لبنان وسوريا وإلي حد ما الأردن". من جانبه، تساءل جورج خوري مدير مشروع "القاهرةبيروت" ان كان من الأفضل لدول الشرق الأوسط أن تقتدي هي بأوروبا وتتعلم من تجاربها، خصوصاً وأنها تتكون من دول تقوم أنظمتها علي أسس ودساتير ديمقراطية تفتقر إليها معظم الدول العربية والإسلامية. وأضاف أن التعايش بين المسلمين والمسيحيين في العالمين العربي والإسلامي لم يكن سلميا علي وجه الدوام مذكرا بالحروب الأهلية في لبنان. لكن الباحث اللبناني يوسف كمال الحاج، عضو لجنة الفاتيكان للحوار مع المسلمين، يري أن التجربة اللبنانية "فريدة وغنية" وفيها دروس يمكن للغرب أن يستفيد منها لأن لبنان برأيه "ليس بلد الأديان والطوائف والتنوع فحسب، بل هو بلد ضمان الحريات والحقوق لهذه الطوائف". ويضيف الفيزيائي، الذي عينه البابا الراحل يوحنا بولس الثاني في لجنة الحوار مع المسلمين، أن أهمية التجربة اللبنانية تكمن بأنها تقوم علي "نظام عريق قائم احترام سلة من الحقوق الفردية وحقوق الجماعات الروحية والجماعات الثقافية". وفي حين أشادت بتينا ماركس الصحفية الألمانية ب"خصوصية التجربة اللبنانية" إلا أنها طرحت عدة تساؤلات حول "الزواج المختلط" واضطرار أبناء الأديان والطوائف المختلفة إلي السفر إلي دول أوروبية، كقبرص مثلا، للزواج لأن القانون اللبناني لا ينص علي وجود زواج مدني. فالزواج برأي ماركس "موضوع أساسي يبين واقع المجتمعات الحقيقي وفيما إذا كانت منفتحة أم لا؟ " وختمت ماركس ملاحظاتها بالتطرق إلي الديمقراطية في لبنان وفيما إذا كان من الضروري التمسك بهذه "الصيغة الطائفية التي تحافظ علي التعايش وعلي الوجود المسيحي". وطرحت ماركس سؤالا آخر "فيما إذا تعد الديمقراطية العددية، الديمقراطية القائمة علي أسس غير دينية وطائفية، نهاية المسيحية في لبنان".